للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُرَّةً، أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً، أَوْ كِتَابِيَّةً، وَالزِّينَةُ تَكُونُ بِأَشْيَاءَ أَحَدُهَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (بِحُلِيٍّ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ جَمْعُ حَلْيٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ كَالسِّوَارِ، وَالْخَلْخَالِ ذَهَبًا كَانَ، أَوْ فِضَّةً.

وَثَانِيهَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ كُحْلٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لِضَرُورَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ، وَلَا تَكْتَحِلُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ، وَثَالِثُهَا: إزَالَةُ الشَّعَثِ عَنْ نَفْسِهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (أَوْ غَيْرِهِ) فَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَلَا تَطْلِي جَسَدَهَا بِالنُّورَةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ تَسْتَحِدَّ وَتَنْتِفَ إبْطَهَا وَتُقَلِّمَ أَظْفَارَهَا وَتَحْتَجِمَ (وَتَجْتَنِبَ الصِّبَاغَ كُلَّهُ إلَّا الْأَسْوَدَ) فَإِنَّهُ لِبَاسُ الْحُزْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ زِينَةَ قَوْمٍ فَتَجْتَنِبَهُ.

(وَ) كَذَلِكَ (تَجْتَنِبُ الطِّيبَ كُلَّهُ) مُذَكَّرَهُ، وَهُوَ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَتْ رَائِحَتُهُ كَالْوَرْدِ وَمُؤَنَّثَهُ، وَهُوَ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ وَظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ كَالْمِسْكِ، وَإِنَّمَا مُنِعَتْ مِنْ الزِّينَةِ، وَالطِّيبِ؛ لِأَنَّهُمَا يَدْعُوَانِ إلَى النِّكَاحِ (وَلَا تَخْتَضِبُ بِحِنَّاءٍ) بِالْمَدِّ لَيْسَ إلَّا أَنَّهَا مِنْ الزِّينَةِ، وَقَدْ تَكُونُ مِنْ الطِّيبِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ (وَلَا تَقْرَبُ دُهْنًا مُطَيَّبًا) وَفِي نُسْخَةٍ وَلَا دُهْنَ مُطَيِّبٍ (وَلَا تَمْتَشِطُ بِمَا يَخْتَمِرُ فِي رَأْسِهَا) ، وَهُوَ مَا لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، ثُمَّ صَرَّحَ بِمَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ زِيَادَةُ إيضَاحٍ فَقَالَ: (وَعَلَى الْأَمَةِ) الصَّغِيرَةِ، وَالْكَبِيرَةِ (وَالْحُرَّةِ) الصَّغِيرَةِ، وَالْكَبِيرَةِ (الْإِحْدَادُ) لِمَا فِي أَبِي دَاوُد مِنْ «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا: لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَا الْمُمَشَّقَ وَلَا الْحُلِيَّ وَلَا تَخْتَضِبُ»

(وَاخْتُلِفَ فِي) وُجُوبِ الْإِحْدَادِ عَلَى (الْكِتَابِيَّةِ)

ــ

[حاشية العدوي]

ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: تَرْكُ مَا هُوَ زِينَةٌ، وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ فَيَدْخُلُ تَرْكُ الْخَاتَمِ فَقَطْ لِلْمُبْتَذِلَةِ [قَوْلُهُ: مِنْ الْوَفَاةِ] حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا فِي زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَيَشْمَلُ مَنْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَتِلْكَ الْمَنْكُوحَةُ فَاسِدًا مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ [قَوْلُهُ: عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ] لَكِنْ إنْ كَانَتْ كَبِيرَةً فَعَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً فَعَلَى وَلِيِّهَا [قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ كَبِيرَةً] ، وَكَذَا إنْ ارْتَابَتْ فَعَلَيْهَا الْإِحْدَادُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الرِّيبَةُ، وَإِنْ بَلَغَتْ إلَى خَمْسِ سِنِينَ [قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرَةً] ، وَلَوْ فِي الْمَهْدِ [قَوْلُهُ: أَوْ كِتَابِيَّةً] يُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ [قَوْلُهُ: جَمْعُ حَلْيٍ إلَخْ] ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الْجَمْعُ مَعَ أَنَّ الْمُفْرَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَيْضًا فَالْمُرَادُ الْجِنْسُ [قَوْلُهُ: كَالسِّوَارِ، وَالْخَلْخَالِ] أَيْ وَكَالْخَاتَمِ، وَالْقُرْطِ [قَوْلُهُ: ذَهَبًا كَانَ أَوْ فِضَّةً] قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ نُحَاسًا أَوْ حَدِيدًا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا تَرْكُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ حَتَّى مِنْ الْحَدِيدِ وَأَوْلَى الْجَوَاهِرِ، وَالْيَاقُوتُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْبَاجِيُّ [قَوْلُهُ: وَلَا تَكْتَحِلُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ] فَتَسْتَعْمِلُهُ لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا [قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ بِهِ] تَأْكِيدٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَأَرَادَ بِهِ الْإِذْنَ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ ضَرُورَةٌ تَقْتَضِي ذَلِكَ، وَمُفَادُ قَوْلِهِ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مُطْلَقُ الْحَاجَةِ، وَقَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ أَيْ وَقَدْ دَعَتْ الضَّرُورَةُ لِلطِّيبِ كَمَا أَفَادَهُ شَارِحُ الْمُوَطَّأِ [قَوْلُهُ: بِالنُّورَةِ] بِضَمِّ النُّونِ [قَوْلُهُ: تَسْتَحِدُّ] تُزِيلُ شَعْرَ عَانَتِهَا [قَوْلُهُ: وَتَحْتَجِمُ إلَخْ] مُوَافِقٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِي كُلٍّ إزَالَةَ مَا يُكْرَهُ بَقَاؤُهُ [قَوْلُهُ: الصِّبَاغُ] ظَاهِرُهُ جَوَازُ لُبْسِ الْأَبْيَضِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ زِينَةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ تت [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ زِينَةَ قَوْمٍ] أَيْ أَوْ تَكُونَ نَاصِعَةَ الْبَيَاضِ

[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ تَجْتَنِبُ الطِّيبَ] فَلَا تَشُمُّهُ وَلَا تَعْمَلُهُ وَلَا تَتَّجِرُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا صَنْعَةٌ غَيْرُهُ إذَا كَانَتْ تُبَاشِرُ مَسَّهُ بِنَفْسِهَا، فَإِنْ كَانَتْ يُبَاشِرُهُ لَهَا بِأَمْرِهَا كَخَادِمٍ لَمْ يُمْنَعْ [قَوْلُهُ: مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ] أَيْ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْهُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَخَفِيَتْ رَائِحَتُهُ أَيْ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا أَعْظَمَ، وَقَوْلُهُ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ أَيْ أَنَّ الْغَالِبَ إخْفَاءُ لَوْنِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يُظْهِرُهُ إنْسَانٌ، وَقَوْلُهُ وَظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ أَيْ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْهُ لَا لَوْنُهُ كَالْوَرْدِ فَإِنَّهُ يُتَمَتَّعُ بِرُؤْيَةِ لَوْنِهِ [قَوْلُهُ: وَقَدْ تَكُونُ مِنْ الطِّيبِ] لَعَلَّهُ لِكَوْنِهَا ذَاتَ رَائِحَةٍ طَيِّبَةٍ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ [قَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةٍ وَلَا دُهْنَ مُطَيِّبٍ] مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ لِلصِّفَةِ كَصَلَاةِ الْأُولَى تت [قَوْلُهُ: بِمَا يَخْتَمِرُ فِي رَأْسِهَا] يَعْنِي مَا تُشَمُّ رَائِحَتُهُ، وَالْخَمِيرُ الطِّيبُ قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ [قَوْلُهُ: الْمُمَشَّقُ] بِتَشْدِيدِ الشِّينِ أَيْ الْمَصْبُوغُ بِالْمِشْقِ عَلَى وَزْنِ حِمْلٍ وَهُوَ الْمَغْرَةُ أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ [قَوْلُهُ: وَلَا الْحُلِيِّ] فِي رِوَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>