للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَفْسَخَهَا فِي عَشْرَةِ أَثْوَابٍ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ دُونَهُ فَقَوْلَانِ: الْجَوَازُ وَهُوَ أَظْهَرُ فِي النَّظَرِ، وَالْمَنْعُ وَهُوَ أَشْهَرُ، وَمُنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ النَّهْيُ عَنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ مُعَلَّلٌ أَوْ لَا، فَمَنْ عَلَّلَ بِالزِّيَادَةِ أَجَازَ إذْ لَا زِيَادَةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.

وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعَلَّلٍ قَالَ: بِالْمَنْعِ، وَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا لِوُجُودِ الرِّبَا الْمُتَّفَقِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَهُوَ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ، إمَّا أَنْ يَقْضِيَ لَهُ وَإِمَّا أَنْ يُرْبِيَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْأَجَلِ تَقْتَضِي الزِّيَادَةَ فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ وَقَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك عَلَى أَنْ يَكُونَ عَلَيْك حَالًا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ السِّلَعَ الْمُعَيَّنَةَ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا قَبْلَ شِرَائِهَا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: اشْتَرِ مِنِّي سِلْعَةَ فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَبِيعُهَا فُلَانٌ أَمْ لَا، وَهَلْ يَكُونُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ فَيَكُونُ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ أَوْ يَكُونُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فَيَخْسَرُ الزَّائِدَ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ السَّلَمَ الْحَالَّ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ لَيْسَ عِنْدَهُ عَلَى أَنْ يَمْضِيَ لِلسُّوقِ فَيَشْتَرِيَهُ وَيَدْفَعَهُ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَجِدَهُ أَوْ لَا، وَإِذَا وَجَدَهُ فَإِمَّا بِأَكْثَرَ مِمَّا بَاعَهُ فَيُؤَدِّيَ مِنْ عِنْدِهِ مَا يُكْمِلُ بِهِ الثَّمَنَ، وَذَلِكَ مِنْ السَّفَهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَإِمَّا أَنْ يَجِدَهُ بِأَقَلَّ فَيَأْكُلَ مَا بَقِيَ بَاطِلًا وَهُوَ لَا يَجُوزُ.

تَنْبِيهٌ:

قَيَّدَ ج كَلَامَ الشَّيْخِ بِقَوْلِهِ: هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْغَالِبُ وُجُودَهُ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ وُجُودَهُ فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ إلَيْهِ عَلَى الْحُلُولِ إجْرَاءً لَهُ مَجْرَى الْقَبْضِ كَالْقَصَّابِ، وَالْخَبَّازِ الدَّائِمِ الْعَمَلِ انْتَهَى. وَفِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ جَوَازُ الشِّرَاءِ مِنْ الصَّانِعِ الدَّائِمِ الْعَمَلِ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا وَعَلَى الْمَشْهُورِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَهُ، وَأَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

لِمَا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَوْ فِي عَدَدِهِ أَوْ صِفَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا فَفَسَخَهُ فِي عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ حَرَامٌ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ، أَوْ كَانَ دَيْنُهُ عَرْضًا فَفَسَخَهُ فِي عَيْنٍ أَوْ كَانَ عَيْنًا وَفَسَخَهَا فِي عَيْنٍ أَجْوَدَ وَأَوْلَى أَكْثَرَ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ أَشْهُرُ] قَالَ فِي الْكَبِيرِ: وَأَسْعَدَ بِظَاهِرِ الْكِتَابِ.

تَنْبِيهٌ:

فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَشَدُّ الثَّلَاثَةِ فِي الْحُرْمَةِ وَيَلِيهِ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَأَخَفُّهَا ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي رَأْسِ الْمَالِ التَّأْخِيرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَكَأَنَّ فَسْخَ الدَّيْنِ أَشَدُّ حُرْمَةً؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ، وَالرِّبَا مُحَرَّمٌ كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا، وَأَمَّا الْآخَرَانِ فَتَحْرِيمُهُمَا بِالسُّنَّةِ [قَوْلُهُ: تَقْتَضِي الزِّيَادَةَ إلَخْ] أَيْ تَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ الثِّيَابُ قِيمَتُهَا أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ [قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك] فَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا لَا يَجُوزُ الْفَسَادُ وَتُرَدُّ السِّلْعَةُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً [قَوْلُهُ: فَيَكُونُ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ] قَدْ يُقَالُ: هَذَا أُجْرَةٌ لَهُ فَلَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَبِيعُ لَهُ أَمْ لَا [قَوْلُهُ: إنَّهُ أَرَادَ السَّلَمَ الْحَالَ] فَالْبَيْعُ وَقَعَ عَلَى السِّلْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا بَائِعُهَا وَلِذَلِكَ مُنِعَ، وَأَمَّا لَوْ طَلَب شَخْصٌ مِنْ آخَرَ سِلْعَةً لِيَشْتَرِيَهَا فَلَمْ يَجِدْهَا عِنْدَهُ فَنَصَّ عَلَيْهَا الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ بِسِلْعَةٍ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْ الْغَيْرِ وَيَبِيعَهَا بَعْدَ اشْتِرَائِهَا لِطَالِبِهَا [قَوْلُهُ: وَذَلِكَ مِنْ السَّفَهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ] قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا فِعْلُ مَكَارِمِ أَخْلَاقٍ مَعَ الْمُسَلِّمِ إذْ الشِّرَاءُ بِكَثِيرٍ، وَالْبَيْعُ بِقَلِيلٍ لَا يَنْحَصِرُ فِي السَّفَهِ [قَوْلُهُ: كَالْقَصَّابِ] إلَخْ هُوَ الْجَزَّارُ؛ لِأَنَّهُ يُقَطِّعُ الشَّاةَ عُضْوًا عُضْوًا مِنْ قَصَبَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ إذَا قَطَّعَ الشَّاةَ عُضْوًا عُضْوًا أَفَادَهُ فِي الْمِصْبَاحِ. [قَوْلُهُ: الدَّائِمِ] أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا الْعَمَلُ [قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ عَلَى الْحُلُولِ] أَيْ لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ

[قَوْلُهُ: انْتَهَى] أَيْ كَلَامُ ابْنِ نَاجِي قَالَ عج عَقِبَ كَلَامِ ابْنِ نَاجِي هَذَا: قُلْت هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ كَالسَّلَمِ فِي شُرُوطِهِ إلَّا فِي ضَرْبِ الْأَجَلِ اهـ.

[قَوْلُهُ: وَفِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ] وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ [قَوْلُهُ: كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا] أَيْ يَتَعَاقَدُ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ خُبْزًا مَثَلًا وَلِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ فِي هَذِهِ، وَبَقِيَ صُورَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنْ يَأْخُذَ جُمْلَةً مِنْهُ يُفَرِّقُهَا عَلَى أَيَّامٍ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ فِي هَذِهِ.

قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ: وَيَكُونُ بَيْعًا بِالنَّقْدِ لَا سَلَمًا فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ اهـ.

[قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>