يُجْزِئُ فِيهِمَا (الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ضَلَعُهَا) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ، وَرُوِيَ بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ أَيْ عَرَجُهَا وَهِيَ الَّتِي لَا تَلْحَقُ الْغَنَمَ أَمَّا إنْ كَانَ الْعَرَجُ لَا يَمْنَعُهَا أَنْ تَسِيرَ بِسَيْرِهِمْ فَلَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءُ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) يُجْزِئُ فِيهِمَا (الْعَجْفَاءُ) وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهَا فَقَالَ الشَّيْخُ تَبَعًا لِابْنِ حَبِيبٍ: هِيَ (الَّتِي لَا شَحْمَ فِيهَا) وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: هِيَ الَّتِي لَا مُخَّ فِي عِظَامِهَا وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَهَذِهِ الْعُيُوبُ الْأَرْبَعَةُ مَجْمَعٌ عَلَيْهَا وَبِهَا وَرَدَ الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا مِنْ الْعُيُوبِ إذَا كَثُرَ أَمْ لَا؟ وَالْمَشْهُورُ الْقِيَاسُ وَعَلَيْهِ مَشَى الشَّيْخُ، فَقَالَ: (وَيُتَّقَى فِيهِمَا) أَيْ فِي الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا (الْعَيْبُ كُلُّهُ) إذَا كَانَ كَثِيرًا، وَيُغْتَفَرُ الْيَسِيرُ.
وَيَعْنِي بِذَلِكَ الْخَرْقَاءُ وَهِيَ الْمَشْقُوقَةُ الْأُذُنُ، وَالْمُقَابَلَةُ وَهِيَ الَّتِي قُطِعَ مِنْ أُذُنِهَا مِنْ قِبَلِ وَجْهِهَا وَتُرِكَ مُعَلَّقًا، وَالْمُدَابَرَةُ وَهِيَ الَّتِي قُطِعَ مِنْ أُذُنِهَا مِنْ جِهَةِ قَفَاهَا، وَالشَّرْقَاءُ وَهِيَ الْمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا) أَيْ وَلَا يَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا (الْمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّقُّ يَسِيرًا) وَهُوَ الثُّلُثُ فَمَا دُونَهُ (وَكَذَلِكَ الْقَطْعُ) أَيْ قَطْعُ الْأُذُنِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا فِيهَا فَيَجُوزُ، وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ فَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الْبَاجِيُّ وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ أَنَّ ذَهَابَ ثُلُثِ الْأُذُنِ يَسِيرٌ وَذَهَابَ ثُلُثِ الذَّنَبِ كَثِيرٌ لِأَنَّ الذَّنَبَ لَحْمٌ وَعَصَبٌ وَالْأُذُنَ طَرَفُ جِلْدٍ لَا تَكَادُ تَسْتَضِرُّ بِهِ وَنَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى أَنَّ ذَهَابَ ثُلُثِ
ــ
[حاشية العدوي]
التُّخَمَةُ] مِنْ الْأَكْل غَيْرِ الْمُعْتَادِ أَوْ الْكَثِيرِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَرَضٌ بِهَا، وَإِذَا كَانَ مَرَضًا بِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ بَيِّنًا إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَرَضُ النَّاشِئُ عَنْ التُّخَمَةِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ كَوْنِهِ بَيِّنًا وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا إسْهَالٌ.
