وَالسَّوْمِ عَلَى السَّوْمِ حَرَامٌ بِشَرْطِ (إذَا رَكَنَا) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا (وَتَقَارَبَا) أَيْ الزَّوْجَانِ أَوْ الْمُتَبَايِعَانِ وَالتَّرَاكُنُ فِي النِّكَاحِ أَنْ تَمِيلَ إلَيْهِ وَيَمِيلَ إلَيْهَا، وَالتَّقَارُبُ اشْتِرَاطُ الشُّرُوطِ. وَفِي الْبَيْعِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الْوَزْنَ وَيَتَبَرَّأَ لَهُ الْآخَرُ مِنْ الْعُيُوبِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ الرُّكُونَ كَافٍ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ صَدَاقًا، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ الْفَاسِقِ، وَالْمَذْهَبُ لَا حُرْمَةَ لِلْفَاسِقِ فَيَجُوزُ لِلصَّالِحِ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَتِهِ، وَإِذَا جَازَ عَلَى الْفَاسِقِ فَالْكَافِرُ أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَتَنَاوَلُهُ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ أَخِيهِ وَلِهَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ الذِّمِّيِّ.
قَالَ ق وَقَالَ ع: ذِكْرُ الْأَخِ لَيْسَ بِشَرْطٍ إنَّمَا خَرَجَ الْحَدِيثُ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَيَجُوزُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ الْخِطْبَةُ عَلَى خِطْبَةِ الذِّمِّيِّ قُلْت وَصَرَّحَ الْجُزُولِيُّ بِمَشْهُورِيَّتِهِ، وَهُنَا تَنْبِيهَاتٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ.
ثُمَّ
ــ
[حاشية العدوي]
بِكَوْنِهِ حَرَامًا، الْفِعْلُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ لَا نَفْسُ النَّهْيِ [قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إذَا رَكَنَا إلَخْ] إضَافَةُ شَرْطٍ إلَى مَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ [قَوْلُهُ: أَيْ الزَّوْجَانِ إلَخْ] تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ فِي رَكَنَا وَتَقَارَبَا [قَوْلُهُ: أَنْ تَمِيلَ إلَيْهِ إلَخْ] هَذَا فِي غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُعْتَبَرُ مَيَلَانُهَا، وَأَمَّا الْمُجْبَرَةُ فَيُعْتَبَرُ مَيَلَانُ مُجْبِرِهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ رُكُونَ الْمُجْبِرِ كَافٍ، وَلَوْ بِسُكُوتِهِ، وَلَوْ ظَهَرَ رَدُّهَا، وَكَذَا رُكُونُ غَيْرِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ رَدُّهَا، وَكَذَا رُكُونُ أُمِّهَا مَا لَمْ يَظْهَرْ رَدُّهَا، وَلَا يُعْتَبَرُ رَدُّ أُمِّهَا أَوْ غَيْرِ مُجْبِرِهَا مَعَ رُكُونِهَا، وَهَذَا إذَا اسْتَمَرَّ الرُّكُونُ، فَلَوْ رَجَعَتْ أَوْ وَلِيُّهَا عَنْ الرُّكُونِ قَبْلَ خِطْبَةِ الْغَيْرِ لَمْ تَحْرُمْ خِطْبَتُهَا، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلَا عَلَى وَلِيِّهَا الرُّجُوعُ، نَعَمْ هُوَ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إخْلَافِ الْوَعْدِ، وَفُسِخَ عَقْدُ الثَّانِي قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبًا بِطَلَاقٍ مِنْ غَيْرِ مَهْرٍ، وَلَوْ رَضِيَ الْأَوَّلُ بِتَرْكِهَا لِلثَّانِي، وَالْمُرَادُ بِالدُّخُولِ إرْخَاءُ السُّتُورِ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْمَسِيسَ، وَمَحَلُّ الْفَسْخِ حَيْثُ اسْتَمَرَّ الرُّكُونُ أَوْ كَانَ الرُّجُوعُ لِأَجْلِ خِطْبَةِ ذَلِكَ الثَّانِي وَإِلَّا فَلَا فَسْخَ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ الثَّانِيَ، وَادَّعَتْ هِيَ أَوْ مُجْبِرُهَا أَنَّهَا كَانَتْ رَجَعَتْ عَنْ الرُّكُونِ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ خِطْبَةِ الثَّانِي، وَادَّعَى الْأَوَّلُ أَنَّ الرُّجُوعَ بِسَبَبِ خِطْبَةِ الثَّانِي، وَلَا قَرِينَةَ لِأَحَدِهِمَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ مُجْبِرِهَا، وَقَوْلِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا، وَهُوَ مُوجِبٌ لِلصِّحَّةِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْأَوَّلِ. [قَوْلُهُ: وَالتَّقَارُبُ اشْتِرَاطُ الشُّرُوطِ] أَيْ التَّقَارُبُ فِي النِّكَاحِ اشْتِرَاطُ الشُّرُوطِ زَادَ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ ذَلِكَ، بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ اهـ.
أَيْ وَلَوْ كَانَ الشَّرْطُ مُؤَكَّدًا كَأَنْ لَا يَضْرِبَهَا فِي عِشْرَةٍ، وَقَوْلُهُ وَفِي الْبَيْعِ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ هُوَ مَا قَدَّرْنَاهُ أَوَّلًا بِقَوْلِنَا فِي النِّكَاحِ، وَسَكَتَ عَنْ التَّرَاكُنِ فِي الْبَيْعِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي عِبَارَتِهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ وَالتَّرَاكُنُ فِي الْبَيْعِ كَذَلِكَ أَيْ أَنْ يَمِيلَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ [قَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الْوَزْنَ] أَيْ يَشْتَرِطُ الْبَائِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَزْنَ الدَّنَانِيرِ مَثَلًا، وَيَتَبَرَّأُ لَهُ الْآخَرُ، أَيْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعُيُوبِ بِأَنْ يَقُولَ: إذَا وَجَدْت عَيْبًا رَدَدْته، وَهَذَا الشَّرْطُ مُؤَكَّدٌ، وَلَا يَسْتَلْزِمُ تَسْمِيَةَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ هَذَا الَّذِي قَالَهُ مُمْكِنٌ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ قَدْرَ الثَّمَنِ [قَوْلُهُ: ظَاهِرُ إلَخْ] غَفْلَةٌ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَقَارَبَا الْمُفَسَّرَ بِاشْتِرَاطِ الشُّرُوطِ الْمُقْتَضِي لِتَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ اشْتِرَاطِ الشُّرُوطِ تَسْمِيَةُ الصَّدَاقِ لِقَوْلِهِ فِي التَّحْقِيقِ مُعَلِّلًا لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ، وَيَتِمُّ بِدُونِ تَسْمِيَةِ صَدَاقٍ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ] ، وَقِيلَ ذَلِكَ جَائِزٌ مَا لَمْ يُسَمِّ الصَّدَاقَ أَيْ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الْمُوَافَقَةِ عِنْدَ تَقْدِيرِهِ [قَوْلُهُ: لَا حُرْمَةَ لِلْفَاسِقِ] الْمُرَادُ بِهِ الْمُسْلِمُ الْفَاسِقُ بِجَارِحَةٍ، وَأَمَّا الْفَاسِقُ بِالِاعْتِقَادِ كَالْقَدَرِيَّةِ، فَلَا يَتَزَوَّجْ مِنْهُمْ، وَلَا يُزَوَّجُوا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ [قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لِلصَّالِحِ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّ الْخَاطِبَ الْأَوَّلَ إمَّا صَالِحٌ أَوْ مَجْهُولُ حَالٍ أَوْ فَاسِقٌ وَالثَّانِي كَذَلِكَ، فَيَحْرُمُ فِي سَبْعٍ، وَيَجُوزُ فِي اثْنَيْنِ، وَهُمَا مَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ فَاسِقًا وَالثَّانِي صَالِحًا أَوْ مَجْهُولَ حَالٍ. [قَوْلُهُ: لَا يَتَنَاوَلُهُ] أَيْ لَا يَتَنَاوَلُ النَّهْيَ عَنْ الْخِطْبَةِ عَلَى خِطْبَتِهِ [قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ إلَخْ] فَإِنْ قُلْت الذِّمِّيُّ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْفَاسِقِ عِنْدَ اللَّهِ.
فَالْجَوَابُ أَنَّ الْفَاسِقَ عَلَى حَالِهِ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا شَرْعًا. بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ عَلَى حَالٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ [قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ الْجُزُولِيُّ بِمَشْهُورِيَّتِهِ] أَيْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. [قَوْلُهُ وَهُنَا تَنْبِيهَاتٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute