للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسِهِ (الْخَطَأِ) كَائِنٌ (فِي ثُلُثِهِ) ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ.

وَالْمُسْتَحَقُّونَ لِلدَّمِ إمَّا أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا، وَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ عَفَا أَحَدُ الْبَنِينَ) بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّمِ، وَكَانَ بَالِغًا (فَلَا قَتْلَ) ؛ لِأَنَّ الدَّمَ لَمَّا لَمْ يَتَبَعَّضْ كَانَ سُقُوطُ بَعْضِهِ يُوجِبُ سُقُوطَ جَمِيعِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ سُقُوطُ الْقَتْلِ بِعَفْوِ بَعْضِ الْبَنِينَ سَقَطَ نَصِيبُهُ وَحْدَهُ (وَ) يَثْبُتُ (لِمَنْ بَقِيَ) مِنْ الْبَنِينَ (نَصِيبُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ لَا يَسْقُطُ جَمِيعُهُ بِإِسْقَاطِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ، وَالثَّانِي لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخُ وَبَيَّنَّاهُ فِي الْأَصْلِ.

وَالثَّالِثُ: لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: (وَلَا عَفْوَ لِلْبَنَاتِ مَعَ الْبَنِينَ) إنْ لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَكَانَ الذُّكُورُ أَقْرَبَ فَلَا كَلَامَ لِلْبَنَاتِ، وَإِنْ كَانَ الْبَنَاتُ أَقْرَبَ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ أَوْ بِاجْتِمَاعِ بَعْضٍ مِنْ كُلِّ الصِّنْفَيْنِ، أَوْ بِاجْتِمَاعِ أَحَدِ الصِّنْفَيْنِ وَبَعْضِ الصِّنْفِ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بِأَنْ عَفَا أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ وَأَرَادَ الصِّنْفُ الْآخَرُ الْقَتْلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ أَرَادَ الْقَتْلَ (وَمَنْ عَفَا عَنْهُ فِي الْعَمْدِ) أَوْ تَعَذَّرَ مِنْهُ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ التَّكَافُؤِ كَالْمُسْلِمِ يَقْتُلُ الْكَافِرَ (ضُرِبَ مِائَةً) رَدْعًا (وَحُبِسَ عَامًا) وَعَلَى ذَلِكَ

ــ

[حاشية العدوي]

أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ فَابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ قَالَهُ عج. فَإِذَا كَانَ عِنْدَهُ أَلْفَانِ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَدِيَتُهُ أَلْفٌ فَإِنَّ الدِّيَةَ تَسْقُطُ عَنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالٌ سَقَطَ عَنْ الْقَاتِلِ مَعَ عَاقِلَتِهِ ثُلُثُ دِيَتِهِ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ عَفَا أَحَدُ الْبَنِينَ] أَيْ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِمْ مِنْ كُلِّ شَخْصَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مُشْتَرِكِينَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لِتَسَاوِيهِمْ كَأَحَدِ عَمَّيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ أَوْ مُعْتِقَيْنِ، فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ مُسَاوَاةٌ فَعَفْوُ الْبَعِيدِ لَغْوٌ وَالْقَرِيبُ مُعْتَبَرٌ بِالْأَوْلَى.

[قَوْلُهُ: وَكَانَ بَالِغًا] أَيْ وَعَاقِلًا.

[قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ لِمَنْ بَقِيَ] وَامْتَنَعُوا مِنْ الْعَفْوِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَافِي إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ عَفَا عَنْهَا صَرِيحًا أَوْ يَظْهَرُ مِنْهُ إرَادَتُهَا فَيَحْلِفُ، وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ، " وَنَصِيبُهُمْ " بِالْجَمْعِ مُرَاعَاةً لِمَعْنَى " مِنْ ".

[قَوْلُهُ: نَصِيبُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ] أَيْ دِيَةِ عَمْدٍ، وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِ الْبَاقِي نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ إذَا كَانَ لَهُ التَّكَلُّمُ فِي الْعَفْوِ وَعَدَمِهِ أَوْ مَعَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ، مِثَالُ الْأَوَّلِ عَفْوُ أَحَدِ الْبَنِينَ الذُّكُورِ، وَمِثَالُ الثَّانِي لَوْ عَفَا أَحَدُ الْبَنِينَ وَمَعَهُمَا بِنْتٌ.

