للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيُنْكِرَ ثُمَّ يُصَالِحَهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَلَا إقْرَارٍ. ك: هُوَ كَالْإِقْرَارِ عَلَى الْمَشْهُورِ. ج: مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْخِلَافِ لَا أَعْرِفُهُ لَكِنَّهُ جَارٍ عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ فِي السُّكُوتِ هَلْ هُوَ كَالْإِقْرَارِ أَمْ لَا، وَلِلصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَالسُّكُوتِ شُرُوطٌ نَقَلْنَاهَا فِي الْأَصْلِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ التَّغْرِيرِ بِالزَّوْجَةِ فَقَالَ: (وَالْأَمَةُ) الْقِنُّ (الْغَارَّةُ) الَّتِي تَدْعُو رَجُلًا أَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَيْهِ مِائَةٌ فَصَالَحَهُ عَنْهَا بِخَمْسِينَ وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ إبْرَاءٌ، وَيَجُوزُ عَنْ الدَّيْنِ بِمَا يُبَاعُ بِهِ فَإِنْ كَانَ عَرْضًا جَازَ الصُّلْحُ عَنْهُ وَلَوْ بِعَيْنٍ حَالَّةٍ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا جَازَ الصُّلْحُ عَنْهُ بِعَرْضٍ حَالٍّ وَعَنْ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ وَعَكْسِهِ حَيْثُ حَلَّا وَعَجَّلَا الْمَصَالِحَ بِهِ.

[قَوْلُهُ: وَعَلَى الْإِنْكَارِ عَلَى الْمَشْهُورِ] خِلَافًا لِابْنِ الْجَهْمِ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ، وَعِلَّتُهُ مَذْكُورَةٌ فِي ابْنِ نَاجِي.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ يُصَالِحُهُ] أَيْ يَجُوزُ لَهُ وَلَوْ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْجَوَازُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى الْعَقْدِ، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْبَاطِنِ بِحَيْثُ يَحِلُّ تَنَاوُلُ مَا وَقَعَ بِهِ الصُّلْحُ فَإِنْ كَانَ الصَّادِقُ الْمُنْكِرَ فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ حَرَامٌ وَإِلَّا فَحَلَالٌ.

[قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ] أَيْ الْفَاكِهَانِيُّ. وَقَوْلُهُ: مِنْ الْخِلَافِ أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ.

[قَوْلُهُ: هُوَ كَالْإِقْرَارِ] أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ، وَأَقُولُ يُبْحَثُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَ كَالْإِقْرَارِ لَمَا اُشْتُرِطَ فِيهِ شُرُوطُ الْإِنْكَارِ مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْإِنْكَارِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: نَقَلْنَاهَا فِي الْأَصْلِ] هِيَ مَا أَفَادَهَا فِي التَّحْقِيقِ بِقَوْلِهِ: أَيْ يَجُوزُ ذَلِكَ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ جَارِيًا عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَعَلَى إنْكَارِ الْمُنْكِرِ، وَعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ، وَشَرَطَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ وَأَصْبَغُ اشْتَرَطَ شَرْطًا وَاحِدًا وَهُوَ أَنْ لَا تَتَّفِقَ دَعْوَاهُمَا عَلَى فَسَادٍ، فَلَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ وَطَعَامًا مِنْ بَيْعٍ فَاعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِالطَّعَامِ وَأَنْكَرَ الدَّرَاهِمَ فَصَالَحَهُ عَلَى طَعَامٍ لِأَجَلٍ أَكْثَرَ مِنْ طَعَامِهِ أَوْ اعْتَرَفَ لَهُ بِالدَّرَاهِمِ وَصَالَحَهُ عَلَى دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ دَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِهِ فَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى فَسَادِهِ وَفَسْخِهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَأَنْكَرَهُ فَأَرَادَ أَنْ يُصَالِحَهُ عَنْهَا بِدَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي إذْ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي دَنَانِيرِهِ دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ، وَجَائِزٌ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذْ إنَّمَا صَالَحَ عَلَى يَمِينٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ عِنْدَهُمَا أَنْ يَجُوزَ عَلَى دَعْوَاهُمَا مَعًا.

وَهَذَا لَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ إذْ لَمْ تَتَّفِقْ دَعْوَاهُمَا عَلَى فَسَادٍ، وَهَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَشَرَةَ أَرَادِب مِنْ قَرْضٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: بَلْ لَك عِنْدِي خَمْسَةٌ مِنْ سَلَمٍ فَأَرَادَ أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا مُعَجَّلَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ طَعَامَ الْقَرْضِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَلَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ طَعَامَ السَّلَمِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَهَذَا أَيْضًا يُجِيزُهُ أَصْبَغُ وَيَمْنَعُهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِينَ إلَى أَجَلٍ أَوْ عَلَى تَأْخِيرِ جَمِيعِهَا فَهَذَا جَائِزٌ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَقُولُ: حَطَطْت وَأَخَّرْت وَأَنَا دَائِنٌ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَقُولُ: افْتَدَيْت مِنْ يَمِينٍ وَجَبَتْ عَلَيَّ.

وَظَاهِرُ الْحُكْمِ أَنَّ فِيهِ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً، فَالسَّلَفُ هُوَ التَّأْخِيرُ وَالْمَنْفَعَةُ هِيَ سُقُوطُ الْيَمِينِ الْمُنْقَلِبَةِ عَلَى الْمُدَّعِي بِتَقْدِيرِ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ حَلِفِهِ فَيَسْقُطُ جَمِيعُ الْمَالِ، فَهَذَا مَمْنُوعٌ عِنْدَ مَالِكٍ لِاشْتِرَاطِ الْجَوَازِ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ هَذَا الشَّرْطَ وَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِهِ عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ اهـ كَلَامُ التَّحْقِيقِ.

[قَوْلُهُ: بِالزَّوْجَةِ] حَالٌ مِنْ التَّغْرِيرِ أَيْ حَالَ كَوْنِ التَّغْرِيرِ مُلْتَبِسًا بِالزَّوْجَةِ.

[قَوْلُهُ: وَالْأَمَةُ الْقِنُّ] بَلْ وَالْمُكَاتَبَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَذَلِكَ، لَكِنَّ الْقِنَّ وَالْمُكَاتَبَةَ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ وَلَدِهِمَا عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ، وَقِيمَةُ وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ عَلَى الْغَرَرِ. أَمَّا الْأُولَى فَلِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ السَّيِّدِ فَيَكُونُ رَقِيقًا أَوْ بَعْدَهُ وَيَحْمِلُهُ الثُّلُثُ فَحُرٌّ أَوْ يَحْمِلُ بَعْضَهُ أَوَّلًا يَحْمِلُ مِنْهُ شَيْئًا فَيَرِقُّ مَا لَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ مِنْ بَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ.

وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَ سَيِّدُ أُمِّهِ قَبْلَهُ فَيَكُونَ حُرًّا أَوْ احْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ سَيِّدِ أُمِّهِ فَيَكُونَ رَقِيقًا وَيَغْرَمَ قِيمَةَ وَلَدِ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ عَلَى الْغَرَرِ لِذَلِكَ الْأَجَلِ أَيْ عَلَى أَنَّهُمْ أَحْرَارٌ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>