للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَجْرِ فَلَا يُجْزِئُ فِعْلُهُ لَيْلًا وَالْأَصْلُ فِي هَذَا كُلِّهِ فِعْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَمِنًى كُلُّهَا مَحَلٌّ لِلنَّحْرِ وَلِصِحَّةِ النَّحْرِ بِهَا شُرُوطٌ أَحَدُهَا: (إنْ أَوْقَفَهُ) مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَوْ نَائِبُهُ (بِعَرَفَةَ) لَيْلًا ابْنُ هَارُونَ أَمَّا اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْوُقُوفِ بِالْهَدْيِ لَيْلًا فَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا لِأَنَّ كُلَّ مَنْ اشْتَرَطَ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ جَعَلَ حِكْمَةَ حُكْمَ رَبِّهِ فِيمَا يَجْزِيهِ مِنْ الْوُقُوفِ.

ثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ النَّحْرُ فِي أَيَّامِ مِنًى ثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ النَّحْرُ فِي حَجَّةٍ لَا فِي عُمْرَةٍ، فَإِذَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَلَا يَجُوزُ النَّحْرُ بِمَكَّةَ وَلَا بِغَيْرِهَا وَإِنْ فُقِدَ بَعْضُهَا جَازَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ لَمْ يُوقِفْهُ بِعَرَفَةَ) يَعْنِي أَوْ فَاتَتْهُ أَيَّامُ مِنًى وَلَوْ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ (فَلْيَنْحَرْهُ) أَوْ يَذْبَحْهُ (بِمَكَّةَ) أَوْ مَا يَلِيهَا مِنْ الْبُيُوتِ وُجُوبًا وَإِذَا نَحَرَهُ أَوْ ذَبَحَهُ بِمَكَّةَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (بِالْمَرْوَةِ) وَحَيْثُ تَعَيَّنَ الْهَدْيُ وَذَبْحُهُ بِمَكَّةَ فَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا (بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ بِهِ مِنْ الْحِلِّ) أَيْ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ لِأَنَّ كُلَّ هَدْيٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ.

وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْهَدْيَ يَكُونُ مِنْ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الْغَنَمُ، وَلَا يُجْزِئُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا السَّلِيمُ كَالْأُضْحِيَّةِ، وَكَذَلِكَ لَا يُجْزِئُ إلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِمَّا سِوَاهُ، وَالْهَدْيُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إنَّمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى التَّمَتُّعِ وَالْقَارِنِ إذَا وَجَدَهُ

(فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا) بِأَنْ يَئِسَ مِنْ وُجُودِهِ (فَ) الْوَاجِبُ عَلَيْهِ (صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) وَفَاعِلُ (يَعْنِي) ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالتِّلَاوَةُ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا إلَّا التَّمَتُّعَ دُونَ الْقِرَانِ (مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

يُجْزِئُ بَعْدَ الْفَجْرِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ. [قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِي هَذَا كُلِّهِ] أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِهِ فِي مِنًى وَنَهَارًا وَبَعْدَ الْفَجْرِ وَهُوَ ظَرْفٌ مُتَّسِعٌ. [قَوْلُهُ: وَمِنًى كُلُّهَا مَحَلٌّ لِلنَّحْرِ] إلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى، وَلَا يَجُوزُ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ لِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْ مِنًى. [قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبُهُ] وَلَوْ حُكْمًا كَتَأَخُّرِهِ حِينَ ضَلَّ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ وُقُوفِ التُّجَّارِ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا نَائِبِينَ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُمْ وَيَأْذَنُ لَهُمْ فِي الْوُقُوفِ بِهِ عَنْهُ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلَّ مَنْ اشْتَرَطَ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ] أَيْ لَيْلًا كَمَالِكٍ جَعَلَ إلَخْ، أَيْ فَيُشْكِلُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى الْمَشْهُورِ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ النَّحْرُ فِي أَيَّامِ مِنًى] أَرَادَ بِهَا يَوْمَ النَّحْرِ وَالْيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ فَلَا يَدْخُلُ الرَّابِعُ. [قَوْلُهُ: ثَالِثُهَا أَنْ يَكُونَ النَّحْرُ فِي حَجَّةٍ] أَيْ إنْ كَانَ الْهَدْيُ سِيقَ فِي إحْرَامِ حَجٍّ سَوَاءٌ وَجَبَ لِنَقْصٍ فِيهِ أَوْ فِي عُمْرَةٍ أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ.

[قَوْلُهُ: فَإِذَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَلَا يَجُوزُ] أَيْ فَالنَّحْرُ بِمِنًى وَاجِبٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الذَّبْحَ مَعَ وُجُودِ هَذِهِ الشُّرُوطِ مَنْدُوبٌ، أَيْ وَأَمَّا مَعَ فَقْدِهَا الذَّبْحَ بِمَكَّةَ مُتَعَيِّنٌ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِنْ فَقَدَ بَعْضَهَا جَازَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ تَعَيَّنَ. [قَوْلُهُ: يَعْنِي أَوْ فَاتَتْهُ أَيَّامَ مِنًى] أَيْ أَوْ كَانَ مَسُوقًا فِي إحْرَامِ عُمْرَةٍ سَوَاءٌ كَانَ نَذْرًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ أَوْ تَطَوُّعًا أَيْ أَوْ سَاقَهُ لَا مَعَ إحْرَامٍ أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ. [قَوْلُهُ: أَوْ مَا يَلِيهَا إلَخْ] إلَّا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الذَّبْحُ بِذِي طُوًى وَنَحْوِهَا مِمَّا كَانَ خَارِجًا عَنْ بُيُوتِهَا وَلَوْ كَانَ مِنْ لَوَاحِقِهَا [قَوْلُهُ: فَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ مِنْ الْحِلِّ فَلَا بُدَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْحَرَمَ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرَمِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُخْرِجَهُ إلَى الْحِلِّ ثُمَّ يُدْخِلُهُ الْحَرَمَ، كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا خَرَجَ بِهِ صَاحِبُهُ أَوْ نَائِبُهُ كَانَ الْخَارِجُ بِهِ مُحْرِمًا أَوْ لَا

[قَوْلَةُ: وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ] أَيْ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ يَذْبَحُهُ أَوْ يَنْحَرُهُ. [قَوْلُهُ: إلَّا السَّلِيمُ إلَخْ] حَاصِلُهُ أَنْ يُجْزِئَ فِي الْهَدْيِ مَا يُجْزِئُ فِي الضَّحِيَّةِ وَالْمُعْتَبَرُ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ الْمَانِعَةِ لِلْإِجْزَاءِ وَقْتَ التَّقْلِيدِ وَالْمُرَادُ بِهِ تَهْيِئَتُهُ لِلْهَدْيِ وَإِخْرَاجُهُ سَائِرًا إلَى مَكَّةَ فَلَا يَضُرُّ الْعَيْبُ الطَّارِئُ، بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَلَّدَ أَوْ أَشْعَرَ مَعِيبًا فَلَا يُجْزِئُ وَلَوْ سَلِمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا فِي الْهَدْيِ الْوَاجِبِ، وَأَمَّا الْمُتَطَوَّعُ بِهِ وَمِثْلُهُ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ فَهَذَا يَجِبُ تَنْفِيذُهُ بِتَقْلِيدِهِ وَلَوْ مَعِيبًا بِعَيْبٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ. [قَوْلُهُ: الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِمَّا سِوَاهُ] سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الضَّحِيَّةِ

[قَوْلُهُ: بِأَنْ يَئِسَ مِنْ وُجُودِهِ] أَوْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِ مَا يَشْتَرِيهِ بِهِ وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا لِبَلَدِهِ وَهُوَ مَلِيءٌ بِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّاذِلِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ الْعَجْزَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْيَائِسِ [قَوْلُهُ: ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى] أَيْ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>