وَلَوْ عَفَتْ الْبِنْتُ مَجَّانًا وَمَعَهَا أُخْتٌ فَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِأَنَّ الْبِنْتَ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ. وَضِدُّهُ حَيْثُ كَانَ ثَابِتًا بِاعْتِرَافٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ، وَأَمَّا لَوْ احْتَاجَ لِقَسَامَةٍ فَلَا تُقْسِمُ النِّسَاءُ وَإِنَّمَا يُقْسِمُ الْعَصَبَةُ، فَإِنْ أَرَادَتْ الْعَفْوَ فَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْفَرِيقَيْنِ أَوْ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ.

[قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخُ] حَاصِلُهُ أَنَّ اللَّوَاتِي لَهُنَّ مَدْخَلٌ فِي الدَّمِ الْبَنَاتُ دُونَ بَنَاتِهِنَّ وَبَنَاتُ الْأَبْنَاءِ الذُّكُورِ وَإِنْ سَفَلْنَ دُونَ بَنَاتِهِنَّ، وَالْأَخَوَاتُ الْأَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ فَإِنْ كُنَّ بَنَاتٍ وَعَفَا بَعْضُهُنَّ وَطَلَبَ بَعْضُهُنَّ الْقَتْلَ نُظِرَ فِي مِلْكِ السُّلْطَانِ بِالِاجْتِهَادِ إذَا كَانَ عَدْلًا فَإِنْ رَأَى الْعَفْوَ أَوْ الْقَتْلَ أَمْضَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامٌ عَادِلٌ فَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَتْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْبَلَدِ جَمَاعَةٌ عُدُولٌ يَجْتَمِعُونَ وَيَنْظُرُونَ، فَإِنْ أَرَادُوا الْقَتْلَ قَتَلُوا وَيَنُوبُونَ مَنَابَ السُّلْطَانِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا عَفْوَ لِلْبَنَاتِ] أَيْ وَلَا لِلْأَخَوَاتِ مَعَ الْإِخْوَةِ وَإِنَّمَا الْعَفْوُ وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ دُونَ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْإِنَاثِ الْمُتَسَاوِيَاتِ.

[قَوْلُهُ: فَلَا كَلَامَ لِلْبَنَاتِ] هَذِهِ مَفْهُومَةٌ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَالْمُرَادُ بِهِنَّ النِّسَاءُ لَا بَنَاتُ الْمَيِّتِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الذُّكُورُ أَقْرَبُ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْبَنَاتُ أَقْرَبَ] هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَحُزْنَ الْمِيرَاثَ مُطْلَقًا أَوْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ، فَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ فَالْكَلَامُ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ.

[قَوْلُهُ: فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا] أَيْ اجْتِمَاعِ الْقِسْمَيْنِ وَهُمَا الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ كَالْبَنَاتِ مَعَ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَعْمَامِ.

[قَوْلُهُ: فِي الْعَمْدِ] أَيْ الْعُدْوَانِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ تَعَذَّرَ مِنْهُ أَيْ أَوْ وَرِثَ دَمَ نَفْسِهِ وَلَوْ قِسْطًا مِنْهُ مِثْلَ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدُ ابْنَيْنِ أَبَاهُ عَمْدًا ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ الْآخَرُ فَإِنَّ الْقَاتِلَ قَدْ وَرِثَ جَمِيعَ دَمِ نَفْسِهِ، وَمِثَالُ إرْثِ الْقِسْطِ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدُ الْأَوْلَادِ أَبَاهُ عَمْدًا وَثَبَتَ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ لِجَمِيعِ إخْوَتِهِ ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُهُمْ فَإِنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ عَنْ الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ وَرِثَ بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ وَلِبَقِيَّةِ إخْوَتِهِ حَظُّهُمْ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ.

[قَوْلُهُ: ضُرِبَ مِائَةً] أَيْ مِائَةَ سَوْطٍ وَمِائَةً بِالنَّصْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>