للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسِيرًا يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ يَسِيرًا فَلَا خِيَارَ لَهُ، إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرِّبَاعِ، وَالْعَقَارِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ خَاصَّةً، وَاخْتُلِفَ فِي الْعُرُوضِ فَقِيلَ: لَا خِيَارَ لَهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: لَهُ الْخِيَارُ وَيَأْخُذُ ثَمَنَهُ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمُبْتَاعِ إذَا وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا فِي حَبْسِهِ أَوْ رَدِّهِ فَقَالَ: (إلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ) أَيْ الْمَبِيعُ (عِنْدَهُ) أَيْ الْمُبْتَاعِ (عَيْبٌ مُفْسِدٌ) أَيْ مُنْقِصٌ مِنْ الثَّمَنِ كَثِيرًا (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُبْتَاعِ (أَنْ يَرْجِعَ) عَلَى الْبَائِعِ (بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ مِنْ الثَّمَنِ) الَّذِي أَخَذَهُ (أَوْ يَرُدَّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (وَيَرُدَّ مَعَهُ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ) الْحَادِثُ (عِنْدَهُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ: أَنَا أَقْبَلُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

تَخْيِيرِ مَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا بِأَكْلِهِ فَوَجَدَهُ أَكُولًا قَالَهُ الشَّيْخُ.

[قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ يَسِيرًا يُنْقِصُ] اعْلَمْ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا جِدًّا لَا يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ كَسُقُوطِ شُرَّافَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ قَلِيلًا لَا جِدًّا كَصَدْعٍ يَسِيرٍ بِحَائِطٍ لَمْ يُخَفْ عَلَى الدَّارِ السُّقُوطُ مِنْهُ خِيفَ عَلَى الْجِدَارِ أَمْ لَا، أَوْ كَثِيرًا كَصَدْعِ حَائِطٍ خِيفَ عَلَى الدَّارِ السُّقُوطُ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا جِدًّا فَلَا رَدَّ بِهِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا قِيمَةَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا جِدًّا وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ فَلَا رَدَّ لَهُ أَيْضًا لَكِنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِأَرْشِهِ، وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الْقَلِيلِ لَا جِدًّا فَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ لِلْعَادَةِ وَهُوَ الْأَصْلُ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: مَا دُونَ الثُّلُثِ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ وَيَرْجِعَ بِثَمَنِهِ أَوْ يَتَمَسَّكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ كَانَ يَسِيرًا يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ يَسِيرًا عَلَى الْمُتَوَسِّطِ. [قَوْلُهُ: فِي الرَّبَاعِ جَمْعُ رَبْعٍ مَنْزِلُ الْقَوْمِ] أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ فَعَطَفَ الْعَقَارَ عَلَيْهِ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَرْضِ، وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ [قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَهُ الْخِيَارُ إلَخْ] هُوَ الرَّاجِحُ، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ثَابِتٌ فِي الْقَلِيلِ كَالْكَثِيرِ إلَّا فِي الدُّورِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَثْنَى] أَيْ مَحَلَّ مَا تَقَدَّمَ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا لَوْ تَغَيَّرَ عِنْدَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَتَغَيُّرُهُ عَلَى أَقْسَامٍ مُتَوَسِّطٍ وَمُخْرِجٍ عَنْ الْمَقْصُودِ كَهَرَمِ الدَّابَّةِ وَقَطْعِ الشَّفَةِ قَطْعًا غَيْرَ مُعْتَادٍ وَقَلِيلٍ جِدًّا، وَأَشَارَ لِلتَّوَسُّطِ بِقَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ [قَوْلَهُ: أَيْ مُنْقِصٌ مِنْ الثَّمَنِ كَثِيرًا] مُرَادُهُ بِهِ الْمُتَوَسِّطُ كَعَجَفِ الدَّابَّةِ أَوْ عَمَى أَوْ شَلَلِ أَوْ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ، وَأَمَّا الْمُخْرِجُ عَنْ الْمَقْصُودِ كَكِبَرِ الصَّغِيرِ وَهَرَمِ الْكَبِيرِ وَافْتِضَاضِ الْبِكْرِ فَهُوَ مُفَوِّتٌ لِلرَّدِّ وَمُوجِبٌ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ فَيُقَوَّمُ سَالِمًا مِنْ كُلِّ عَيْبٍ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ سَالِمٌ، فَإِذَا قِيلَ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ يُقَالُ: وَمَا قِيمَتُهُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِخُمُسِ الثَّمَنِ فِي هَذَا الْمِثَالِ.

وَأَمَّا إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ قَلِيلٌ جِدًّا كَرَمَدٍ وَصُدَاعٍ وَخَفِيفِ حُمَّى وَوَطْءِ ثَيِّبٍ فَحُكْمُهُ كَالْمُتَوَسِّطِ إذَا قَالَ الْبَائِعُ: أَقْبَلُهُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ وَذَهَابُ الْأُنْمُلَةِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ فِي الرَّائِعَةِ وَذَهَابُ الْأُصْبُعِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ مُطْلَقًا.

وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِالْقَدِيمِ، وَلَوْ قَلَّ بِخِلَافِ الْحَادِثِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ يُتَوَقَّعُ تَدْلِيسُهُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الشَّامِلِ. [قَوْلُهُ: فَلَهُ أَيْ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَرْجِعَ] .

حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ صَحِيحًا وَبِالْقَدِيمِ وَبِالْحَادِثِ حَيْثُ اخْتَارَ الرَّدَّ وَوَجْهُ تَقْوِيمِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ مَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ يُونُسَ بِقَوْلِهِ: يُقَوَّمُ صَحِيحًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ لِيُعْلَمَ النَّقْصُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَسْقُطَ نِسْبَتُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَصِيرَ مَا عَدَا الْمُسْقِطَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الثَّمَنِ، أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَادِثِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ صَحِيحًا مِائَةً وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ ثَمَانِينَ، فَالنَّقْصُ عِشْرُونَ فَيُنْقَصُ مِنْ الثَّمَنِ خَمْسَةٌ، فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ خَمْسِينَ يُنْقَصُ خَمْسَةٌ وَهُوَ عَشَرَةٌ، وَإِذَا قَوَّمْنَاهُ ثَالِثًا بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ، وَالْقَدِيمِ بِسِتِّينَ فَقَدْ نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ رُبُعُهُ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ بِالْعَيْبَيْنِ عَنْ قِيمَتِهِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ رُبْعُهُ اهـ.

أَيْ فَيُرَدُّ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ عَشَرَةٌ الَّتِي هِيَ رُبْعُ الْأَرْبَعِينَ، فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَاسُكَ قَوَّمَ تَقْوِيمَيْنِ صَحِيحًا وَبِالْقَدِيمِ فَقَطْ لِيُعْلَمَ النَّقْصُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ أَوْ يُسْقِطَ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَصِيرَ الثَّمَنُ مَا عَدَاهُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّقْوِيمِ يَوْمُ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَضَمَانُ الْمُشْتَرِي يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ كَوْنِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا، ثُمَّ الصَّحِيحُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَشْيَاءِ الْمَبِيعَةِ فَقَدْ يَكُونُ الْمَبِيعُ أَمَةً مُوَاضَعَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَأُجْرَةُ الْمُقَوِّمِ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي بَابِ الْفَسَادِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا كَذَلِكَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>