للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِجْرِهَا فَكَانَتْ تُخْرِجُ مِنْ أَمْوَالِنَا الزَّكَاةَ، وَفِيهِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: اتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لِئَلَّا تَأْكُلَهَا الزَّكَاةُ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُفْعَلُ وَلَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ وَلَا يُخْرِجُ وَلِيُّ الْأَيْتَامِ الزَّكَاةَ عَنْهُمْ إلَّا بَعْدَمَا يُرْفَعُ أَمْرُهُ لِلْإِمَامِ، وَمِثْلُ الْأَصَاغِرِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي أَمْوَالِهِمْ الْمَجَانِينُ وَقَوْلُهُ: (وَزَكَاةُ الْفِطْرِ) رُوِيَ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ لِخَبَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَعَلَيْهِمْ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَبِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ.

(وَلَا زَكَاةَ عَلَى عَبْدٍ) قِنٍّ (وَلَا عَلَى مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ) كَالْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُعْتَقِ بَعْضُهُ زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى سَادَاتِهِمْ عَنْهُمْ، مَا عُدِمَ وُجُوبُهَا عَلَى الْعَبْدِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: ٧٥] وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِهَا عَلَى السَّيِّدِ فَلِأَنَّ الْمَالَ بِيَدِ غَيْرِهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الظَّاهِرُ عِنْدِي تَعَلُّقُ الزَّكَاةِ بِمَالِ الْعَبْدِ إمَّا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ لِأَحَدِهِمَا قَطْعًا لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُهُ، وَلِلْعَبْدِ اسْتِمْرَارُهُ وَالْإِشَارَةُ (فِي) قَوْلِهِ (ذَلِكَ كُلِّهِ) عَائِدَةٌ عَلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَزَكَاةِ الْفِطْرِ. (فَإِذَا أُعْتِقَ) الْعَبْدُ أَوْ مَنْ فِيهِ بَقِيَّةُ رِقٍّ (فَلْيَأْنَفْ) أَيْ يَسْتَأْنِفْ (حَوْلًا) أَيْ عَامًا (مِنْ يَوْمِئِذٍ) أَيْ مِنْ يَوْمِ عِتْقِهِ (بِمَا يَمْلِكُ) وَرُوِيَ بِمَا مَلَكَ (مِنْ مَالِهِ) إنْ كَانَ مِمَّا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ وَهُوَ الْعَيْنُ وَالْمَاشِيَةُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ وَهُوَ الْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ وَعَتَقَ قَبْلَ الطِّيبِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَأَمَّا إنْ عَتَقَ بَعْدَ الطِّيبِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ

(وَلَا زَكَاةَ عَلَى أَحَدٍ فِي عَبْدِهِ وَخَادِمِهِ) ع: الْعَبْدُ تَارَةً يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ دُونَ الْأُنْثَى وَهُوَ مَا ذُكِرَ هُنَا، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَعَلَى الْعَبْدِ فِي الزِّنَا خَمْسُونَ جَلْدَةً، وَيُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَهُوَ قَوْلُهُ قَبْلَ هَذَا وَلَا زَكَاةَ عَلَى عَبْدٍ (وَ) كَذَا لَا زَكَاةَ عَلَى أَحَدٍ فِي (فَرَسِهِ وَدَارِهِ) (وَلَا) فِي (مَا يَتَّخِذُ لِلْقُنْيَةِ مِنْ الرِّبَاعِ وَالْعُرُوضِ) وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ: وَلَا زَكَاةَ إلَى آخِرِهِ لَا يَخْلُو مِنْ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ: وَلَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: اتَّجِرُوا] أَيْ نَدْبًا [قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَمَا يُرْفَعُ أَمْرُهُ لِلْإِمَامِ] أَيْ أَوْ الْقَاضِي. حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَذْهَبِ الْوَصِيِّ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ مَنُوطٌ بِهِ لَا بِمَذْهَبِ أَبِي الطِّفْلِ لِمَوْتِهِ وَانْتِقَالِ الْمَالِ عَنْهُ، وَلَا بِمَذْهَبِ الطِّفْلِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهَا فَلَا يُزَكِّيهَا الْوَصِيُّ إنْ كَانَ مَذْهَبُهُ سُقُوطَهَا عَنْ الطِّفْلِ وَإِلَّا أَخْرَجَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ أَوْ كَانَ مَالِكِيٌّ فَقَطْ أَوْ مَالِكِيٌّ وَحَنَفِيٌّ، وَخَفِيَ أَمْرُ الصَّبِيِّ عَلَيْهِ إلَّا رَفْعَ الْمَالِكِيِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا حَنَفِيٌّ أَخْرَجَهَا الْوَصِيُّ الْمَالِكِيُّ إنْ خَفِيَ أَمْرُ الصَّبِيِّ عَلَى الْحَنَفِيِّ وَإِلَّا تُرِكَ. [قَوْلُهُ: أَيْ وَعَلَيْهِمْ زَكَاةُ الْفِطْرِ] لَكِنَّ الْمُطَالَبَ بِالْإِخْرَاجِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ. [قَوْلُهُ: وَبِالْجَرِّ] فِي الْجَرِّ رِكَّةٌ إذْ يَصِيرُ تَقْدِيرُهُ حِينَئِذٍ، وَعَلَى الْأَصَاغِرِ الزَّكَاةُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ.

