للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي صُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا (عَلَى أَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ) الْحُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ كَانَا، أَوْ كَافِرَيْنِ إذَا كَانَ حُرًّا، وَاعْتَرَفَ بِفَقْرِهِمَا أَمَّا إذَا أَنْكَرَ فَقْرَهُمَا فَعَلَى الْأَبَوَيْنِ إثْبَاتُ عَدَمِهِمَا وَلَا يَحْلِفَانِ مَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَحْلِيفَهُمَا عُقُوقٌ (وَ) الْأُخْرَى (عَلَى صِغَارِ وَلَدِهِ الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ) أَمَّا لُزُومُ النَّفَقَةِ (عَلَى) الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ (الذُّكُورِ) (حَتَّى يَحْتَلِمُوا وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَا زَمَانَةَ) أَيْ لَا آفَةَ (بِهِمْ) تَمْنَعُهُمْ مِنْ الْكَسْبِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الزَّمَانَةَ إذَا طَرَأَتْ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَهُوَ صَحِيحٌ لَا أَثَرَ لَهَا، فَلَا تَعُودُ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(وَ) أَمَّا لُزُومُهَا (عَلَى الْإِنَاثِ) الْأَحْرَارِ فَهِيَ مُسْتَمِرَّةٌ عَلَيْهِنَّ (حَتَّى يَنْكِحْنَ وَيَدْخُلَ بِهِنَّ) أَيْ يَطَأَهُنَّ (أَزْوَاجُهُنَّ) ، أَوْ يُدْعَى إلَى الدُّخُولِ، وَهُوَ بَالِغٌ، وَالزَّوْجَةُ مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا، فَإِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا لَا

ــ

[حاشية العدوي]

وَلَزِمَهَا الْمَقَامُ مَعَهُ بِلَا نَفَقَةٍ، وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِلْمِ إنْ كَانَ مِنْ السُّؤَالِ لِشُهْرَةِ حَالِهِ وَعَلَى عَدَمِهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا لَا يَسْأَلُ نَعَمْ إذَا عَلِمَتْ أَنَّهُ مِنْ السُّؤَالِ أَوْ اشْتَهَرَ بِالْعَطَاءِ، ثُمَّ تَرَكَ السُّؤَالَ أَوْ انْقَطَعَ الْعَطَاءُ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يُمْسِكُ الْحَيَاةَ فَقَطْ فَهُوَ كَالْعَاجِزِ، لَا إنْ قَدَرَ عَلَى قُوتِ زَوْجَتِهِ الْكَامِلِ مِنْ الْخُبْزِ مَأْدُومًا أَوْ غَيْرَ مَأْدُومٍ مِنْ قَمْحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا قِيَامَ لَهَا، وَلَوْ دُونَ مَا يَكْتَسِبُهُ فُقَرَاءُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَلَوْ كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ وَغِنًى أَوْ قَدَرَ عَلَى سَتْرِ جَمِيعِ بَدَنِهَا، وَلَوْ عَلَى غَلِيظِ الْكَتَّانِ أَوْ الْجِلْدِ، وَلَوْ غَنِيَّةً فَلَا قِيَامَ لَهَا وَالْقَادِرُ بِالتَّكَسُّبِ كَالْقَادِرِ بِالْمَالِ إنْ تَكَسَّبَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّكَسُّبِ.

تَنْبِيهٌ:

هَذَا الطَّلَاقُ الصَّادِرُ مِنْ الْحَاكِمِ رَجْعِيٌّ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ الرَّجْعَةِ إلَّا إذَا وَجَدَ فِي الْعِدَّةِ يَسَارًا يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا، بِحَيْثُ يَجِدُ شَيْئًا يَظُنُّ مَعَهُ إدَامَةَ النَّفَقَةِ وَأَمَّا لَوْ تَجَمَّدَتْ لَهَا نَفَقَةٌ فِيمَا مَضَى فَلَهَا الطَّلَبُ حَيْثُ تَجَمَّدَتْ زَمَنَ يُسْرِهِ وَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِالْعَجْزِ عَنْهَا.

[قَوْلُهُ: عَلَى أَبَوَيْهِ] أَيْ النَّفَقَةُ عَلَى أَبَوَيْهِ كَانَ الشَّخْصُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ [قَوْلُهُ: الْفَقِيرَيْنِ] أَيْ الْمُعْسِرَيْنِ بِنَفَقَتِهِمَا، وَإِنْ كَانَ لَهُمَا دَارٌ وَخَادِمٌ لَا فَضْلَ فِيهَا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبَوَانِ قَادِرَيْنِ عَلَى الْكَسْبِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَا قَادِرَيْنِ عَلَى الْكَسْبِ.

