للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعُمْرَةُ وَالْحَجُّ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ عَامِهِ) لِأَنَّهُمَا إنْ لَمْ يَكُونَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ لَمْ يَحْصُلْ التَّمَتُّعُ، خَامِسُهَا: أَنْ لَا يَعُودَ إلَى أُفُقِهِ أَيْ بَلَدِهِ أَوْ مِثْلِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (قَبْلَ الرُّجُوعِ إلَى أُفُقِهِ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِهَا (أَوْ إلَى مِثْلِ أُفُقِهِ فِي الْبُعْدِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

سَادِسُهَا: أَنْ لَا يَكُونَ حَاضِرًا وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ وَسَيَأْتِي. سَابِعُهَا: أَنْ تَكُونَ الْعُمْرَةُ وَالْحَجُّ عَنْ وَاحِدٍ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَالْآخَرُ عَنْ غَيْرِهِ فَالْأَشْهَرُ سُقُوطُ الدَّمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لِأَحَدِهِمَا مَجْمُوعُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةُ التَّمَتُّعِ، وَهَذَا الشَّرْطُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ وَصِفَةُ التَّمَتُّعِ إلَخْ. (وَلِهَذَا) اللَّامُ لِلْإِبَاحَةِ وَالْإِشَارَةُ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُحْرِمِ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ الدَّالِّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَيْ وَيُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ إذَا حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ (أَنْ يُحْرِمَ) بِحَجٍّ (مِنْ مَكَّةَ إنْ كَانَ بِهَا) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ إحْرَامُهُ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ (وَلَا يُحْرِمُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ مَكَّةَ (مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَمِرَ حَتَّى يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ) لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْعُمْرَةِ أَنْ يَجْمَعَ فِيهَا بَيْن الْحِلِّ وَالْحَرَمِ.

ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ حَقِيقَةَ الْقِرَانِ قَالَ: (وَصِفَةُ الْقِرَانِ أَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا وَيَبْدَأَ بِالْعُمْرَةِ فِي نِيَّتِهِ وَإِذَا أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ وَيَرْكَعَ فَهُوَ قَارِنٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُرْدِفُ فِي الطَّوَافِ، وَالْمَشْهُورُ جَوَازُهُ وَيَصِحُّ بَعْدَ كَمَالِهِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ، فَإِنْ رَكَعَ فَاتَ الْإِرْدَافُ فَإِنْ أَرْدَفَ بَعْدَ السَّعْيِ لَمْ يَكُنْ قَارِنًا اتِّفَاقًا ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ

ــ

[حاشية العدوي]

أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ فِي الْحَجِّ يَعْنِي فِي أَشْهُرِهِ ثُمَّ حَلَّ مِنْهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ قَبْلَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ عُمْرَتِهِ بَعْدَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ حَجِّهِ وَحَجُّهُ تَامٌّ [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ] أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ سُقُوطِ الدَّمِ عَمَّنْ أُفُقُهُ بِالْحِجَازِ، إلَّا بِالْعَوْدِ إلَى نَفْسِ أُفُقِهِ لَا إلَى مِثْلِهِ، إلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ أَرْضِ الْحِجَازِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ بِمَنْ كَانَ أُفُقُهُ، إذَا ذَهَبَ وَعَادَ يُدْرَكُ مِنْ عَامِهِ، وَأَمَّا مَنْ أُفُقُهُ أَفْرِيقِيَّةَ، فَإِنَّ رُجُوعَهُ بِمِصْرَ بِمَنْزِلَةِ رُجُوعِهِ لِبَلَدِهِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ، وَخُرُوجُهُ مِنْ مَكَّةَ إلَى مَحَلٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ قَدْرُ مَا بَيْنَ مِصْرَ وَمَكَّةَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ.

وَانْظُرْ لَوْ خَرَجَ إلَى مَحَلٍّ مَسَافَتُهُ دُونَ مِصْرَ بِكَثِيرٍ هَلْ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ أَوْ عَلَيْهِ الدَّمُ وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ عج. [قَوْلُهُ: فَالْأَشْهَرُ سُقُوطُ الدَّمِ] وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ. [وَهَذَا الشَّرْطُ مَأْخُوذٌ إلَخْ] لَا يَسْلَمُ الْأَخْذُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ [قَوْلُهُ: أَيْ وَيُبَاحُ إلَخْ] وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ فَيَحْصُلُ فِي إحْرَامِهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، وَأَرَادَ بِالْإِبَاحَةِ الْإِذْنَ الشَّامِلَ لِلنَّدْبِ، فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْمُقِيمَ بِمَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ آفَاقِيٌّ لَيْسَ عَلَيْهِ نَفْسُ الْوَقْتِ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مَكَّةَ، وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ أَوْ الْحِلِّ فَخِلَافُ الْأَوْلَى. [قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِهَا] أَيْ مُقِيمًا بِهَا سَوَاءٌ كَانَ آفَاقِيًّا أَوْ مُسْتَوْطِنًا. [قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ] هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ جَوْفِ الْمَسْجِدِ. [قَوْلُهُ: حَتَّى يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ] هُوَ مَا جَاوَزَ الْحَرَمَ وَالْأَوْلَى مِنْهُ الْجِعْرَانَةُ ثُمَّ التَّنْعِيمُ

[قَوْلُهُ: أَنْ يُحْرِمَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ مَعًا] أَيْ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَقْصِدَ الْقِرَانَ أَوْ بِنِيَّةٍ مُرَتَّبَةٍ وَيُقَدِّمُ الْعُمْرَةَ عَلَى نِيَّةِ الْحَجِّ فِي هَذِهِ وُجُوبًا لِيَرْتَدِفَ الْحَجُّ عَلَيْهَا، وَفِي الْأَوْلَى يُقَدِّمُهَا فِي التَّسْمِيَةِ اسْتِحْبَابًا، فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيَبْدَأُ أَيْ وُجُوبًا نَاظِرٌ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَرَادَ الشَّارِحُ بِالْمَعِيَّةِ الِاشْتِرَاكَ فِي الْإِحْرَامِ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِيُجْعَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَادِقًا بِالصُّورَتَيْنِ إذْ لَوْ أَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ لَكَانَ قَاصِرًا عَلَى الْأَوْلَى فَلَا يَشْمَلُ الثَّانِيَةَ فَلَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الشَّارِحِ وَيَبْدَأُ بِالْعُمْرَةِ فِي نِيَّتِهِ [قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ قَارِنًا اتِّفَاقًا] ظَاهِرُهُ أَنَّ فَوَاتَ الْإِرْدَافِ بَعْدَ الرُّكُوعِ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ.

فَقَالَ بَهْرَامُ وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرْتَدِفُ وَإِنْ كَانَ فِي السَّعْيِ مَا لَمْ يُتِمَّ وَيَفْرُغُ مِنْهُ فَإِنْ أَتَمَّ سَعْيَهُ فَلَا، وَمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ ضَعِيفٌ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ لِلْقِرَانِ صُوَرًا تَقَدَّمَ اثْنَتَانِ، الثَّالِثَةُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مُفْرَدَةً ثُمَّ يُرْدِفُ الْحَجَّ عَلَيْهَا فَيُرْدِفُ لَكِنَّ فِي إرْدَافِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ صُوَرَ جَوَازٍ وَكَرَاهَةٍ مَعَ صِحَّةٍ فَمِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>