للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوْقَ الْمَشْيِ وَدُونَ الْجَرْيِ وَهَذَا سُنَّةٌ فِي حَقِّ الرَّجُلِ غَيْرِ الْمُرَاهِقِ وَلَوْ مَرِيضًا أَوْ صَبِيًّا مَحْمُولًا وَلَا دَمَ فِي تَرْكِهِ. (ثُمَّ أَرْبَعَةٌ مَشْيًا) وَدَلِيلُ هَذَا كُلِّهِ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ: ثَانِيهَا: الْمَشْيُ فَإِذَا طَافَ رَاكِبًا أَوْ مُحَمَّلًا لِعُذْرٍ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِعُذْرٍ أَعَادَ الطَّوَافَ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَجَعَ لِبَلَدِهِ فَلْيُهْرِقْ دَمًا. ثَالِثُهَا: الدُّعَاءُ وَهُوَ غَيْرُ مَحْدُودٍ. رَابِعُهَا: اسْتِلَامُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ أَوَّلَ الطَّوَافِ كَمَا قَدَّمْنَا. خَامِسُهَا: اسْتِلَامُ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ أَوَّلَ شَوْطٍ وَأَمَّا مُسْتَحَبَّاتُهُ فَأَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ اسْتِلَامُ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَوْطٍ مَا عَدَا الْأَوَّلَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ) يَعْنِي الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ (كُلَّمَا مَرَّ بِهِ كَمَا ذَكَرْنَا) أَوَّلًا وَهُوَ أَنْ يَسْتَلِمَهُ بِفِيهِ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَقْبِيلٍ.

وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: (وَيُكَبِّرُ) أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الِاسْتِلَامِ وَالتَّكْبِيرِ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ. الثَّانِي: اسْتِلَامُ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَوْطٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ وَإِلَيْهِ وَإِلَى صِفَةِ اسْتِلَامِهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ بِفِيهِ وَلَكِنْ بِيَدِهِ ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَى فِيهِ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ يَخَبُّ فِيهَا خَبَبًا أَوْ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ يَطُوفُ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ الْمُنَكَّرَ يَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ، أَيْ خَابًّا أَيْ مُسْرِعًا، وَإِنَّمَا يُسَنُّ الرَّمَلُ فِي حَقِّ مَنْ أَحْرَمَ فِي الْمِيقَاتِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَيَرْمُلُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ وَمِنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَعِنْدَ الزَّحْمَةِ الرَّمَلُ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ، وَأَمَّا إنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ الْجِعْرَانَةِ أَوْ التَّنْعِيمِ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الرَّمَلُ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ، كَمَا يُسْتَحَبُّ الرَّمَلُ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْ طَوَافِ الْقُدُومِ، كَمَا يُسْتَحَبُّ الرَّمَلُ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَنْ لَمْ يَطُفْ لِلْقُدُومِ وَلَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا، وَأَمَّا مَنْ طَافَ لِلْقُدُومِ فَلَا يَرْمُلُ فِي إفَاضَتِهِ وَلَوْ تَرَكَهُ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ، وَأَمَّا طَوَافُ التَّطَوُّعِ وَدَاعًا أَوْ غَيْرَهُ فَيُكْرَهُ الرَّمَلُ فِيهِ وَلَا رَمَلَ فِيمَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَلَوْ لِتَارِكِهِ مِنْ الْأَوَّلِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا، وَلَا يَكُونُ آتِيًا بِالسُّنَّةِ إنْ فَعَلَ. [قَوْلُهُ: وَهَذَا سُنَّةٌ فِي حَقِّ الرَّجُلِ] أَيْ لَا الْمَرْأَةِ وَلَوْ كَانَتْ نَائِبَةً عَنْ رَجُلٍ، كَمَا أَنَّ الرَّجُلَ النَّائِبَ عَنْ الْمَرْأَةِ لَا يَرْمُلُ [قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُرَاهِقِ] الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَاهِقَ لَا يَطْلُبُ بِالطَّوَافِ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا يَلِيقُ هَذَا الْإِخْرَاجُ إلَّا لَوْ كَانَ يُطَالَبُ بِالطَّوَافِ وَلَا يُطَالَبُ بِالرَّمَلِ فَتَأَمَّلْ.

[قَوْلُهُ: وَلَوْ مَرِيضًا أَوْ صَبِيًّا مَحْمُولًا] حَمْلًا عَلَى دَابَّةٍ أَوْ رَجُلٍ فَيَرْمُلُ الْحَامِلُ وَيُحَرِّكُ الدَّابَّةَ كَمَا يُحَرِّكُهَا بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ [قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ فِي تَرْكِهِ] أَيْ وَلَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ وَعِلَّةُ الْخَبَبِ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْعُمْرَةِ قَالَتْ قُرَيْشٌ: أَوْهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَأَمَرَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَخْبُوَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَلَمَّا فَعَلُوا قَالَتْ قُرَيْشٌ: بَلْ هُمْ أَقْوَى مِنَّا فَزَالَتْ الْعِلَّةُ وَبَقِيَ الْحُكْمُ. [قَوْلُهُ: ثَانِيهَا الْمَشْيُ] فِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ [قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ] وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُطِيقَ فَقَالَ مَالِكٌ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ بِخِلَافِ الْمُصَلِّي جَالِسًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بَاشَرَ فَرْضَهُ بِنَفْسِهِ [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ رَجَعَ لِبَلَدِهِ] أَيْ أَوْ يَتَبَاعَدَ فَإِنْ أَعَادَهُ مَاشِيًا بَعْدَ رُجُوعِهِ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَيُطْلَبُ بِإِعَادَتِهِ مَاشِيًا وَلَوْ مَعَ الْبُعْدِ وَلَا يُجْزِئُهُ دَمٌ، وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَشْيَ مَطْلُوبٌ فِي الطَّوَافِ مُطْلَقًا.

وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّ الْقَادِرَ إذَا رَجَعَ لِبَلَدِهِ وَلَمْ يَعُدْ يَلْزَمُهُ دَمٌ فَخَاصٌّ بِالْوَاجِبِ لِأَنَّ الْمَشْيَ وَاجِبٌ فِيهِ.

وَأَمَّا غَيْرُهُ فَسُنَّةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ فِي تَرْكِهِ اخْتِيَارًا وَالسَّعْيُ كَالطَّوَافِ فِيمَا ذُكِرَ، فَمَنْ سَعَى رَاكِبًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَعَادَ سَعْيَهُ إنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِنْ تَبَاعَدَ وَطَالَ أَجْزَأَهُ فَإِذَا رَكِبَ فِي السَّعْيِ وَالطَّوَافِ مَعًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا وَاحِدًا لِلتَّدَاخُلِ. [قَوْلُهُ: الدُّعَاءُ وَهُوَ غَيْرُ مَحْدُودٍ] أَيْ بِلَا حَدٍّ فِي الدُّعَاءِ وَالْمَدْعُوُّ بِهِ فَلَا يَقْصُرُ دُعَاءَهُ عَلَى دُنْيَاهُ وَلَا عَلَى آخِرَتِهِ وَلَا عَلَى لَفْظٍ خَاصٍّ وَلَا عَلَى نَفْسِهِ، بَلْ يُعَمِّمُ فِي الْجَمِيعِ أَيْ أَوْ يُسَبِّحُ أَوْ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -. [قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَضَعَ يَدَهُ] أَيْ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَرَاتِبِ.

[قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ] لَكِنَّ الرَّاجِحَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَغَيْرِهِ [قَوْلُهُ: وَلَكِنْ بِيَدِهِ] أَيْ يَسْتَلِمُهُ بِيَدِهِ نَدْبًا فِي غَيْرِ الشَّوْطِ الْأَوَّلِ [قَوْلُهُ: ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَى فِيهِ] فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ كَبَّرَ وَمَضَى وَالرُّكْنُ الْيَمَانِيُّ هُوَ الَّذِي يُتَوَسَّطُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>