للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَفْئِدَةُ) جَمْعُ فُؤَادٍ وَهُوَ بِمَعْنَى الْقَلْبِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: قَبْلُ، وَتَعْتَقِدُهُ الْقُلُوبُ، وَالِاعْتِقَادُ هُوَ الرَّبْطُ وَالْجَزْمُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ وَالتَّقْلِيدِ، فَإِنْ كَانَ جَازِمًا مُطَابِقًا لِمُوجِبٍ فَهُوَ الْعِلْمُ، وَإِنْ كَانَ جَازِمًا لَا لِمُوجِبٍ فَهُوَ التَّقْلِيدُ وَمِنْ فِي قَوْلِهِ: (مِنْ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ) لِلتَّبْعِيضِ؛ لِأَنَّ وَاجِبَ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ نُطْقًا أَوْ اعْتِقَادًا، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِبَيَانِ الْجِنْسِ فَيَكُونُ مُرَادُهُ مَا يَجِبُ اعْتِقَادًا وَنُطْقًا، وَقَدْ اشْتَمَلَ هَذَا الْبَابُ عَلَى مِائَةِ عَقِيدَةٍ فَأَكْثَرَ تَرْجِعُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ فِيمَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَقِسْمٌ فِيمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ، وَقِسْمٌ فِيمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ. وَبَدَأَ بِمَا

ــ

[حاشية العدوي]

الْقَلْبِ] أَيْ لَا بِمَعْنًى دَاخِلِ الْقَلْبِ كَمَا قِيلَ بِهِ، وَقِيلَ: الْفُؤَادُ الْغِشَاءُ الَّذِي عَلَى الْقَلْبِ، وَإِسْنَادُ الِاعْتِقَادِ لِلْقَلْبِ مَجَازٌ إنْ أُرِيدَ الْقَلْبُ الْجُسْمَانِيُّ أَوْ الْعَقْلُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَقِدَ إنَّمَا هُوَ النَّفْسُ وَحَقِيقَةٌ إنْ أُرِيدَ الرُّوحُ الَّتِي هِيَ النَّفْسُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَ الْقَرَافِيُّ مِنْ أَنَّ الْقَلْبَ لَطِيفَةٌ رَبَّانِيَّةٌ وَهِيَ الْمُخَاطَبَةُ الَّتِي تُثَابُ وَتُعَاقَبُ وَتُسَمَّى رُوحًا وَنَفْسًا اهـ.

[قَوْلُهُ: وَالْجَزْمُ] عَطْفُ مُرَادِفٍ. [قَوْلُهُ: وَيُطْلَقُ] أَيْ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ الظَّنُّ تَحْتَ الرَّبْطِ وَالْجَزْمِ، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ الِاعْتِقَادَ لَهُ إطْلَاقَانِ، إلَّا أَنَّهُ سَاقَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعَقِيدَةِ عَلَى أَنَّهُمَا تَقْرِيرَانِ، فَنَقَلَ الْأَوَّلَ عَنْ ق، وَالثَّانِيَ عَنْ ك. [قَوْلُهُ: وَالتَّقْلِيدِ] هُوَ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْغَيْرِ أَيْ اعْتِقَادُ صِحَّةِ مَضْمُونِ قَوْلِ الْغَيْرِ، فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ دُخُولِهِ تَحْتَ الِاعْتِقَادِ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْإِطْلَاقَ الثَّانِيَ أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ لِشُمُولِهِ الظَّنَّ وَالْأَوَّلُ لَمْ يَشْمَلْهُ. [قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ جَازِمًا] أَيْ فَإِنْ كَانَ الِاعْتِقَادُ جَازِمًا، وَإِسْنَادُ جَازِمًا لِلِاعْتِقَادِ مَجَازٌ إذْ الَّذِي يَسْتَنِدُ إلَيْهِ حَقِيقَةُ نَفْسِ الشَّخْصِ. [قَوْلُهُ: لِمُوجِبِ] أَيْ الدَّلِيلُ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ جَازِمًا لَا بِقَوْلِهِ مُطَابِقًا؛ لِأَنَّ الْمُطَابَقَةَ لِلْوَاقِعِ. [قَوْلُهُ: فَهُوَ التَّقْلِيدُ] وَهُوَ صَحِيحٌ إنْ طَابَقَ الْوَاقِعَ غَيْرُ صَحِيحٍ إنْ لَمْ يُطَابِقْ.

