وَكُلُّ خَلِيطَيْنِ. . . إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ مُرَتَّبًا كَذَلِكَ (وَذَلِكَ) أَيْ النَّهْيُ عَنْ التَّفْرِيقِ وَالْجَمْعِ الْمَذْكُورَيْنِ نَهْيُ تَحْرِيمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ (إذَا قَرُبَ الْحَوْلُ) ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ: إذَا كَانَ ذَلِكَ أَيْ الِاخْتِلَاطُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِشَهْرَيْنِ فَأَقَلَّ فَهُمْ خُلَطَاءُ، وَأَنَا أَرَى أَنَّهُمْ خُلَطَاءُ فِي أَقَلَّ مِنْ شَهْرَيْنِ مَا لَمْ يَتَقَارَبْ الْحَوْلُ جِدًّا وَيَهْرُبَا فِيهِ إلَى أَنْ يَكُونَا خَلِيطَيْنِ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ، ابْنُ شَاسٍ: هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ مَا وُجِدَ عَلَيْهِ مِنْ اجْتِمَاعٍ أَوْ افْتِرَاقٍ مُنْقِصًا مِنْ الزَّكَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْقِصًا فَلَا يُتَّهَمَانِ عَلَيْهِ بَلْ يُزَكَّى الْمَالُ عَلَى مَا يُوجَدُ عَلَيْهِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: (فَإِذَا كَانَ) أَيْ التَّفْرِيقُ أَوْ الِاجْتِمَاعُ عِنْدَ قُرْبِ الْحَوْلِ (يَنْقُصُ أَدَاؤُهُمَا بِافْتِرَاقِهِمَا أَوْ بِاجْتِمَاعِهِمَا بِمَا كَانَا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ) الِافْتِرَاقِ أَوْ الِاجْتِمَاعِ مِثَالُ التَّفْرِيقِ خَوْفُ الزِّيَادَةِ فِي الصَّدَقَةِ: رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ فَيَفْتَرِقَانِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ فَتَجِبُ عَلَيْهِمَا شَاتَانِ، وَقَدْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمَا ثَلَاثًا وَمِثَالُ الْجَمْعِ لِذَلِكَ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ فَيَجْمَعُونَهَا فِي آخِرِ الْحَوْلِ لِتَجِبَ عَلَيْهِمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ ثَلَاثَ شِيَاهٍ. .
ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ مَا لَا يُؤْخَذُ فِي الزَّكَاةِ مِنْ الْأَنْعَامِ فَقَالَ: (وَلَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ السَّخْلَةُ) وَهِيَ الصَّغِيرَةُ مِنْ الْغَنَمِ ضَأْنًا كَانَتْ أَوْ مَعْزًا ذَكَرًا كَانَتْ أَوْ أُنْثَى.
(وَ) مَعَ ذَلِكَ (تُعَدُّ عَلَى أَرْبَابِ الْغَنَمِ) كَانَ فِي الْأَصْلِ نِصَابٌ أَمْ لَا لِقَوْلِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) تُؤْخَذُ (الْعَجَاجِيلُ فِي) صَدَقَةِ (الْبَقَرِ) جَمْعُ عِجْلٍ وَهُوَ مَا كَانَ دُونَ السِّنِّ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ التَّبِيعُ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) تُؤْخَذُ (الْفُصْلَانُ فِي) صَدَقَةِ (الْإِبِلِ) جَمْعُ فَصِيلٍ وَهُوَ مَا دُونَ بِنْتِ مَخَاضٍ.
(وَ) مَعَ كَوْنِ الْعَجَاجِيلِ وَالْفُصْلَانِ لَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ (تُعَدُّ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَرْبَابِهَا لِتُؤْخَذَ زَكَاتُهَا (وَ) كَذَلِكَ (لَا يُؤْخَذُ) فِي الصَّدَقَةِ (تَيْسٌ) ع: وَهُوَ ذَكَرُ الْمَعْزِ الصَّغِيرُ وَقِيلَ ذَكَرُهُ مُطْلَقًا لِدَنَاءَتِهِ وَكَذَلِكَ (لَا) تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ (هَرِمَةٌ)
ــ
[حاشية العدوي]
بَيْنَهُمَا خَشْيَةَ نَقْصِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْخَشْيَةُ فِي الْجُمْلَتَيْنِ مُتَعَلِّقُهَا النَّقْصُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَهِيَ مِنْ جَانِبِ الشَّارِعِ لِأَجْلِ الْفُقَرَاءِ، وَمَفْهُومُ خَشْيَةِ الصَّدَقَةِ أَنَّهُمْ لَوْ فُرِّقُوا أَوْ اجْتَمَعُوا لِعُذْرٍ لَا حُرْمَةٍ وَيُصَدَّقُونَ فِي الْعُذْرِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ إذَا كَانُوا مَأْمُونِينَ ظَاهِرِي الصَّلَاحِ وَإِلَّا فَيَمِينٌ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ مُرَتَّبًا إلَخْ] وَالْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ» .
[قَوْلُهُ: نَهْيُ تَحْرِيمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] قَالَ تت: وَهَلْ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَإِذَا فَعَلُوا مَا نُهُوا عَنْهُ أُخِذُوا بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْكَرَاهَةِ، فَإِذَا فَعَلُوا أُخِذُوا بِمَا هُمْ عَلَيْهِ الْآنَ قَوْلَانِ. [قَوْلُهُ: إذَا كَانَ ذَلِكَ إلَخْ] مُحَصِّلُهُ كَمَا أَخَذْته مِنْ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي رَأَيْته أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيهَا: إذَا كَانَ الِاخْتِلَاطُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَهُمْ خُلَطَاءُ، فَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَرُبَ الْحَوْلُ جِدًّا فَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا قَرُبَ الْحَوْلُ جِدًّا يُؤْخَذَانِ بِمَا كَانَا عَلَيْهِ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ، وَإِنَّ الْقُرْبَ جِدًّا هُوَ عَيْنُ قَرِينَةِ الْهُرُوبِ فَقَوْلُهُ: وَيَهْرُبَا الْمُرَادُ أَنَّ الْقُرْبَ جِدًّا هُوَ عَيْنُ الْهُرُوبِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ أُخْرَى.
وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ نُقُولُ الْأَئِمَّةِ، وَنَقَلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي قُرْبِ ذَلِكَ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ أَوْ إقْرَارٌ بِقَصْدِ الْهُرُوبِ، وَإِلَّا فَلَا يُلْتَفَتُ لِقُرْبِ الزَّمَانِ فَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ مَا نَصُّهُ، وَيَثْبُتُ الْفِرَارُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْقَرِينَةِ أَوْ الْقُرْبِ الْمُوجِبِ تُهْمَتُهُمَا. [قَوْلُهُ: أَيْ التَّفْرِيقُ إلَخْ] الظَّاهِرُ أَنْ تُجْعَلَ كَانَ شَأْنِيَّةً وَلَا يُجْعَلُ اسْمُهَا التَّفْرِيقَ وَالِاجْتِمَاعَ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بَعْدُ بِافْتِرَاقِهِمَا إلَخْ وَأَنَّ أَدَاؤُهُمَا فَاعِلُ يَنْقُصُ.
[قَوْلُهُ: السَّخْلَةُ] بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْخَاءِ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَالْجَمْعُ سِخَالٌ بِكَسْرِ السِّينِ وَسَخْلٌ مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ وَسَخْلَانِ [قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ إلَخْ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute