إحْدَاهُمَا: أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً وَاحِدَةً بِثَمَنَيْنِ مُخْتَلِفِينَ وَإِلَيْهَا أَشَارَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: (أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً إمَّا بِخَمْسَةٍ نَقْدًا أَوْ عَشَرَةٍ إلَى أَجَلٍ قَدْ لَزِمَتْهُ بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ) ، وَلَوْ عُكِسَ لَجَازَ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَاقِلٍ لَا يَخْتَارُ إلَّا الْأَقَلَّ فِي الْمِقْدَارِ، وَالْأَبْعَدَ فِي الْأَجَلِ (وَ) الْأُخْرَى (أَنْ يَبِيعَهُ إحْدَى سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ) كَثَوْبٍ وَشَاةٍ بِدِينَارٍ عَلَى اللُّزُومِ فَشَرْطُ الْمَنْعِ فِي الصُّورَتَيْنِ مَعًا كَوْنُ الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا لِلْغَرَرِ إذْ لَا يَدْرِي الْبَائِعُ بِمَ بَاعَ، وَلَا الْمُشْتَرِي بِمَ اشْتَرَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى اللُّزُومِ جَازَ
(وَ) كَذَا (لَا يَجُوزُ بَيْعُ التَّمْرِ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ وَمِيمٍ سَاكِنَةٍ اسْمٌ لِلْيَابِسِ (بِالرُّطَبِ) بِضَمِّ الرَّاءِ لَا مُتَفَاضِلًا وَلَا مُتَمَاثِلًا لِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا جَفَّ فَقَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: فَلَا إذًا» . مَالِكٌ: فَلَا يُبَاعُ إذًا، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مَعْنَاهُ فَلَا بَأْسَ إذًا (وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ (بَيْعُ الزَّبِيبِ بِالْعِنَبِ لَا مُتَفَاضِلًا وَلَا مِثْلًا بِمِثْلٍ) ؛ لِأَنَّ التَّمَاثُلَ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ؛ لِأَنَّ الرُّطَبَ إذَا يَبِسَ قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ الْيَابِسِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ مِثْلَهُ، فَهَذَا غَرَرٌ، وَالْجَهْلُ بِالتَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ، وَالتَّفَاضُلُ فِيهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ (وَ) كَذَا (لَا) يَجُوزُ (رَطْبٌ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ بَيْعُهُ (بِيَابِسٍ مِنْ جِنْسِهِ) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: (مِنْ سَائِرِ الثِّمَارِ، وَالْفَوَاكِهِ) لَكَانَ أَوْلَى لِيُدْخِلَ فِيهِ الْحُبُوبَ، وَاحْتَرَزَ بِهِ مِمَّا لَوْ بِيعَ رَطْبٌ بِيَابِسٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ إذْ التَّفَاضُلُ بَيْنَ الْأَجْنَاسِ جَائِزٌ.
، وَالْمَشْهُورُ جَوَازُ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالرَّطْبِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَلَوْ كَانَ جَدِيدًا بِقَدِيمٍ وَمَنَعَ عَبْدُ الْمُلْكِ الْجَدِيدَ بِالْقَدِيمِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ (وَهُوَ) أَيْ بَيْعُ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ مِنْ جِنْسِهِ (مِمَّا) أَيْ مِنْ بَعْضِ الَّذِي (نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْمُزَابَنَةِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُزَابَنَةُ، إذْ الْمُزَابَنَةُ بَيْعُ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ أَوْ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ، فَإِنَّ الرَّطْبَ مَعْلُومٌ، وَالْيَابِسَ مَجْهُولٌ إذْ لَا يُدْرَى مِقْدَارُ مَا فِيهِ مِنْ الرَّطْبِ، وَالْمُزَابَنَةُ عِنْدَنَا لَا تَخْتَصُّ بِالرِّبَوِيِّ، وَإِنْ وَقَعَتْ مُفَسَّرَةً
ــ
[حاشية العدوي]
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ» [قَوْلُهُ: بِثَمَنَيْنِ] أَيْ فَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْبَيْعَتَيْنِ الثَّمَنَيْنِ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ، أَيْ لِأَنَّ الثَّمَنَ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْعِ [قَوْلُهُ: إحْدَى سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ] أَيْ بِغَيْرِ الْجَوْدَةِ، وَالرَّدَاءَةِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ لِلْجَهْلِ بِالْمُثَمَّنِ فِي صُورَةِ الشَّارِحِ الَّتِي هِيَ اتِّحَادُ الْمُثَمَّنِ أَوْ الثَّمَنِ إذَا اخْتَلَفَ.