وَلَوْ بِصَنْعَةٍ فِيهَا عَلَيْهِمَا مَعَرَّةٌ لِاتِّصَافِهِمَا بِهَا قَبْلَ وُجُودِ الْوَلَدِ غَالِبًا، فَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الْأُمُّ الْفَقِيرَةُ بِفَقِيرٍ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، وَكَذَا الْبِنْتُ لَوْ تَزَوَّجَتْ بِفَقِيرٍ، وَلَوْ قَدَرَ زَوْجُ الْأُمِّ أَوْ الْبِنْتِ عَلَى بَعْضِ النَّفَقَةِ لَزِمَ الْأَبَ أَوْ الْوَلَدَ كَمَا لَهَا [قَوْلُهُ: الْحُرَّيْنِ] أَيْ لِأَنَّ الرَّقِيقَيْنِ غَنِيَّانِ بِسَيِّدِهِمَا [قَوْلُهُ: إذَا كَانَ حُرًّا] ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى أَبَوَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ نَفْسِهِ [قَوْلُهُ: إثْبَاتُ عَدَمِهِمَا] أَيْ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِفَانِ مَعَ ذَلِكَ] أَيْ وَإِنْ كَانَ الْعُسْرُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَيَمِينٍ وَيَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ أَيْضًا أَنْ يُنْفِقَ عَلَى خَادِمِ أَبَوَيْنِ وَخَادِمِ زَوْجَةِ أَبِيهِ الْمُتَأَهِّلَةِ، لِذَلِكَ وَظَاهِرُهُ.

وَلَوْ تَعَدَّدَ الْخَادِمُ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُحْتَاجَيْنِ لِلْخَادِمِ [قَوْلُهُ: عَلَى صِغَارِ وَلَدِهِ] أَيْ مُبَاشَرَةً فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ [قَوْلُهُ: الْأَحْرَارِ] ، وَلَوْ كَانُوا كُفَّارًا وَأَمَّا الْأَرِقَّاءُ فَنَفَقَتُهُمْ عَلَى سَيِّدِهِمْ لَا عَلَى آبَائِهِمْ، وَلَوْ أَحْرَارًا وَلَا عَلَى الْأَبِ الرَّقِيقِ نَفَقَةُ وَلَدِهِ، وَلَوْ حُرًّا، وَنَفَقَةُ وَلَدِهِ الْحُرِّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ كَانَ مُتَخَلِّفًا عَلَى الْحُرِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْعِتْقِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى مُعْتِقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ [قَوْلُهُ: وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا زَمَانَةَ بِهِمْ] بِفَتْحِ الزَّايِ أَيْ مَرَضًا دَائِمًا تَحْقِيقُ أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ نَفَقَةُ الْوَالِدِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَلَا صَنْعَةَ تَقُومُ بِهِ عَلَى الْأَبِ الْحُرِّ حَتَّى يَبْلُغَ عَاقِلًا قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ، وَيَجِدُ مَا يَكْتَسِبُ فِيهِ.

أَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ صَنْعَةٌ لَا مَعَرَّةَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَبِيهِ أَوْ عَلَيْهِمَا فَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَبِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَفَرَغَ قَبْلَ بُلُوغِهِ لَوَجَبَ عَلَى الْأَبِ بَعْدَ فَرَاغِ الْمَالِ أَوْ كَانَ فِيهَا مَعَرَّةٌ عَلَى الْأَبِ أَوْ الِابْنِ أَوْ عَلَيْهِمَا، فَكَذَلِكَ أَيْ تَجِبُ عَلَى الْأَبِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ صَنْعَةٌ كَاسِدَةٌ أَوْ دَفَعَ الْأَبُ مَالَ الصَّغِيرِ قِرَاضًا وَسَافَرَ الْعَامِلُ وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا فَتَعُودُ عَلَى الْأَبِ، وَمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا أَوْ زَمِنًا أَوْ أَعْمَى فَتَسْتَمِرُّ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَبِ.

وَلَوْ كَانَ يُجَنُّ حِينًا بَعْدَ حِينٍ فَإِذَا بَلَغَ قَادِرًا عَلَى الْبَعْضِ فَيَجِبُ عَلَى الْوَالِدِ تَتْمِيمُهَا [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ [قَوْلُهُ: أَيْ يَطَأَهُنَّ إلَخْ] لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الْمُرَادُ بِالدُّخُولِ الْخَلْوَةُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ وَطْءٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَفَقَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>