للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ لِوَضْعِ الْجَائِحَةِ أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ بَيْعٍ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَحْضًا احْتِرَازًا مِنْ أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ مَهْرًا فَإِنَّهَا إذَا أُجِيحَتْ لَا قِيَامَ لَهَا بِذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ مُشْتَرَاةً مُنْفَرِدَةً عَنْ أَصْلِهَا كَمَا قَيَّدْنَا بِهِ كَلَامَهُ احْتِرَازًا مِنْ أَنْ تَكُونَ مُشْتَرَاةً مَعَ أَصْلِهَا فَإِنَّهَا لَا جَائِحَةَ فِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ.

ثَانِيهَا: أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ مُبْقَاةً عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا.

ثَالِثُهَا: أَنْ يَبْلُغَ مَا أُجِيحَ الثُّلُثَ لَا أَقَلَّ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ أَنَّ الْهَوَاءَ لَا بُدَّ أَنْ يَرْمِيَ بَعْضَ الثَّمَرَةِ وَيَأْكُلَ الطَّيْرُ مِنْهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ فَقَدْ دَخَلَ الْمُبْتَاعُ عَلَى إصَابَةِ الْيَسِيرِ وَالْيَسِيرُ الْمُحَقَّقُ مَا دُونَ الثُّلُثِ، وَمُرَادُهُ بِالثُّلُثِ: ثُلُثُ الْمَكِيلَةِ لَا ثُلُثُ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْجَائِحَةَ فِي الثَّمَرَةِ إنَّمَا هِيَ نُقْصَانُهَا وَفَسَادُهَا لَا رُخْصُهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّمَرَةَ لَوْ لَمْ تُصِبْهَا آفَةٌ سِوَى رُخْصِهَا فَإِنَّهُ لَا قِيَامَ لِلْمُشْتَرِي بِذَلِكَ فَلَا يُنْظَرُ إلَى ثُلُثِ الْقِيمَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّحْدِيدِ فِي وَضْعِ الْجَائِحَةِ بِالثُّلُثِ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ سَبَبُ الْجَائِحَةِ غَيْرَ الْعَطَشِ، أَمَّا إذَا كَانَ سَبَبُهَا الْعَطَشَ فَلَا تَحْدِيدَ.

بَلْ يُوضَعُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا كَانَتْ تُشْرَبُ مِنْ الْعُيُونِ أَوْ مِنْ السَّمَاءِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ ثُبُوتُ الْجَائِحَةِ فِيمَا ذَكَرَ وَلَوْ اشْتَرَطَ إسْقَاطَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَقٍّ قَبْلَ وُجُوبِهِ. تَنْبِيهَانِ:

الْأَوَّلُ: لَوْ أُجِيحَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ لَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ بِأَنْ يَقُولَهُ: خُذْ ثَمَنَك وَرُدَّ لِي ثَمَرِي وَكَذَا لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي إذَا أُجِيحَ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: خُذْ ثَمَرَك وَارْدُدْ عَلَيَّ ثَمَنِي وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِقَدْرِ مَا فَسَدَ إنْ كَانَ الثُّلُثَ

ــ

[حاشية العدوي]

[قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مِنْ بَيْعٍ] وَلَوْ مِنْ عَرِيَّتِهِ وَصُورَتُهَا أَعْرَى شَخْصًا مِنْ حَائِطِهِ ثَمَرَ نَخَلَاتٍ مُعَيَّنَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَلِمَنْ قَامَ مَقَامَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ، فَإِذَا اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِخِرْصِهَا فَأُجِيحَتْ فَإِنَّهُ يَجِبُ وَضْعُ الْجَائِحَةِ عَنْهُ مِنْ الْخِرْصِ.

[قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ مَهْرًا] أَيْ وَلَا مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ [قَوْلُهُ: لَا قِيَامَ لَهَا بِذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ] هَذَا خِلَافُ مَا شَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّ الثَّمَرَةَ الْمَدْفُوعَةَ مَهْرًا فِيهَا الْجَائِحَةُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَيْهِ [قَوْلُهُ: كَمَا قَيَّدْنَا بِهِ] يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَيْ صَرِيحًا وَإِنْ فُهِمَ بِالْإِرَادَةِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ أَنْ تَكُونَ مُشْتَرَاةً مَعَ أَصْلِهَا] أَيْ أَوْ اشْتَرَى الْأَصْلَ ثُمَّ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ فَلَا جَائِحَةَ [قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَا جَائِحَةَ فِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ] وَقِيلَ بِثُبُوتِهَا إنْ عَظُمَ خَطَرُهَا قَالَهُ أَصْبَغُ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْجَوَاهِرِ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَا خِلَافَ فِي سُقُوطِ الْجَائِحَةِ فِيهَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا اشْتَرَى الْأَصْلَ ثُمَّ الثَّمَرَةَ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، فَقِيلَ: بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ وَقِيلَ بِعَدَمِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ [قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ مُبْقَاةً عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ إلَخْ] أَيْ فَإِذَا بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ فَلَا جَائِحَةَ فِيهَا.

حَاصِلُهُ أَنَّهُ اخْتَلَفَ فَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ فِيهَا الْجَائِحَةَ وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ، وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُوضَعُ إلَّا إذَا بَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طَيِّبُهَا، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ سَحْنُونَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ سَحْنُونًا أَثْبَتُ مِنْ غَيْرِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا الْجَارِيَةُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ.

[قَوْلُهُ: ثُلُثُ الْمَكِيلَةِ] أَيْ فَأَكْثَرَ، وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي وَإِنْ قَلَّ بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْجَوَائِحَ لِتَكَرُّرِهَا بَعْدَ الْمُشْتَرِي كَالدَّاخِلِ عَلَى ذَلِكَ وَلِنُدُورِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ ذَهَابِ ثُلُثِ الْمَكِيلَةِ ذَهَابُ ثُلُثِ الْقِيمَةِ فِيمَا إذَا تَعَيَّبَتْ، وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ فَإِذَا أَذْهَبَ التَّعْيِيبُ ثُلُثَ الْقِيمَةِ وُضِعَ عَنْ الْمُشْتَرِي ثُلُثُ الثَّمَنِ [قَوْلُهُ: لَا ثُلُثُ الْقِيمَةِ] فَإِذَا كَانَ الْمُجَاحُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الْمَكِيلَةِ فَلَا جَائِحَةَ وَلَوْ سَاوَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْأَقَلِّ نِصْفَ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ [قَوْلُهُ: وَفَسَادُهَا] أَيْ تَغَيُّرُهَا وَتَعِيبُهَا وَإِنْ لَمْ تَهْلِكْ لَكِنْ فِي ذَهَابِ الْعَيْنِ يُنْظَرُ إلَى ثُلُثِ الْمَكِيلَةِ، وَفِي التَّعْيِيبِ يُنْظَرُ إلَى ثُلُثِ الْقِيمَةِ.

[قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ سَبَبُهَا الْعَطَشَ إلَخْ] وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي وَضْعِ جَائِحَةِ الْعَطَشِ أَنْ تَكُونَ الثَّمَرَةُ بَقِيَتْ لِيَنْتَهِيَ طَيِّبُهَا، وَأَنْ تَكُونَ اُشْتُرِيَتْ مُفْرَدَةً أَمْ لَا، وَيَجْرِي هَذَا فِي الْبُقُولِ أَيْضًا لَكِنْ فِيمَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْإِفْرَادُ كَوَرَقِ التُّوتِ قَالَهُ عج [قَوْلُهُ: بَلْ يُوضَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>