للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ) وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا فَقِيهَيْنِ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ أَمْرًا إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَا وُلِّيَ فِيهِ، وَمَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ فَقَطْ، وَمِنْ شَرْطِ حُكْمِهِمَا أَنْ لَا يَجْتَهِدَا بِحُكْمِهِمَا فِي غَيْرِ مَا حَكَمَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّحَابَةُ، فَإِنْ حَكَمَا بِمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهِ حُكْمُ مَنْ مَضَى فَإِنَّهُ يُرَدُّ وَلَا يَنْفُذُ وَلَا يُخْرِجُ أَحَدٌ جَزَاءً مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ غَيْرِ الْحُكْمِ أَعَادَهُ وَلَوْ وَافَقَ فِيهِ حُكْمَ مَنْ مَضَى، وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ حَمَامُ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامُهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي لُزُومِ الشَّاةِ لِحُكْمِ خُرُوجِهِ عَنْ الِاجْتِهَادِ بِالدَّلِيلِ، فَكَانَ حُكْمًا مُقَرَّرًا كَغَيْرِهِ (وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ نَحْرِ جَزَاءِ الصَّيْدِ إنْ كَانَ مِمَّا يُنْحَرُ وَذَبْحُهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُذْبَحُ (مِنًى إنْ وَقَفَ بِهِ) هُوَ أَوْ نَائِبُهُ (بِعَرَفَةَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقِفْ بِهِ هُوَ وَلَا نَائِبُهُ بِعَرَفَةَ (فَ) مَحَلُّ نَحْرِهِ أَوْ ذَبْحِهِ (مَكَّةُ) الْمُشَرَّفَةُ، هَذَا التَّفْصِيلُ فِي حَقِّ الْحَاجِّ، وَأَمَّا الْمُعْتَمِرُ أَوْ الْحَلَالُ إذَا قَتَلَهُ فَمَحَلُّهُ مَكَّةَ لَا غَيْرُ (وَحَيْثُ) كَانَ مَحَلُّهُ مَكَّةَ فَإِنَّهُ (يَدْخُلُ بِهِ مِنْ الْحِلِّ) لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْهَدْيِ أَنْ يُجْمَعَ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، فَإِنْ مَلَكَهُ فِي الْحَرَمِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ إلَى الْحِلِّ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ وُجُوبَ مِثْلِ مَا قَتَلَ عَلَى التَّخْيِيرِ لِقَوْلِهِ: (وَلَهُ) أَيْ لِمَنْ قَتَلَ صَيْدًا (أَنْ يَخْتَارَ ذَلِكَ) أَيْ مِثْلَ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ (أَوْ) يَخْتَارَ أَحَدَ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا (كَفَّارَةُ طَعَامِ مَسَاكِينَ) وَصِفَةُ الْإِطْعَامِ (أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الصَّيْدِ طَعَامًا) مِنْ غَالِبِ طَعَامِ الْمَوْضِعِ الَّذِي قَتَلَ فِيهِ الصَّيْدَ بَالِغًا مَا بَلَغَتْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ هُنَالِكَ اُعْتُبِرَتْ قِيمَةُ أَقْرَبِ

ــ

[حاشية العدوي]

يَحْتَاجَانِ إلَى إذْنِ الْإِمَامِ وَلَا يَكْفِي الْإِشَارَةُ وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْعَدْلَيْنِ أَنْ لَا يَكُونَا غَيْرَ مُتَأَكِّدِي الْقَرَابَةِ. [قَوْلُهُ: وَمَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ] أَيْ عَلَى مَنْ وَلِيَ أَمْرًا، وَقَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ، أَيْ مِمَّا وُلِّيَ فِيهِ، أَيْ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِاَلَّذِي يَطْرَأُ بَعْدَ الْحُكْمِ، أَيْ كَأَنْ يَطْرَأَ بَعْدَهُ أَنَّهُ حَكَمَ فِي الظَّبْيَةِ بِغَيْرِ صَوَابٍ وَلَوْ حَذَفَ هَذَا مَا ضَرَّهُ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِمَا وُلِّيَ فِيهِ شَامِلٌ لِذَلِكَ. [قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَجْتَهِدَا فِي حُكْمِهِمَا فِي غَيْرِ إلَخْ] أَيْ مَثَلًا بِأَنْ يَجْتَهِدَا بِأَنَّ فِي النَّعَامَةِ بَقَرَةً مَثَلًا، وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بَعْدَ فَإِنْ حَكَمَا إلَخْ.

أَنْ يَقُولَ أَنْ لَا يَحْكُمَا بِخِلَافِ مَا حَكَمَ بِهِ مِنْ مُضِيٍّ، فَإِذَا حَكَمَ بِخِلَافِ مَا حُكِمَ بِهِ مِنْ مُضِيٍّ فَإِنَّهُ يُرَدُّ. [قَوْلُهُ: بِالدَّلِيلِ إلَخْ] أَيْ بِالدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ فِيهِ شَاةً وَقَوْلُهُ فَكَانَ حُكْمًا، أَيْ لُزُومُ الشَّاةِ حُكْمًا مُقَرَّرًا بِرَاءَيْنِ، أَيْ ثَابِتًا كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُقَرَّرَةِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ لِاجْتِهَادٍ ثُمَّ أَقُولُ وَفِي ذَلِكَ بَحْثٌ وَذَلِكَ أَنَّ وُرُودَ الدَّلِيلِ بِأَنَّ فِيهِ شَاةً لَا يَنْفِي الِاجْتِهَادَ كَكَوْنِ الشَّاةِ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّعَامَةَ وَرَدَ الدَّلِيلُ بِأَنَّ فِيهَا بَدَنَةً يَتَعَلَّقُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ الْفَرْقُ أَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ أَفْرَادِ الْحَمَامِ يَسِيرٌ فَجُعِلَ كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ كَالنَّعَامِ.

[قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ مِنًى إنْ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ] وُقُوفًا مَشْرُوعًا وَهُوَ أَنْ يَقِفَ بِهِ فِي حَجٍّ سَاعَةً لَيْلَةَ النَّحْرِ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ أَنَّهُ سَاقَهُ فِي حَجٍّ وَلَا يَنْحَرُ أَوْ يَذْبَحُ بِمِنًى إلَّا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ، وَإِلَّا فَيَنْحَرُ بِمَكَّةَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اسْتِحْبَابَ الذَّكَاةِ بِمِنًى لَهُ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ: أَنْ يَسُوقَهُ فِي حَجٍّ وَأَنْ يَقِفَ بِهِ بِعَرَفَةَ وَأَنْ يَنْحَرَ أَوْ يَذْبَحَ فِي أَيَّامِ مِنًى فَإِذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْهَا وَجَبَتْ ذَكَاتُهُ بِمَكَّةَ. [قَوْلُهُ: إنْ وَقَفَ بِهِ] أَيْ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ. [قَوْلُهُ: فَمَكَّةُ] الْمُرَادُ الْبَلَدُ وَمَا يَلِيهَا مِنْ مَنَازِلِ النَّاسِ وَأَفْضَلُهَا الْمَرْوَةُ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ إنْ أَخْرَجَ الْجَزَاءَ هَدْيًا اُخْتُصَّ بِالْحَرَمِ أَوْ صِيَامًا فَحَيْثُ شَاءَ أَوْ طَعَامًا اخْتَصَّ بِمَحَلِّ التَّقْوِيمِ [قَوْلُهُ: أَوْ الْحَلَالُ إذَا قَتَلَهُ] أَيْ قَتَلَ الصَّيْدَ فِي الْحَرَمِ.

. [قَوْلُهُ: كَفَّارَةً] بِالنَّصْبِ لِعَطْفِهِ عَلَى اسْمِ الْإِشَارَةِ وَيَجُوزُ فِي طَعَامٍ الْجَرُّ لِإِضَافَةِ كَفَّارَةٍ إلَيْهِ وَتَكُونُ بَيَانِيَّةً، وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ كَفَّارَةٍ، وَقَوْلُهُ أَنْ يَنْظُرَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الصَّيْدِ طَعَامًا] أَيْ مِنْ الطَّعَامِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ التَّلَفِ فَيُقَالُ كَمْ يُسَاوِي هَذَا الطَّيْرُ مِنْ الطَّعَامِ فَيَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمَا تَقْوِيمُهُ بِالطَّعَامِ قَوَّمَاهُ بِالدَّرَاهِمِ، وَلَا يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ ابْتِدَاءً، فَلَوْ قُوِّمَ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا طَعَامًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُ. [قَوْلُهُ: فَيَتَصَدَّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>