للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ لَمْ يُسْلِمْ فَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ، وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ السِّحْرَ بِأَنَّهُ كُلُّ مَا يُغَيِّرُ الْأَجْسَامَ وَيُخْرِجُهَا عَنْ مَوْضِعِهَا.

(وَيُقْتَلُ مَنْ ارْتَدَّ) أَيْ رَجَعَ عَنْ الْإِسْلَامِ إذَا كَانَ بَالِغًا حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (إلَّا أَنْ يَتُوبَ) فَلَا يُبَادَرُ بِقَتْلِهِ (وَ) لَكِنْ تُعْرَضُ التَّوْبَةُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَبَى فَإِنَّهُ (يُؤَخَّرُ لِلتَّوْبَةِ ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وُجُوبًا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ غَيْرِ عُقُوبَةٍ بِضَرْبٍ أَوْ تَجْوِيعٍ أَوْ تَعْطِيشٍ وَمِنْ غَيْرِ تَخْوِيفٍ بِالْقَتْلِ وَقَوْلُهُ: (وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ) تَكْرَارٌ؛ لِأَنَّ " مَنْ " تَعُمُّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَتُؤَخَّرُ الْحَامِلُ حَتَّى تَضَعَ

(وَمَنْ لَمْ يَرْتَدَّ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ (وَأَقَرَّ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ وَقَالَ لَا

ــ

[حاشية العدوي]

الْقَتْلِ.

[قَوْلُهُ: قُتِلَ إنْ لَمْ يُسْلِمْ إلَخْ] هَكَذَا قَالَ سَحْنُونٌ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُدْخِلَ بِسِحْرِهِ ضَرَرًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونَ نَاقِضًا لِعَهْدِهِ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ تَوْبَةٌ غَيْرُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَلِذَلِكَ قَالَ تت: وَيُؤَدَّبُ السَّاحِرُ الذِّمِّيُّ إلَّا أَنْ يُدْخِلَ ضَرَرًا عَلَى مُسْلِمٍ بِسِحْرِهِ فَيُقْتَلُ لِنَقْضِهِ بِذَلِكَ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ تَوْبَةٌ غَيْرُ الْإِسْلَامِ وَيُؤَدَّبُ إنْ سَحَرَ أَهْلَ مِلَّتِهِ إلَّا أَنْ يَقْتُلَ مِنْهُمْ أَحَدًا فَيُقْتَلُ بِهِ اهـ.

[قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ كُلُّ مَا يُغَيِّرُ الْأَجْسَامِ] الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى كُلُّ مَا يُغَيِّرُ صِفَةَ الْأَجْسَامِ وَيُخْرِجُهَا عَنْ حَالِهَا وَلَوْ الصِّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّةَ، فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ رَبْطُ الزَّوْجِ عَنْ زَوْجَتِهِ وَإِذْهَابُ عَقْلِ غَيْرِهِ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَأَوْلَى لَوْ غَيَّرَ صِفَةَ الْجِسْمِ كَتَغَيُّرِهِ مِنْ صُورَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ إلَى صُورَةِ الْحِمَارِيَّةِ وَظَاهِرُهُ كَانَ سَبَبُ التَّغَيُّرِ كَلَامًا مُكَفِّرًا فِي ذَاتِهِ أَوْ لَا، وَقَدْ أَطْلَقَ مَالِكٌ فِي التَّكْفِيرِ بِهِ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ كَمَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ. نَعَمْ إنْ فُسِّرَ بِأَنَّهُ كَلَامٌ يُعَظَّمُ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ وَتُنْسَبُ إلَيْهِ الْمَقَادِيرُ وَالْكَائِنَاتُ ظَهَرَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَيُمْكِنُ رَدُّ تَفْسِيرِ الشَّارِحِ إلَيْهِ أَيْ بِأَنْ يُقَالَ: بِأَنَّهُ كُلُّ مَا يُغَيِّرُ أَيْ مِمَّا عُظِّمَ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: لَا يُقْتَلُ السَّاحِرُ إلَّا إذَا ثَبَتَ أَنَّ مَا فَعَلَهُ مِنْ السِّحْرِ الَّذِي أَعْلَمَ اللَّهُ بِأَنَّهُ كُفْرٌ وَيُتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ بِإِخْبَارِ مَنْ يَعْلَمُ حَقِيقَتَهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ بِالْإِخْبَارِ عِنْدَ الْإِمَامِ هَكَذَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَصْبَغَ، وَاسْتَصْوَبَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَعَلَى هَذَا لَوْ فَرَّقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِنَحْوِ آيَةِ {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: ٦٤] لَا يَكُونُ هَذَا مِنْ السِّحْرِ الْمُكَفِّرِ

[قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ مَنْ ارْتَدَّ] قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هِيَ كُفْرٌ بَعْدَ إسْلَامٍ تَقَرَّرَ، وَتَقْرِيرُهُ بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ الْتِزَامِ أَحْكَامِهِمَا.

[قَوْلُهُ: أَيْ رَجَعَ عَنْ الْإِسْلَامِ] أَيْ بِصَرِيحِ لَفْظِهِ كَقَوْلِهِ: الْعُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ أَوْ الْبَعِيدُ كَفَرَ بِاَللَّهِ أَوْ أَشْرَكَ بِهِ أَوْ أَتَى بِلَفْظٍ يَقْتَضِي الْكُفْرَ، كَقَوْلِهِ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ غَيْرُ مَفْرُوضَةٍ أَوْ أَتَى بِفِعْلٍ يَسْتَلْزِمُ الْكُفْرَ كَإِلْقَاءِ قُرْآنٍ فِي قَذَرٍ اخْتِيَارًا.

[قَوْلُهُ: إذَا كَانَ بَالِغًا] وَأَمَّا الصَّبِيُّ إذَا ارْتَدَّ فَيُهَدَّدُ وَلَا يُقْتَلُ إلَّا إذَا بَلَغَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى رِدَّتِهِ، هَذَا إذَا كَانَ مُمَيِّزًا.

وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَلَا يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مُرْتَدٌّ إلَّا إذَا بَلَغَ وَأَعْرَبَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْكُفْرِ.

[قَوْلُهُ: فَلَا يُبَادَرُ بِقَتْلِهِ وَلَكِنْ تُعْرَضُ التَّوْبَةُ عَلَيْهِ] أَيْ وَإِذَا قُلْتُمْ بِأَنَّ مَنْ ارْتَدَّ يُقْتَلُ عِنْدَ عَدَمِ التَّوْبَةِ فَلَا يُبَادَرُ بِهِ، وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مُشْكِلٌ.

[قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ] أَيْ إنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ كَمَا هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ.

[قَوْلُهُ: يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فِي كُلِّ يَوْمٍ] فَإِنْ تَابَ فَلَا إشْكَالَ وَإِلَّا قُتِلَ بِغُرُوبِ شَمْسِ.

الثَّالِثِ: وَتُحْسَبُ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ مِنْ ثُبُوتِ الْكُفْرِ لَا مِنْ يَوْمِ الرَّفْعِ مَعَ تَأَخُّرِ الثُّبُوتِ، وَلَا يُحْسَبُ الْيَوْمُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الثُّبُوتُ وَإِنَّمَا كَانَ يُؤَخَّرُ ثَلَاثًا لِأَنَّ اللَّهَ أَخَّرَ قَوْمَ صَالِحٍ ذَلِكَ الْقَدْرَ، فَلَوْ حَكَمَ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ دَاخِلَ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ مَضَى لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ وَاَلَّذِي يَسْتَتِيبُهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ.

[قَوْلُهُ: وَمِنْ غَيْرِ تَخْوِيفٍ بِالْقَتْلِ] فَلَا يُقَالُ لَهُ: إنْ لَمْ تُسْلِمْ تُقْتَلُ، وَكَذَا لَا يُخَوَّفُ بِغَيْرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَهَلْ ذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْنَا أَوْ مَكْرُوهٌ وَلَعَلَّهُ مَكْرُوهٌ وَانْظُرْهُ.

[قَوْلُهُ: تَكْرَارُ إلَخْ] وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمَرْأَةِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ قَتْلِ النِّسَاءِ لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ قَتْلِهِنَّ لِأَنَّ مَحْمَلَهُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ لَا عَلَى الْمُرْتَدِّ.

[قَوْلُهُ: وَتُؤَخَّرُ الْحَامِلُ حَتَّى تَضَعَ] أَيْ وَتَجِدَ مَنْ يُرْضِعُ، وَإِنْ كَانَتْ تُرْضِعُ فَتُؤَخَّرُ حَتَّى تَجِدَ مَنْ يُرْضِعُ وَيَقْبَلُ الْوَلَدَ وَكَذَا تُؤَخَّرُ الَّتِي لَيْسَتْ بِحَامِلٍ حَيْثُ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً أَوْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ كَانَتْ سُرِّيَّةً حَتَّى تَسْتَبْرِئَ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا كَانَتْ تَحِيضُ وَلَوْ فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ.

وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَحِيضُ لِضَعْفٍ أَوْ يَأْسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>