[قَوْلُهُ: أُمُورٌ إلَخْ] أَيْ شُئُونٌ وَجَمَعَ الدِّيَانَاتِ مَعَ أَنَّ الدِّينَ وَاحِدٌ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ وَبِاعْتِبَارِ الْمُكَلَّفِينَ قَالَهُ تت

[قَوْلُهُ: لِلتَّبْعِيضِ إلَخْ] فِيهِ أَنَّ مَصْدُوقَ الْوَاجِبِ النُّطْقُ وَالِاعْتِقَادُ وَالْعَمَلُ وَمَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ مُتَعَلِّقُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ النُّطْقِ وَالِاعْتِقَادِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ أَوْ لِلتَّبْعِيضِ؟ .

وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافٌ فِي الْمُصَنَّفِ مِنْ أَيْ مُتَعَلِّقِ وَاجِبٍ، وَالتَّبْعِيضُ وَالْجِنْسِيَّةُ بِاعْتِبَارِهِ فِي الْمَعْنَى. [قَوْله: أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ نُطْقًا أَوْ اعْتِقَادًا] أَيْ بِأَنْ يَكُونَ عَمَلًا فَيَكُونُ الْفَرْدَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ اللَّذَانِ هُمَا مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَمَا تَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ بَعْضًا مِنْ هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ، بَقِيَ فِي الْمَقَامِ بَحْثٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبَعْضِيَّةَ لِلشَّيْءِ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِنْ قَبِيلِ الْكُلِّ لَا مِنْ قَبِيلِ الْكُلِّيِّ الَّذِي اقْتَضَاهُ تَعْبِيرُهُ بِقَوْلِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ كَذَا أَوْ كَذَا، فَقَدْ تَسَمَّحَ فِي التَّعْبِيرِ [قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ إلَخْ] أَيْ جِنْسُ الَّذِي تَنْطِقُ إلَخْ، أَيْ جِنْسٌ هُوَ الَّذِي تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ هُوَ وَاجِبُ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ، فَيَكُونُ وَاجِبُ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ خُصُوصُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ، لَكِنْ يَأْتِي بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ وَاجِبِ أُمُورِ الدِّيَانَاتِ الْعَمَلُ.

[قَوْلُهُ: اعْتِقَادًا وَنُطْقًا] بِالْوَاوِ وَهُوَ الصَّوَابُ دُونَ مَا فِي نُسْخَةٍ أُخْرَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِأَوْ. [قَوْلُهُ: عَلَى مِائَةِ عَقِيدَةٍ] تُطْلَقُ الْعَقِيدَةُ عَلَى الْقَضِيَّةِ وَعَلَى نِسْبَتِهَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْ اشْتِمَالِ الْكُلِّ عَلَى أَجْزَائِهِ، وَعَلَى الثَّانِي مِنْ اشْتِمَالِ الدَّالِّ عَلَى الْمَدْلُولِ فَتَأَمَّلْ.

[قَوْلُهُ: تَرْجِعُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ] مِنْ رُجُوعِ الْكُلِّ إلَى أَجْزَائِهِ بِمُلَاحَظَةِ التَّفْصِيلِ فِي الْأَقْسَامِ. [قَوْلُهُ: فِيمَا يَجِبُ إلَخْ] مِنْ ظَرْفِيَّةِ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ عَلَى مَا حَقَّقَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْمَعَانِيَ قَوَالِبُ لِلْأَلْفَاظِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُسْتَحْضَرُ أَوَّلًا، ثُمَّ يُؤْتَى بِلَفْظٍ عَلَى طِبْقِهَا وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَقَائِدَ تُطْلَقُ عَلَى الْقَضَايَا فَأَقْسَامُهَا كَذَلِكَ وَمَا يَجِبُ لِلَّهِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَعْنَى أَوْ مِنْ ظَرْفِيَّةِ الْجُزْئِيِّ فِي الْكُلِّيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَقَائِدَ مُرَادٌ مِنْهَا الْمَعَانِي فَأَقْسَامُهَا كَذَلِكَ، فَالْقِسْمُ جُزْئِيٌّ وَمَا يَجِبُ لِلَّهِ مَعْنًى كُلِّيٌّ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ فَإِنْ قُلْت: مَا هُوَ الْوَاجِبُ وَمَا هُوَ الْمُسْتَحِيلُ وَمَا هُوَ الْجَائِزُ؟ قُلْت.

قَالَ بَعْضٌ: إنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إلَى مَا يَجِبُ لِلَّهِ بِقَوْلِهِ: الْعَالِمُ الْخَبِيرُ إلَى قَوْلِهِ: الْبَاعِثُ، وَأَشَارَ إلَى الْمُسْتَحِيلِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: لَا إلَهَ غَيْرُهُ إلَى قَوْلِهِ: الْعَالِمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>