[قَوْلُهُ: لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ] أَيْ لَا يَمْلِكُ مِلْكًا تَامًّا. [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ] مُتَعَلِّقُ كَلَامِهِ مَنْقُوضٌ بِالْمُكَاتَبِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مِمَّنْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ قَالَهُ فِي الْإِيضَاحِ. [قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ كُلِّهِ] خَبَرُ لَا النَّافِيَةِ مُتَعَلِّقٌ فِي ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: فَإِذَا أُعْتِقَ الْعَبْدُ] أَيْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ سَيِّدُهُ أَخْذَ مَالِهِ لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ يَكُونُ لَهُ فِي الْعِتْقِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ السَّيِّدُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَإِنَّ مَالَ الْعَبْدِ يَبْقَى لِسَيِّدِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُشْتَرِي. [قَوْلُهُ: وَرُوِيَ بِمَا مَلَكَ] وَنُسْخَةُ الْمُضَارِعِ مُتَّحِدَةٌ مَعَهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمَا يَمْلِكُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَالِ الْكَائِنِ بِيَدِهِ.

[قَوْلُهُ: يُطْلَقُ] أَيْ يُطْلِقُ الْمُصَنِّفُ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا ذُكِرَ هُنَا] أَيْ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَخَادِمِهِ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْأُنْثَى، وَلَوْ قَالَ فِي رَقِيقٍ لَشَمِلَهُمَا، وَالْمُرَادُ رَقِيقٌ اُتُّخِذَ لِلْقُنْيَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ عَلَى الْعَبْدِ إلَخْ مُرَادُهُ بِهِ الذَّكَرُ لِأَنَّهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَا الْأَمَةُ أَيْ عَلَيْهَا فِي الزِّنَا خَمْسُونَ جَلْدَةً. [قَوْلُهُ: فِي فَرَسِهِ وَدَارِهِ] أَيْ الْمُتَّخَذَيْنِ لِلْقُنْيَةِ. [قَوْلُهُ: وَلَا مَا يُتَّخَذُ لِلْقُنْيَةِ مِنْ الرِّبَاعِ وَالْعُرُوضِ] احْتِرَازًا عَنْ الْمُتَّخَذِ لِلتِّجَارَةِ مِنْ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ فَالزَّكَاةُ فِي قِيمَتِهِ أَوْ ثَمَنِهِ. [قَوْلُهُ: لَا يَخْلُو مِنْ تَكْرَارٍ] عَبَّرَ بِذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَيْسَ تَكْرَارًا مَحْضًا لِأَنَّهُ تَفْصِيلُ مَا أُجْمِلَ سَابِقًا. [قَوْلُهُ: أَنَّ] بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>