للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْمُسْلِمِينَ احْتِرَازًا مِنْ الْكَافِرِ إذَا آلَى فِي حَالِ كُفْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ أَسْلَمَا إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِحُكْمِنَا وَبِالْمُكَلَّفِ احْتِرَازًا عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إيلَاؤُهُمَا وَبِالْحُرِّ احْتِرَازًا مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّ إيلَاءَهُ يَكُونُ بِالْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ فَقَطْ، عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِمَنْ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْوِقَاعُ احْتِرَازًا مِمَّنْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ ذَلِكَ، كَالْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إيلَاؤُهُمَا وَبِزَوْجَتِهِ احْتِرَازًا مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ، وَالْأَمَةِ، فَإِنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ مِنْهُمَا لَا يَكُونُ مُولِيًا، وَبِقَوْلِنَا: الْكَبِيرَةِ احْتِرَازًا مِنْ الصَّغِيرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِيهَا إيلَاءٌ وَبِغَيْرِ مُرْضِعٍ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأهَا حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُولٍ؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ إصْلَاحَ الْوَلَدِ، وَبِقَوْلِنَا: قَاصِدًا بِذَلِكَ الضَّرَرَ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا مِثْلَ أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا فَيَرْفُقُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ.

(وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُولِي (الطَّلَاقُ إلَّا بَعْدَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لِلْحُرِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] (وَشَهْرَانِ لِلْعَبْدِ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إيلَاؤُهُ كَالْحُرِّ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (حَتَّى يُوقِعَهُ السُّلْطَانُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.

(فَإِنْ فَاءَ) أَيْ رَجَعَ (سَقَطَ عَنْهُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ٢٢٦]

ــ

[حاشية العدوي]

أَنَّهُ مُولٍ فِي الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرْضَيَا بِحُكْمِنَا] فَنَنْظُرُ هَلْ يَمِينُهُ صَرِيحَةٌ أَوْ لَا فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهِ [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا عَنْ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ] بِخِلَافِ السَّفِيهِ، وَالسَّكْرَانِ بِحَرَامٍ، وَالْأَخْرَسِ، وَالْأَعْجَمِيِّ بِلِسَانِهِ.

[قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ شَهْرَيْنِ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَقِيلَ كَالْحُرِّ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَجَلِ الْحُرِّ اعْتِمَادًا عَلَى مَا اشْتَهَرَ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ عَلَى الْمُصَنَّفِ مِنْ الْحُرِّ فِي هَذَا كَالْحُدُودِ، وَالطَّلَاقِ [قَوْلُهُ: كَالْخَصِيِّ، وَالْمَجْبُوبِ] أَيْ وَالشَّيْخِ الْفَانِي، وَالْعِنِّينِ وَشَمِلَ الْمَجْبُوبَ ابْتِدَاءً وَاَلَّذِي جُبَّ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ، وَالْمُرَادُ يَتَصَوَّرُ وُقُوعَهُ أَيْ مِنْ جَانِبِهِ فَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ غَيْرَ مُطِيقَةٍ أَوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، وَلَكِنْ لَا يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ حَتَّى تُطِيقَهُ، وَلَوْ مَدْخُولًا بِهَا وَحَتَّى يُدْعَى لِدُخُولِ كَبِيرَةٍ مُطِيقَةٍ وَبِمُضِيِّ مُدَّةِ التَّجْهِيزِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.

[قَوْلُهُ: وَبِزَوْجَتِهِ] أَيْ الْمُنَجَّزَةِ أَوْ الْمُعَلَّقَةِ كَقَوْلِهِ فِي حَقِّ أَجْنَبِيَّةٍ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَوَاَللَّهِ لَا أَطَؤُهَا مُدَّتَهُ، فَيَلْزَمُ، وَالظَّاهِرُ مِثْلُهُ بَلْ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْإِيلَاءَ غَيْرَ الْمُعَلَّقِ يَلْزَمُ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ دُونَ الظِّهَارِ، وَفَرَّقَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ حَالَ الظِّهَارِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَهِيَ كَظَهْرِ أُمِّهِ قَبْلَ نُطْقِهِ، فَلَمْ يُزِدْ نُطْقُهُ شَيْئًا حَيْثُ لَمْ يُعَلِّقْهُ عَلَى تَزَوُّجِهَا بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ فَإِنَّهُ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْفِعْلِ فَمَتَى وُجِدَ مِنْهُ كَانَ حَانِثًا.

[قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ الصَّغِيرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيهَا إيلَاءٌ] أَيْ مِنْ الْآنَ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُضْرَبُ الْأَجَلُ حِينَ تُطِيقُ الْوَطْءَ [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَرَادَ إصْلَاحَ الْوَلَدِ] وَمِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَإِنْ قَصَدَ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ، فَمُولٍ مِنْ الْيَمِينِ سَوَاءٌ كَانَتْ صِيغَتُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَوْ مَا دَامَتْ تُرْضِعُ أَوْ مُدَّةَ الرَّضَاعِ أَوْ الْحَوْلَيْنِ، اُنْظُرْ شَارِحَ الزَّرْقَانِيِّ عَلَى خَلِيلٍ.

[قَوْلُهُ: مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا إلَخْ] فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ أَيْ إذَا قُيِّدَ بِمُدَّةِ الْمَرَضِ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُقَيَّدْ فَيَلْزَمُهُ الْإِيلَاءُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمَرَضُ لَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ فَإِنْ مَنَعَهُ فَلَا إيلَاءَ مُطْلَقًا.

[قَوْلُهُ: حَتَّى يُوقِعَهُ] أَيْ إلَّا أَنْ يُوقِعَهُ إلَخْ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ، إلَّا بَعْدَ الْأَجَلِ بِحَذْفِ الْعَاطِفِ أَيْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا بِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ، وَلَوْ قَالَ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا بَعْدَ أَجَلِ الْإِيلَاءِ وَإِيقَافِ السُّلْطَانِ، لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ، وَبَعْدُ فَفِي الْعِبَارَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِيقَافِ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ] أَيْ أَنَّ كَوْنَهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِتَمَامِ الْأَجَلِ مِنْ غَيْرِ إيقَافٍ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِمُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، وَإِنْ لَمْ يُوقَفْ، أَيْ فَيُوقِفُهُ السُّلْطَانُ إمَّا فَاءَ أَوْ طَلَّقَ، وَالْحَقُّ لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ دُونَ وَلِيِّهَا صَغِيرَةً مُطِيقَةً أَوْ كَبِيرَةً، وَلَوْ سَفِيهَةً، وَيَنْتَظِرُ إفَاقَةَ الْمَجْنُونَةِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهَا وَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا كَلَامٌ حَالَ الْجُنُونِ، وَالْإِغْمَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلِسَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً، وَلَوْ رَضِيَتْ هِيَ لِحَقِّهِ فِي الْوَلَدِ حَيْثُ يُرْجَى مِنْهَا الْوَلَدُ هَذَا، إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ الْوَطْءُ عَقْلًا كَرَتْقَاءَ أَوْ عَادَةً كَمَرِيضَةٍ أَوْ شَرْعًا كَحَائِضٍ وَمُحْرِمَةٍ وَإِلَّا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهَا وَلِسَيِّدِهَا.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ فَاءُوا] أَيْ رَجَعُوا إلَى الْوَطْءِ بَعْدَ امْتِنَاعِهِمْ مِنْهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>