مَسَائِلَ: أَرْبَعَةٌ جَائِزَةٌ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَةٌ وَالرَّابِعَةُ مُتَأَخِّرَةٌ وَأَرْبَعَةٌ مَمْنُوعَةٌ وَاحِدَةٌ بِالْمَفْهُومِ وَثَلَاثَةٌ بِالْمَنْطُوقِ، أَمَّا الثَّلَاثَةُ الْجَائِزَةُ فَأَشَارَ إلَى أَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ: (إذَا كَانَتْ الزَّرِيعَةُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا كَانَتْ الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ عَلَى الْآخَرِ) قَالُوا: يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: وَالزَّرِيعَةُ مِنْهُمَا إذَا تَسَاوَيَا فِي الزَّرِيعَةِ، وَأَمَّا إذَا تَفَاضَلَا فِيهَا مِثْلَ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيْ الزَّرِيعَةِ وَالْآخَرُ الثُّلُثَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرْنَاهُ فِي الْأَصْلِ وَثَانِيهَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ الْعَمَلُ بَيْنَهُمَا وَاكْتَرَيَا الْأَرْضَ) يُرِيدُ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَالزَّرِيعَةُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، وَثَالِثُهَا: أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ كَانَتْ) أَيْ الْأَرْضُ (بَيْنَهُمَا) وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا.
وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الْمَمْنُوعَةُ الْمَأْخُوذَةُ بِالْمَنْطُوقِ فَأَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (أَمَّا إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَمِنْ عِنْدِ الْآخَرِ الْأَرْضُ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِمَا) مَعًا (وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ) بَيَانُ أَخْذِهَا مِنْهُ هُوَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عَلَيْهِ يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا أَخْرَجَ الْبَذْرَ وَالْآخَرُ الْأَرْضَ وَالْعَمَلَ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ عَلَى مَخْرَجِ الْبَذْرِ فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا أَخْرَجَ الْبَذْرَ وَالْعَمَلَ وَالْآخَرُ الْأَرْضَ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهِمَا أَيْ الْعَمَلُ عَلَيْهِمَا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَالْآخَرُ الْبَذْرَ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ.
ثُمَّ أَشَارَ إلَى الرَّابِعَةِ الْمُكَمِّلَةِ لِلْمَسَائِلِ الْجَائِزَةِ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ كَانَا اكْتَرَيَا الْأَرْضَ) يُرِيدُ أَوْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا أَوْ كَانَتْ لِأَحَدِهِمَا وَيُعْطِيهِ الْآخَرُ كِرَاءَ نِصْفِهِ (وَالْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ وَاحِدٍ وَعَلَى الْآخَرِ الْعَمَلُ جَازَ) ذَلِكَ (إذَا تَقَارَبَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ) الْبَذْرِ وَالْعَمَلُ مَفْهُومُهُ إذَا لَمْ تَتَقَارَبْ لَا تَجُوزُ، وَهَذِهِ هِيَ الْمُكَمِّلَةُ لِلْأَرْبَعَةِ الْمَمْنُوعَةِ وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْجَوَازِ
ــ
[حاشية العدوي]
فَيُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالرَّابِعِ وَتَدَبَّرْهُ.
[قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ الزَّرِيعَةُ إلَخْ] يُصَوِّرُ بِمَا تَقَدَّمَ لَهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةُ الْأَرْضِ مِائَةً وَأُجْرَةُ الْبَقَرِ وَالْعَمَلِ كَذَلِكَ وَالْبَذْرُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَالرِّبْحُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ إذَا تَسَاوَيَا فِي الزَّرِيعَةِ أَيْ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا الْمُقْتَضَى مُسَاوَاتُهُمَا فِي الرِّبْحِ [قَوْلُهُ: وَالْعَمَلُ عَلَى الْآخَرِ] أَيْ بِشَرْطِ مُسَاوَاتِهِ لِأُجْرَةِ الْأَرْضِ فِي الْقِيمَةِ أَوْ مُقَارَبَتِهِ كَأَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْأَرْضِ تِسْعَةَ عَشَرَ وَقِيمَةُ الْعَمَلِ عِشْرِينَ أَوْ عَكْسُهُ، وَأَمَّا لَوْ تَبَاعَدَتْ فَلَا جَوَازَ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّرْعِ قَدْرَ مَا أَخْرَجَ، وَالْمُرَادُ بِالْعَمَلِ الْحَرْثُ لَا الْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ.
[قَوْلُهُ: فَفِيهِ تَفْصِيلٌ إلَخْ] قَالَ: فِيهِ عَقِبَ قَوْلِهِ وَالْآخَرُ الثُّلُثُ فَيُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ ثُلُثَيْ الزَّرِيعَةِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّ الثُّلُثَ الَّذِي أَخْرَجَهُ صَاحِبُ الْعَمَلِ يُقَابِلُ الثُّلُثَ مِمَّا أَخْرَجَهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَالْعَمَلُ مُقَابِلُ الْأَرْضِ وَالثُّلُثِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْعَمَلِ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ ثُلُثَيْ الزَّرِيعَةِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ مَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّرِيعَةِ فَيَجُوزُ لِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِي الزَّرِيعَةِ، وَالْعَمَلُ يُقَابِلُ الْأَرْضَ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الثُّلُثَ مُقَابِلُ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَ الْآخَرَ وَالْعَمَلَ مُقَابِلُ الْأَرْضِ فَفِيهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا تُنْبِتُ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ.
وَقَوْلُ التَّحْقِيقِ وَالْعَمَلُ مُقَابِلُ الْأَرْضِ وَالثُّلُثُ الْبَاقِي يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا سَاوَتْ قِيمَةُ الْعَمَلِ قِيمَةَ الْأَرْضِ مَعَ الثُّلُثِ الْبَاقِي وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ.
وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِي الزَّرِيعَةِ الْمُرَادُ أَخْذُ كُلِّ قَدْرِ مَا أَخْرَجَ مِنْ الزَّرِيعَةِ.
وَقَوْلُهُ: وَالْعَمَلُ مُقَابِلُ الْأَرْضِ بِمَعْنَى أَنَّ الْعَامِلَ قَابَلَ الْأَرْضَ مُقَابَلَةً بِحَسَبِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَمَلِ مَثَلًا عِشْرُونَ، وَقِيمَةَ الْأَرْضِ عَشْرَةٌ وَلِرَبِّ الْعَمَلِ الثُّلُثَانِ.
[قَوْلُهُ: أَوْ الْعَمَلُ بَيْنَهُمَا وَاكْتَرَيَا الْأَرْضَ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الثَّانِيَ يُصَدَّقُ بِالْمُنَاصَفَةِ وَالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَتَدَبَّرْ فَقَوْلُهُ: وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا أَيْ بِحَسَبِ مَا لِكُلٍّ فَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّسَاوِي [قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ أَيْ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا] أَيْ مِلْكًا لِذَاتٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ.
وَقَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ كَوْنِ الْعَمَلِ بَيْنَهُمَا وَالزَّرِيعَةُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا قُلْت: وَتُصَدَّقُ هَذِهِ بِالْمُنَاصَفَةِ وَالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ [قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الْمَمْنُوعَةُ] أَيْ لِمَا فِيهَا مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا [قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ عَوْدُهُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ] وَهُوَ الْأَقْرَبُ [قَوْلُهُ: إذَا تَقَارَبَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْبَذْرِ] كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا عَشْرَةً وَالْآخَرِ