للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَأَنْ تَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهَا فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ، وَمَاؤُهَا غَامِرٌ، وَأَنْ تَكُونَ غَيْرَ حَرَامٍ فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ حَائِضٍ لِكَنْسِ مَسْجِدٍ بِنَفْسِهَا، وَأَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ لِيَنْتَفِيَ الْغَرَرُ كَمَا إذَا اكْتَرَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ لِيَرْكَبَهَا مَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ كَحَمِيرِ الْمُكَارِيَةِ عِنْدَنَا بِمِصْرَ فَإِنَّهَا جَارِيَةٌ فِي رُكُوبِهَا.

وَأَمَّا شَرَائِطُهَا فَثَلَاثَةٌ أَشَارَ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: (إذَا ضَرَبَا لِذَلِكَ أَجَلًا وَسَمَّيَا الثَّمَنَ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي كُلِّ إجَارَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مِنْ الْإِجَارَاتِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى ضَرْبِ أَجَلٍ وَهُوَ مَا تَكُونُ غَايَتُهُ الْفَرَاغَ مِنْهُ كَالْخِيَاطَةِ، وَالنَّسْجِ، وَمِنْهَا مَا يَحْتَاجُ إلَى ضَرْبِ أَجَلٍ وَهُوَ مَا لَا غَايَةَ لَهُ إلَّا بِضَرْبِ الْأَجَلِ مِثْلُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا، وَأَمَّا الثَّانِي: فَظَاهِرُهُ كَمَا قَالَ ج: أَنَّهُ إذَا لَمْ تَقَعْ تَسْمِيَةٌ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفٌ لَا يَخْتَلِفُ فَيَجُوزُ، وَسُمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ الْخَيَّاطِ الْمُخَالِطِ الَّذِي لَا يَكَادُ يُخَالِفُ مُسْتَعْمِلَهُ دُونَ تَسْمِيَةِ أَجْرٍ إذَا فَرَغَ أَرْضَاهُ بِشَيْءٍ يُعْطِيهِ لَهُ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ النَّاسَ اسْتَأْجَرُوهُ كَمَا يُعْطَى الْحَجَّامُ، وَالْحَمَّامِيُّ، وَالْمَنْعُ مِنْهُ حَرَجٌ فِي الدِّينِ وَغُلُوٌّ فِيهِ انْتَهَى. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَوْصُوفًا أَوْ لَهُ عُرْفٌ يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْمُتَآجِرَانِ.

ــ

[حاشية العدوي]

بِحُكْمِ التَّبَعِ وَلَمْ يُقْصَدْ ثَمَّ فِي الْكَلَامِ بَحْثٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ الْمَنْفَعَةُ، وَالضَّمِيرُ فِي فَيَكُونُ عَائِدٌ عَلَى الْإِجَارَةِ لَا الْمَنْفَعَةِ [قَوْلُهُ: وَمَاؤُهَا غَامِرٌ] أَيْ فَالْمَنْفَعَةُ وَهِيَ الزِّرَاعَةُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهَا أَيْ وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ أَيْ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ إنْ انْكَشَفَتْ.

وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ أَسْتَأْجِرُ مِنْك أَرْضَك إنْ انْكَشَفَتْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَكِنْ بِشَرْطِ عَدَمِ النَّقْدِ، فَمَتَى حَصَلَ النَّقْدُ، وَلَوْ تَطَوُّعًا وُجِدَ الْمَنْعُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَنْكَشِفُ أَصْلًا فَلَا يَجُوزُ.

[قَوْلُهُ: لِكَنْسِ مَسْجِدٍ بِنَفْسِهَا] أَيْ فَالْمَنْفَعَةُ وَهِيَ كَنْسُهَا الْمَسْجِدَ بِنَفْسِهَا حَرَامٌ، فَإِنْ قُلْت: هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ أَنْ تَكُونَ مُبَاحَةً إلَخْ. قُلْت: لَا تَكْرَارَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُرَادٌ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ ذَاتُهَا مُبَاحَةً فَصَوْتُ آلَاتِ الطَّرَبِ حَرَامٌ لِذَاتِهِ بِخِلَافِ كَنْسِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ فَإِنَّ حُرْمَتَهُ إنَّمَا هِيَ مِنْ أَجْلِ كَوْنِهَا حَائِضًا، وَلَوْ انْتَفَى الْحَيْضُ لَانْتَفَتْ الْحُرْمَةُ، نَعَمْ يَبْقَى إشْكَالٌ فِي الْغِنَاءِ فَإِنَّ ذَاتَه مَكْرُوهَةٌ، وَالْحُرْمَةُ إنَّمَا تَلْحَقُهُ لِعَارِضٍ فَتَدَبَّرْ.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُتَعَلِّقَةً بِذِمَّتِهَا فَتَجُوزُ. [قَوْلُهُ: جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ] أَيْ جِنْسٌ هُوَ الْمَنْفَعَةُ. [قَوْلُهُ: كَمَا إذَا اكْتَرَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا] أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْحِمْلِ وَلَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ الْمَحْمُولَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِيَرْكَبَهَا أَيْ يَقُولُ لَهُ أَكْتَرِي مِنْك الدَّابَّةَ لِأَرْكَبَهَا. [قَوْلُهُ: الْمُكَارِيَةِ] جَمْعُ مُكَارِي بِضَمِّ الْمِيمِ فِيهِمَا.

[قَوْلُهُ: وَمِنْهَا مَا يَحْتَاجُ إلَخْ] وَاخْتُلِفَ إذَا جُمِعَ بَيْنَ الزَّمَنِ، وَالْعَمَلِ كَأَنْ قَالَ لَهُ: خِطْ هَذَا الثَّوَابَ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِدِرْهَمٍ فَقِيلَ: يَفْسُدُ إذَا كَانَ الزَّمَنُ مُسَاوِيًا لِلْعَمَلِ، وَأَوْلَى إذَا كَانَ الْعَمَلُ أَكْثَرَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الزَّمَنُ أَوْسَعَ مِنْ الْعَمَلِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَقِيلَ: يُمْنَعُ مُطْلَقًا وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَإِنْ عَمِلَ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَ لَهُ فَلَهُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ عَمِلَهُ فِي أَكْثَرَ فَيُقَالُ: مَا أُجْرَتُهُ عَلَى عَمَلِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ؟ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ مَثَلًا فَيُقَالُ: مَا أُجْرَتُهُ عَلَى عَمَلِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَمِلَ فِيهِ؟ فَإِذَا قِيلَ أَرْبَعٌ حُطَّ عَنْهُ مِنْ الْمُسَمَّى خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ الَّتِي سَمَّاهَا إلَّا عَلَى الْعَمَلِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ. [قَوْلُهُ: بِأَعْيَانِهَا] ، وَكَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعَيَّنَةً كَخَمْسِينَ نَعْجَةً. [قَوْلُهُ: وَسُمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِمَّا أُعْطِيَ حُكْمُ الْعُرْفِ وَلَيْسَ مِنْ الْعُرْفِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ. [قَوْلُهُ: لَا يَكَادُ يُخَالِفُ مُسْتَعْمِلَهُ] أَيْ فِيمَا يُعْطِيهِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَفِيمَا يَقْصِدُهُ مِنْهُ. [قَوْلُهُ: إذَا فَرَغَ] أَيْ حَيْثُ كَانَ إذَا فَرَغَ الْخَيَّاطُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ إذْ مِثْلُهُ غَيْرُهُ. [قَوْلُهُ: كَمَا يُعْطَى الْحَجَّامُ] أَيْ لِأَنَّ النَّاسَ اسْتَأْجَرُوهُ عَلَى شَيْءٍ مَعْرُوفٍ فِي الْجُمْلَةِ كَالْقَدْرِ الَّذِي يُعْطَاهُ الْحَجَّامُ الَّذِي يَتَعَاطَى الْحِجَامَةَ. وَقَوْلُهُ: حَرَجٌ أَيْ ضِيقٌ. .

وَقَوْلُهُ: وَغُلُوٌّ أَيْ زِيَادَةٌ وَهُوَ عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ، وَاعْلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>