فَائِدَةٌ:
ذُكِرَ فِي الْمِصْبَاحِ التُّخَمَةُ وِزَانُ رُطَبَةٍ وَالْجَمْعُ بِحَذْفِ الْهَاءِ وَالتُّخَمَةُ بِالسُّكُونِ لُغَةٌ وَالتَّاءُ مُبْدَلَةٌ مِنْ وَاوٍ لِأَنَّهَا مِنْ الْوَخَامَةِ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَالْجَرَبُ الْكَثِيرُ] أَيْ الْبَيِّنُ. [قَوْلُهُ: وَسُقُوطُ الْأَسْنَانِ أَوْ جُلِّهَا] يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَ نِصْفُهَا لَا يَضُرُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمُحَصَّلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَتْ سِنٌّ وَاحِدَةٌ أَوْ كُسِرَتْ فَتُجْزِئُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَمَّا أَزْيَدَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَلَا تُجْزِئُ حَيْثُ كَانَ لِغَيْرِ إثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ وَإِلَّا فَتُجْزِئُ وَلَوْ الْجَمِيعُ، وَانْظُرْ لَوْ كَثُرَ مِنْ سِنَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بَعْضُ كُلِّ وَاحِدَةٍ هَلْ هُوَ كَكَسْرِ السِّنَّيْنِ بِغَيْرِ إثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ فَلَا يُجْزِئُ أَوْ لَا؟ . [قَوْلُهُ: الْمُشَالَةُ] أَيْ الْمُرْتَفِعَةُ. [قَوْلُهُ: الْعَجْفَاءُ] بِالْمَدِّ. [قَوْلُهُ: هِيَ الَّتِي لَا مُخَّ فِي عِظَامِهَا] أَيْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي عِظَامِهَا الْمُخُّ تُجْزِئُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَحْمٌ زَادَ تت، ثُمَّ الشَّحْمُ يَذْهَبُ أَوَّلًا ثُمَّ الْمُخُّ. [قَوْلُهُ: وَبِهَا وَرَدَ الْحَدِيثُ] أَيْ وَهُوَ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَرْبَعَةٌ لَا تُجْزِئُ فِي الْأَضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي» .
[قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ] وَعَلَيْهِ مَشَى الشَّيْخُ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ فَهُمَا قَائِلَانِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ، وَعَلَّلَ تت الْمَشْهُورُ، فَقَالَ لِأَنَّهُ إذَا مَنَعَ الْعَرَجُ فَقَطْعُ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ أَحْرَى، وَإِذَا مَنَعَ الْعَوَرُ فَالْعَمَى أَعْظَمُ فَيَلْحَقُ بِهَا ذَلِكَ بِقِيَاسِ الْأَوْلَى، وَمِنْ ذَلِكَ الْجُنُونُ الْبَيِّنُ وَجُنُونُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ فَقْدُ الْإِلْهَامِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ صَغِيرَةَ الْأُذُنَيْنِ جِدًّا فَكَأَنَّهَا خُلِقَتْ بِغَيْرِ أُذُنٍ، فَإِنْ كَانَتْ صَمَّاءَ جِدًّا فَإِنَّهَا تُجْزِئُ وَالْمُرَادُ بِجِدًّا بِحَيْثُ يَقْبُحُ بِهِ الْخِلْقَةُ.
[قَوْلُهُ: الْخَرْقَاءُ] وَهِيَ الْمَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَهِيَ الَّتِي فِي أُذُنِهَا خَرْقٌ مُسْتَدِيرٌ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى كَلَامِهِ تَرَادُفُ الْخَرْقَاءِ وَالشَّرْقَاءُ [قَوْلُهُ: وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ] وَهُوَ الرَّاجِحُ. [قَوْلُهُ: وَذَهَابُ ثُلُثِ الذَّنَبِ كَثِيرٌ] أَيْ فَأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّ الذَّنَبَ لَحْمٌ وَعَصَبٌ] هَذَا فِي ذَنَبِ الْغَنَمِ الَّتِي لَهَا أَلْيَةٌ كَبِيرَةٌ، وَأَمَّا نَحْوُ الثَّوْرِ وَالْجَمَلِ وَالْغَنَمِ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ مِمَّا لَا لَحْمَ وَلَا شَحْمَ فِي ذَنَبِهِ، فَاَلَّذِي يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ مِنْهُ مَا يُنْقِصُ الْجَمَالَ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالثُّلُثِ، وَمِمَّا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ الْبَخَرُ وَهُوَ تَغْيِيرُ رِيحِ الْفَمِ لِتَنْقِيصِهِ الْجَمَالَ وَتَغْيِيرِهِ اللَّحْمَ حَيْثُ كَانَ عَارِضًا، لَا مَا كَانَ أَصْلِيًّا وَكَذَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ الْبَكَمُ وَهُوَ فَقْدُ الصَّوْتِ مِنْ الْحَيَوَانِ، إلَّا لِعَارِضٍ كَالنَّاقَةِ بَعْدَ حَمْلِهَا فَلَا يَضُرُّ وَكَذَا عَدَمُ اللَّبَنِ لَا قِلَّتُهُ فَلَا تَمْنَعُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute