للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْآيَةِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالصِّيَامِ وَالْقِيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَيُكْرَهُ تَعْظِيمُهُ بِالتَّزْوِيقِ وَالْوَقُودِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(وَلَا يَقْرَبُ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ الْأَفْصَحُ (الصَّائِمُ) فَاعِلُهُ (النِّسَاءَ) مَفْعُولُهُ (بِوَطْءٍ لَا مُبَاشَرَةَ وَلَا قُبْلَةَ لِلَّذَّةِ) أَمَّا الْوَطْءُ فَحَرَامٌ إجْمَاعًا، وَأَمَّا مَا بَعْدَهُ فَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَقِيلَ حَرَامٌ وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ لِعَطْفِهِ عَلَى الْمُحَرَّمِ إجْمَاعًا وَلِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي لَيْلَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَسَلِمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ لِلَّذَّةِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي إبَاحَةَ الْقُبْلَةِ لِغَيْرِ اللَّذَّةِ قَائِلًا وَقَدْ تُحْدِثُ اللَّذَّةَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا، وَالصَّوَابُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْقُبْلَةَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا مُطْلَقًا فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ لِشَيْخٍ أَوْ شَابٍّ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمَشْهُورِ قَالَهُ ع، وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفْلِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: (فِي نَهَارِ رَمَضَانَ) يَرُدُّهُ ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ هَذَا زِيَادَةً فِي الْإِيضَاحِ فَقَالَ: (وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْوَطْءِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَالْقُبْلَةِ لِلَّذَّةِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الصَّائِمِ (فِي لَيْلَةٍ) أَيْ لَيْلِ رَمَضَانَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧] وَإِنَّمَا يَسْتَوِي اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ فِي حَقِّ الْمُعْتَكِفِ وَالْمُحْرِمِ.

وَقَوْلُهُ: (وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصْبِحَ) الصَّائِمُ (جُنُبًا مِنْ الْوَطْءِ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ، قِيلَ: وَمَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا وَلَمْ يَتَطَهَّرْ إلَخْ.

(وَمَنْ الْتَذَّ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ قُبْلَةٍ فَأَمْذَى لِذَلِكَ) أَيْ لِلْمُبَاشَرَةِ أَوْ الْقُبْلَةِ (فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ) وُجُوبًا مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْذِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَنْعَظَ وَهُوَ قَوْلُ: ابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا حَرَّكَ ذَلِكَ مِنْهُ لَذَّةً وَأَنْعَظَ كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ (وَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ) أَيْ الْمُبَاشَرَةَ وَالْقُبْلَةَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالزَّبُورُ وَخَصَّ الْقُرْآنَ لِأَعْظَمِيَّتِهِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَقْرَبُ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ الْأَفْصَحُ] أَيْ لِكَوْنِهَا لُغَةَ الْقُرْآنِ كَمَا قَالَ تت.

[قَوْلُهُ: فَقِيلَ مَكْرُوهٌ وَقِيلَ حَرَامٌ] يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا تُنَافِي فَتُحْمَلُ الْحُرْمَةُ إذْ لَمْ تُعْلَمْ السَّلَامَةُ وَالْكَرَاهَةُ حَيْثُ عُلِمَتْ، وَمُحَصَّلُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلشَّابِّ وَالشَّيْخِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً أَنْ يُقَبِّلَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ وَهُوَ صَائِمٌ أَوْ يُبَاشِرَ أَوْ يُلَاعِبَ، وَكَذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ أَوْ يَذْكُرَ إذَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ السَّلَامَةَ مِنْ مَنِيٍّ وَمَذْيٍ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ السَّلَامَةِ أَوْ شَكَّ فِيهَا حَرُمَتْ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي لَيْلِهِ] إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْتَكِفًا أَوْ مُحْرِمًا أَوْ صَائِمًا فِي كَفَّارَةِ ظِهَارٍ فَيَسْتَوِي عِنْدَهُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ.

[قَوْلُهُ: قَائِلًا] حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ بَعْضُهُمْ أَيْ وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ اللَّذَّةَ فِي حَالِ كَوْنِهِ قَائِلًا.

وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ ظَاهِرَهُ تَعْلِيلٌ مِنْ الشَّارِحِ بَيَانٌ لِوَجْهِ الِاعْتِرَاضِ. [قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا] أَرَادَ بِالْمَنْعِ النَّهْيَ الشَّامِلَ لِنَهْيِ الْكَرَاهَةِ وَنَهْيِ الْحُرْمَةِ، أَيْ أَنَّ الصَّوَابَ النَّهْيُ وُجِدَتْ لَذَّةٌ أَمْ لَا.

وَأَجَابَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِلَّذَّةِ عَنْ الْقُبْلَةِ لِلْوَدَاعِ أَوْ الرَّحْمَةِ مِمَّا لَا الْتِذَاذَ بِهِ عَادَةً.

[قَوْلُهُ: مَنْهِيٌّ عَنْهَا] أَيْ نَهْيُ كَرَاهَةٍ أَوْ تَحْرِيمٍ كَمَا تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ] بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمَشْهُورِ] أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلتَّعْمِيمَيْنِ إذْ رَوَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تُبَاحُ لِلشَّيْخِ وَتُكْرَهُ لِلشَّابِّ.

وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ فِي النَّفْلِ مُطْلَقًا وَتُمْنَعُ فِي فَرْضٍ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ حَكَاهَا عِيَاضٌ.

[قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ] الْحُكْمُ مُسَلَّمٌ وَالنَّظَرُ إنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ شُمُولُ الْعِبَارَةِ لَهُ.

[قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْمُعْتَكِفِ وَالْمُحْرِمِ] أَيْ وَالْمُظَاهِرُ كَمَا تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: تَكْرَارٌ] قَدْ يُقَالُ لَا تَكْرَارَ؛ لِأَنَّ مَا قَسَّمَهُ لِبَيَانِ كَوْنِ الصَّوْمِ صَحِيحًا، وَمَا هُنَا لِبَيَانِ جَوَازِ الْإِصْبَاحِ بِالْجَنَابَةِ، وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِلَا بَأْسٍ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَالْجَوَازُ الَّذِي قُلْنَاهُ بِذَلِكَ الْمَعْنَى.

[قَوْلُهُ: بِمُبَاشَرَةٍ] أَيْ وَلَوْ بِبَعْضِ أَعْضَائِهِ كَرِجْلٍ [قَوْلُهُ: أَيْ لِلْمُبَاشَرَةِ أَوْ الْقُبْلَةِ] وَمِثْلُهُمَا الْفِكْرُ وَالنَّظَرُ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْمَذْيِ النَّاشِئِ عَنْهُمَا أَوَّلًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَذْيِ الْقَضَاءَ فَقَطْ نَشَأَ عَنْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ قُبْلَةٍ أَوْ فِكْرٍ أَوْ نَظَرٍ اسْتَدَامَ مَا ذَكَرَ أَوْ لَا.

قَالَ تت: وَظَاهِرُهُ أَيْ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ الْتَذَّ إلَخْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَقِيلَ: لَا قَضَاءَ عَلَى النَّاسِي اهـ.

[قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ] أَيْ وَلَوْ نَسِيَ كَوْنَهُ فِي رَمَضَانَ [قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ] بَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>