[قَوْلُهُ: إذْ لَا يَدْرِي الْبَائِعُ] هَذِهِ الْعِلَّةُ إنَّمَا هِيَ ظَاهِرَةٌ فِي الْأُولَى. [قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى اللُّزُومِ جَازَ] أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْخِيَارِ فِيمَا يُعَيِّنُهُ كَمَا يَجُوزُ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا بِالْجَوْدَةِ، وَالرَّدَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنَّمَا يَدْخُلُ عَلَى الْأَجْوَدِ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تَكُنْ السِّلْعَةُ الْمَبِيعَةُ أَحَدَ طَعَامَيْنِ وَإِلَّا امْتَنَعَ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا.
[قَوْلُهُ: قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ] هَذَا بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ إذْ الشَّأْنُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ إذَا يَبِسَ [قَوْلُهُ: وَلَا رَطْبٌ بِيَابِسٍ] فَلَا يُبَاعُ الْفُولُ الْحَارُّ بِالْيَابِسِ وَلَا الْقَمْحُ بِالْبَلِيلَةِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةُ مَعَ عَدَمِ انْتِقَالِ أَحَدِهِمَا، وَلِذَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَمَّسِ بِالْيَابِسِ، وَالْقَمْحِ بِالْهَرِيسَةِ يَدًا بِيَدٍ لِانْتِقَالِ الْمُدَمَّسِ، وَالْمَطْبُوخِ عَنْ أَصْلِهِ، كَمَا يَجُوزُ الْيَابِسُ بِالرَّطْبِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ عَنْ الْأَصْلِ [قَوْلُهُ: وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ] وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ يُعْتَبَرُ الْحَالُ فَتَجُوزُ الْمُمَاثَلَةُ أَوْ الْمَآلُ فَلَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْقُصَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ [قَوْلُهُ: بَيْعٌ مَعْلُومٌ] كَبَيْعِ وَسْقِ تَمْرٍ بِتَمْرِ نَخْلَةٍ عَلَى رَأْسِهَا، وَمِثَالُ بَيْعِ الْمَجْهُولِ بِالْمَجْهُولِ كَبَيْعِ تَمْرِ نَخْلَةٍ لَمْ يَجُدُّ بِتَمْرِ نَخْلَةٍ لَمْ يَجُدُّ أَيْضًا [قَوْلُهُ: وَالْيَابِسُ مَجْهُولٌ] الْعِبَارَةُ فِيهَا قَلْبٌ، وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ فَالْيَابِسُ مَعْلُومٌ، وَالرَّطْبُ مَجْهُولٌ [قَوْلُهُ: وَالْمُزَابَنَةُ عِنْدَنَا لَا تَخْتَصُّ بِالرِّبَوِيِّ] .
حَاصِلُهُ أَنَّ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ مِنْ الطَّعَامِ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ وَاَلَّذِي لَيْسَ بِطَعَامٍ أَصْلًا كَالْحَدِيدِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَجْهُولٍ مِنْهُ بِمَعْلُومٍ وَلَا مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ الْفَضْلُ، وَأَمَّا الطَّعَامُ الرِّبَوِيُّ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ مُطْلَقًا تَبَيَّنَ الْفَضْلُ أَوْ لَا، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسُ أَجْزَأَ مُطْلَقًا تَبَيَّنَ