للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ وُجُودِ الْمُجْبِرِ، فُسِخَ عَلَى الْمَشْهُورِ اللَّخْمِيُّ، وَهَذَا فِي ذَاتِ الْقَدْرِ، وَأَمَّا الدَّنِيَّةُ فَيَمْضِي قَوْلًا وَاحِدًا وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُتَسَاوِيَيْنِ أَحْرَى فِي إمْضَائِهِ.

(وَلِلْوَصِيِّ) الذَّكَرِ (أَنْ يُزَوِّجَ الطِّفْلَ) الذَّكَرَ الَّذِي (فِي وِلَايَتِهِ) أَيْ لَهُ جَبْرُهُ عَلَى التَّزْوِيجِ كَالْأَبِ بَهْرَامُ لَا خِلَافَ فِي جَبْرِ الْأَبِ الْوَلَدَ الصَّغِيرَ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ فِيهِ غِبْطَةٌ، كَنِكَاحِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ الْمُوسِرَةِ، وَالْوَصِيُّ كَالْأَبِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَيَّدْنَا الْوَصِيَّ بِالذَّكَرِ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً فَإِنَّهَا لَا تَعْقِدُ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

وَمُقَابِلُهُ أَقْوَالٌ مِنْهَا لِلْأَقْرَبِ رَدُّهُ مَا لَمْ يَطُلْ وَتَلِدْ الْأَوْلَادَ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ مَا لَمْ يَبْنِ يُعْلَمُ ذَلِكَ بِمُرَاجَعَةِ نُصُوصِ الْأَئِمَّةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ اللَّخْمِيِّ وَهَذَا أَيْ الْخِلَافُ فِي تَزْوِيجِ الْأَبْعَدِ لِغَيْرِ الْمُجْبَرَةِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ، فَتَدَبَّرْ الْمَقَامَ فَإِنَّهُ صَعْبٌ وَبِتَقْرِيرِنَا ذَلِكَ زَالَ الْإِشْكَالُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

[قَوْلُهُ: وَلِلْوَصِيِّ الذَّكَرِ] أَيْ لَهُ جَبْرُهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَيْ حَيْثُ يَكُونُ لَهُ جَبْرُ الْأُنْثَى، وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ كَنِكَاحِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ الْمُوسِرَةِ أَيْ أَوْ الشَّرِيفَةِ أَوْ ابْنَةِ عَمٍّ [قَوْلُهُ: كَالْأَبِ] أَيْ كَمَا أَنَّ الْأَبَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى التَّزْوِيجِ [قَوْلُهُ: عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ] وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْوَصِيَّ لَيْسَ كَالْأَبِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَوَّازِيَّةِ. الثَّانِي: التَّفْرِقَةُ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ شَرِيفَةً أَوْ ابْنَةَ عَمٍّ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُغِيرَةِ.

[قَوْلُهُ: كَنِكَاحِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ الْمُوسِرَةِ] أَيْ أَوْ الشَّرِيفَةِ أَوْ ابْنَةِ عَمٍّ [قَوْلُهُ: وَالْوَصِيُّ كَالْأَبِ] أَيْ فِي الْجَبْرِ بِالشَّرْطَيْنِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ خِلَافًا، وَقَدْ حَكَاهُ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِعَلَامَةِ خَلِيلٍ بِقَوْلِهِ: وَفِي إجْبَارِ الْوَصِيِّ لِلصَّغِيرِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَلْحَقَهُ بِالْأَبِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَلِكَ وَصِيُّ الْوَصِيِّ.

وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا نَظَرٌ، وَلَا يُعْجِبُنِي إلَى آخِرِ مَا قَالَ، وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ يُجْبِرُ الصَّغِيرَ لِمَصْلَحَةٍ مِمَّا تَقَدَّمَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ يُجْبِرُ الصَّغِيرَ إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ، وَكَذَلِكَ يُجْبِرُونَ الْمَجْنُونَ الْمُحْتَاجَ إلَى النِّكَاحِ؛ لِإِقْبَالِهِ عَلَى الْفَسَادِ، وَكَذَلِكَ لِلْخِدْمَةِ عِنْدَ ابْنِ فَرْحُونٍ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْخِدْمَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ نَحْوِ الزَّوْجَةِ، وَهَذَا فِي الْمَجْنُونِ الَّذِي لَا يُفِيقُ أَصْلًا، وَأَمَّا الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ، وَالْكَلَامُ فِي مَجْنُونٍ بَلَغَ مَجْنُونًا.

وَأَمَّا مَنْ بَلَغَ عَاقِلًا رَشِيدًا ثُمَّ طَرَأَ جُنُونُهُ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا وِلَايَتُهُ لِلْحَاكِمِ فَلَا يُجْبِرُهُ إلَّا هُوَ لَا أَبَ، وَلَا وَصِيَّ، وَهَلْ لَهُمْ أَنْ يُجْبِرُوا السَّفِيهَ أَوْ لَا خِلَافٌ.

تَتِمَّةٌ: وَجَبْرُ الْوَصِيِّ الصَّغِيرَ حَيْثُ يُجْبِرُ الصَّغِيرَةَ بِأَنْ أَمَرَهُ الْأَبُ بِهِ إنْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَأْمُرْهُ الْأَبُ بِالْإِجْبَارِ، وَلَا عَيَّنَ الزَّوْجَ، فَإِنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ، وَيُزَوِّجُهُ بِدُونِ جَبْرٍ إذَا طَلَبَ الطِّفْلُ ذَلِكَ وَكَانَ فِي تَزْوِيجِهِ مَصْلَحَةٌ، وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَيُجْبَرُ مُطْلَقًا، وَلَا يَتَأَتَّى فِي السَّفِيهِ أَنْ يُقَالَ: حَيْثُ يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ بَالِغٌ، وَلَا يُرَدُّ أَنَّ الْوَصِيَّ يُجْبِرُ الْبَالِغَةَ إنْ عَيَّنَ الْأَبُ الزَّوْجَ؛ لِأَنَّ جَبْرَهَا لَهُ مُعَلَّلٌ بِالْبَكَارَةِ فَلَهُ فِيهَا الْجَبْرُ وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي مِثْلُهُ.

تَنْبِيهٌ: اعْلَمْ أَنَّ صَدَاقَهُمْ أَعْنِي الصَّبِيَّ وَالسَّفِيهَ وَالْمَجْنُونَ عَلَى الْأَبِ إنْ كَانُوا، وَقْتَ الْجَبْرِ مُعْدِمِينَ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَيَاةِ الْأَبِ وَمَوْتِهِ، وَيُتْبَعُ بِهِ كَدَيْنٍ لَزِمَ ذِمَّتَهُ وَسَوَاءٌ بَقِيَ الْوَلَدُ عَلَى فَقْرِهِ أَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ جَبْرِهِ، وَلَوْ قَبْلَ الْفَرْضِ فِي التَّفْوِيضِ، وَلَوْ شَرَطَ الْأَبُ الصَّدَاقَ عَلَى الْوَلَدِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا، وَقْتَ الْجَبْرِ مُعْدِمِينَ بَلْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، وَلَوْ بِبَعْضِهِ فَإِنَّ مَا أَيْسَرُوا بِهِ مِنْ كُلٍّ أَوْ بَعْضٍ عَلَيْهِمْ دُونَ الْأَبِ، وَسَوَاءٌ شَرَطَ عَلَيْهِمْ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْأَبِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ، فَلَوْ أَعْدَمَ الْأَبُ كَمَا أَعْدَمُوا اُتُّبِعَ الْأَبُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَشِيدًا وَتَطَارَحُوا كَمَا لَوْ زَوَّجَ الْأَبُ وَلَدَهُ الرَّشِيدَ وَبَاشَرَ الْعَقْدَ بِإِذْنِهِ بِصَدَاقٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الصَّدَاقَ عَلَى أَيِّهِمَا، فَقَالَ الرَّشِيدُ إنَّمَا أَرَدْت أَنَّ الصَّدَاقَ عَلَى الْأَبِ أَوْ اشْتَرَطْته عَلَيْهِ.

وَقَالَ الْأَبُ إنَّمَا أَرَدْت أَنْ يَكُونَ عَلَى الِابْنِ أَوْ اشْتَرَطْته عَلَيْهِ، فَإِنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَبْنِ بِالزَّوْجَةِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يُفْسَخُ مُطْلَقًا حَلَفَا أَوْ لَا أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَ فَيَحْلِفُ الْأَبُ، وَيَبْرَأُ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا أَوْ مِثْلَهُ غَرِمَ الزَّوْجُ صَدَاقَ الْمِثْلِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ حَلَفَ وَغَرِمَ صَدَاقَ الْمِثْلِ، وَلَوْ كَانَ الْمُزَوِّجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>