(وَالذُّرَةُ) بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ (كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا صِنْفٌ) عَلَى حِدَتِهِ (لَا يُضَمُّ إلَى الْآخَرِ) عَلَى الْمَذْهَبِ لِتَبَايُنِ مَقَاصِدِهَا وَاخْتِلَافِ صُوَرِهَا فِي الْخِلْقَةِ.
وَقَوْلُهُ: (فِي الزَّكَاةِ) إشَارَةٌ لِمَنْ يَقُولُ إنَّهَا كُلَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ فِي الرِّبَا (وَإِذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ أَصْنَافٌ) ثَلَاثَةٌ (مِنْ التَّمْرِ) جَيِّدٌ وَرَدِيءٌ وَوَسَطٌ (أَدَّى الزَّكَاةَ عَنْ الْجَمِيعِ مِنْ وَسَطِهِ) عَلَى الْمَشْهُورِ، أَمَّا إنْ كَانَ فِيهَا نَوْعٌ وَاحِدٌ أُخِذَتْ مِنْهُ جَيِّدًا كَانَ أَوْ رَدِيئًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْوَسَطِ وَلَا بِالْأَفْضَلِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعَانِ جَيِّدٌ وَرَدِيءٌ أُخِذَ مِنْ كُلِّ مَا يُصِيبُهُ بِحِصَّتِهِ وَلَوْ كَانَ الرَّدِيءُ قَلِيلًا لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ تُؤْخَذَ زَكَاةُ كُلِّ عَيْنٍ مِنْ أَصْلِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «زَكَاةُ كُلِّ مَالٍ مِنْهُ» فَخَصَّتْهُ السُّنَّةُ بِالْمَاشِيَةِ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْ الْوَسَطِ وَبَقِيَ مَا سِوَاهُ عَلَى الْأَصْلِ قَالَهُ ك.
(وَيُزَكَّى الزَّيْتُونُ إذَا بَلَغَ حُبُّهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ) عَلَى الْمَشْهُورِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] وَعُمُومُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» .
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَا زَكَاةَ فِيهِ وَلَا فِي كُلِّ مَا لَهُ زَيْتٌ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُقْتَاتٍ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ بِتَزْكِيَتِهِ إذَا بَلَغَ النِّصَابَ أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ مِنْ زَيْتِهِ لَا مِنْ حَبِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ الْعُشْرُ إنْ سُقِيَ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ وَنِصْفُ الْعُشْرِ إنْ سُقِيَ بِمَشَقَّةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الزَّيْتِ بُلُوغُهُ نِصَابًا بِالْوَزْنِ وَإِنَّمَا الشَّرْطُ بُلُوغُ الْحَبِّ نِصَابًا كَمَا صَرَّحَ
ــ
[حاشية العدوي]
كَرُسُلٍ وَرَسْلٍ وَرُزٍّ وَتَرْزٍ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ، فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ أَحَدُهَا ضَمُّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ أَيْ إمَّا مَعَ تَشْدِيدِ الزَّايِ أَوْ تَخْفِيفِهَا فَيَكُونُ الْبَاقِي خَمْسَةً. [قَوْلُهُ: وَالذُّرَةُ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: حَبٌّ مَعْرُوفٌ وَمِنْهُ أَبْيَضُ وَأَسْوَدُ. [قَوْلُهُ: لَا يُضَمُّ إلَى الْآخَرِ عَلَى الْمَذْهَبِ] وَقِيلَ: هِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي.
[قَوْلُهُ: لِتَبَايُنِ مَقَاصِدِهَا] هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي بَعْضِ الْقَطَانِيِّ كَالتُّرْمُسِ وَالْجُلْبَانِ. [قَوْلُهُ: إشَارَةً لِمَنْ يَقُولُ إنَّهَا كُلَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ فِي الرِّبَا] أَيْ فَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهَا أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُهُ إلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ مَشْهُورٌ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: أَصْنَافٌ إلَخْ] فَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعَةٌ أَعْلَى وَدُونَ وَدُونَ وَدُونَ كَانَ الْوَسَطُ صِنْفَيْنِ إذْ الطَّرَفَانِ أَعْلَاهَا وَأَدْنَاهَا، وَيَبْقَى النَّظَرُ إذَا كَانَتْ خَمْسَةً مُتَفَاوِتَةً فَهَلْ الْوَسَطُ الثَّالِثُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ مَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ، وَإِنَّمَا خَالَفَ التَّمْرُ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ التَّمْرِ مَا يَنُوبُهُ لَشَقَّ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ مَا فِي الْحَائِطِ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَقِيلَ: يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ بِحِسَابِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ إخْرَاجُ زَكَاةِ كُلِّ مَالٍ مِنْهُ اسْتَثْنَى الشَّرْعُ مِنْهُ أَخْذَ الرَّدِيءِ مِنْ الْمَاشِيَةِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِهِ.
قَالَهُ تت. وَمِثْلُ أَصْنَافِ التَّمْرِ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ الْوَسَطِ أَصْنَافُ الزَّبِيبِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَإِنَّمَا أَجْزَأَ ذَلِكَ رِفْقًا بِالْمُزَكِّي وَبِالْفُقَرَاءِ إذْ لَوْ أُخِذَ مِنْ الْأَعْلَى عَنْ الْجَمِيعِ لَأَضَرَّ رَبَّ الْمَالِ أَوْ مِنْ الْأَدْنَى عَنْ الْجَمِيعِ لَأَضَرَّ بِالْفُقَرَاءِ فَكَانَ الْعَدْلُ الْوَسَطَ، وَسَكَتَ عَمَّا لَوْ أُخْرِجَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِحَسَبِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ وَسَطِهَا لِوُضُوحِ أَمْرِهِ وَهُوَ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ.
[قَوْلُهُ: بِحِصَّتِهِ] لَا حَاجَةَ لَهُ [قَوْلُهُ: مِنْ أَصْلِهِ] الْأَوْلَى مِنْ أَصْلِهَا. [قَوْلُهُ: فَخَصَّتْهُ السُّنَّةُ] أَيْ فَأَخْرَجَتْ السُّنَّةُ مِنْ عُمُومِهِ الْمَاشِيَةَ بِسَبَبِ أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ الْوَسَطِ. [قَوْلُهُ: وَبَقِيَ مَا سِوَاهُ] الْأَوْلَى مَا سِوَاهَا قَالَ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ ذَلِكَ قُلْت: وَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَتَأَتَّى عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا كَانَتْ الْأَصْنَافُ ثَلَاثَةً جَيِّدًا وَرَدِيئًا وَوَسَطًا، وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِالْأَخْذِ مُطْلَقًا.
[قَوْلُهُ: إذَا بَلَغَ حَبُّهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ] أَيْ مُقَدَّرَةُ الْجَفَافِ. [قَوْلُهُ: عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ] أَيْ صِحَّةٌ جَارِيَةٌ عَلَى قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُقْتَاتُ لَا زَكَاةَ فِيهِ.
قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَهُوَ وَإِنْ لَمْ يُقْتَتْ فَلَهُ مَدْخَلٌ فِيهِ إذْ هُوَ مُصْلَحٌ لِلْقُوتِ. [قَوْلُهُ: بِتَزْكِيَتِهِ] أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِتَزْكِيَتِهِ. الْمَشْهُورُ وَقَوْلُهُ إذَا بَلَغَ مُتَعَلِّقٌ بِتَزْكِيَتِهِ. [قَوْلُهُ: لَا مِنْ حَبِّهِ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: الصَّوَابُ قَوْلُ