للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَرَجَّحْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَمَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ سَقَطَ حَقُّهُ لِلَّذِي حَلَفَ (وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ) وَكَانَتْ إحْدَاهُمَا رَاجِحَةً عَلَى الْأُخْرَى بِالْأَعْدَلِيَّةِ (قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا) بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَنْ أَقَامَهَا أَنَّهُ مَا بَاعَ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَلَا وَهَبَهُ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ (فَإِنْ) لَمْ تُرَجَّحْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِمَا ذُكِرَ بَلْ (اسْتَوَيَا) فِيهِ (حَلَفَا وَكَانَ) الشَّيْءُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ (بَيْنَهُمَا) نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِإِحْدَاهُمَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: بِأَيْدِيهِمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ. ع: هُوَ لِمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً.

وَقَالَ ك: هُوَ لِمَنْ بِيَدِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَشَهِدَ لِأَحَدِهِمَا بِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ أَيْضًا.

(وَإِذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ بَعْدَ الْحُكْمِ أُغْرِمَ مَا أَتْلَفَ بِشَهَادَتِهِ إنْ اعْتَرَفَ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ قَالَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ) ج: ظَاهِرُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي أَنَّ جَمِيعَ أَصْحَابِ مَالِكٍ فَرَّقُوا بَيْنَ أَنْ يَعْتَرِفَ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ أَمْ لَا، فَإِنْ شَهِدَ بِهِ غُرِّمَ وَإِنْ قَالَ: اشْتَبَهَ عَلَيَّ فَإِنَّهُ لَا يَغْرَمُ، وَتَبِعَ فِي هَذَا النَّقْلِ ابْنَ الْمَوَّازِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ فِي الْوَاضِحَةِ أَنَّهُ يَغْرَمُ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ.

ــ

[حاشية العدوي]

يَقُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَقْرِيرِهَا.

[قَوْلُهُ: حَلَفَا وَقُسِمَ بَيْنَهُمَا] وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا.

[قَوْلُهُ: وَقُسِمَ بَيْنَهُمَا] يُشْعِرُ بِقِسْمَتِهِ نِصْفَيْنِ وَهُوَ وَاضِحٌ حَيْثُ كَانَ كُلٌّ يَدَّعِي جَمِيعَهُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ جَمِيعَهُ وَالْآخَرُ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ كَالْعَوْلِ، فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكُلَّ وَالْآخَرُ النِّصْفَ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَنْ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، وَكَيْفِيَّةُ الْعَمَلِ أَنْ يُزَادَ عَلَى الْكُلِّ قَدْرُ الْكَسْرِ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْآخَرُ فَيُزَادُ عَلَى الْكُلِّ النِّصْفُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَيُنْسَبُ ذَلِكَ لِمَجْمُوعِ الْكُلِّ وَالْكَسْرُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَأْخُذُ كُلَّ وَاحِدٍ فَيَأْخُذُ مُدَّعِي النِّصْفِ الثُّلُثَ وَمُدَّعِي الْكُلِّ الثُّلُثَيْنِ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ] أَيْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّ مَا بِأَيْدِيهِمَا مَعًا أَيْ لَا بُدَّ لِوَاحِدٍ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِ ثَالِثٍ لَمْ يَدَّعِهِ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ بِهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْهُمَا.

وَأَمَّا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً وَتَسَاوَتَا وَهِيَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ ذَا الْيَدِ تُرَجَّحُ بَيِّنَتُهُ وَيَبْقَى الشَّيْءُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ حَائِزِهِ وَيَحْلِفُ هَذَا إذَا لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَةٌ مُقَابِلَ الْيَدِ، فَإِنْ رُجِّحَتْ بِأَيِّ مُرَجِّحٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِمُقَابِلِ الْيَدِ وَيَحْلِفُ وَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ الْيَدِ.

[قَوْلُهُ: قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا] وَكَمَا يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا يُقْضَى بِالْمُؤَرَّخَةِ عَلَى غَيْرِهَا وَبِالسَّابِقَةِ تَارِيخًا وَالنَّاقِلَةِ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ كَأَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ أَنْشَأَهَا وَلَا يَعْلَمُونَ خُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ إلَى الْآنَ، وَتَشْهَدُ أُخْرَى أَنَّ زَيْدًا اشْتَرَاهَا مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَتُقَدَّمُ النَّاقِلَةُ؛ لِأَنَّهَا عَلِمَتْ مَا لَمْ تَعْلَمْهُ الْأُخْرَى وَتُقَدَّمُ الْمُثْبِتَةُ عَلَى النَّافِيَةِ وَالدَّاخِلَةُ عَلَى الْخَارِجَةِ، وَالْمُرَادُ بِالدَّاخِلَةِ بَيِّنَةُ وَاضِعِ الْيَدِ وَالْخَارِجَةِ بَيِّنَةُ غَيْرِهِ كَمَا قَرَّرْنَا، وَمِنْ الْمُرَجَّحَاتِ تَعْيِينُ سَبَبِ الْمِلْكِ بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا: نَشْهَدُ أَنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ أَبِيهِ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ، وَأَطْلَقَتْ الْأُخْرَى فَقَالَتْ: نَشْهَدُ أَنَّهُ مَلَكَهُ فَقَطْ رُجِّحَتْ الْأُولَى وَيُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ.

[قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ] إنَّمَا لَزِمَهُ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ مَزِيدَ الْعَدَالَةِ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ.

[قَوْلُهُ: بَلْ اسْتَوَيَا] كَانَ الْوَاجِبُ اسْتَوَيَتَا أَيْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْعَدَالَةِ وَلَا تَرْجِيحَ بِكَثْرَةِ عَدَدٍ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ حَدَّ التَّوَاتُرِ لِإِفَادَتِهِ الْعِلْمِ.

[قَوْلُهُ: وَقَالَ ك إلَخْ] لَيْسَ كَلَامُ الْفَاكِهَانِيِّ مُخَالِفًا لِكَلَامِ ابْنِ عُمَرَ، فَإِنَّ كَلَامَ ابْنِ عُمَرَ فِي مَوْضُوعِ مَا إذَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ بَيِّنَةً فِيمَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَهُوَ لِمَنْ أَقَامَهَا سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْحَائِزُ أَوْ الْآخَرُ، وَكَلَامُ ك فِي مَوْضُوعِ مَا إذَا لَمْ يَقُمْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَهُوَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَهُوَ لَهُ بِيَمِينِهِ كَمَا قَالَ.

وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَهُ أَنَّهُ مِلْكٌ لَا حَوْزٌ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِمَا مَسْأَلَةٌ أُخْرَى، وَيَتَلَخَّصُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا تِسْعُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ إمَّا بِأَيْدِيهِمَا مَعًا أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُقِيمَ كُلٌّ بَيِّنَةً أَوْ لَا يُقِيمُهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْ يُقِيمُهَا أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: بَعْدَ الْحُكْمِ] احْتِرَازًا عَنْ الرُّجُوعِ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَإِنَّهُ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ غَرِمَ نِصْفَ الْحَقِّ وَإِنْ رَجَعَ عَنْ نِصْفِهِ غَرِمَ رُبْعَهُ وَهَكَذَا.

[قَوْلُهُ: أُغْرِمَ] أَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>