للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَّجِرَ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَيُزَوِّجَ إمَاءَهُمْ) لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِهَا بِنَفْسِهِ فَإِنْ فَعَلَ تَعَقَّبَهُ الْإِمَامُ فَإِنْ رَآهُ خَيْرًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا أَبْطَلَهُ.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَصِيَّ مُخَيَّرٌ فِيمَا ذُكِرَ وَلَا يُجْبَرُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ بِبَرٍّ أَوْ بِبَحْرٍ وَقَيَّدَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِزَمَنِ الْأَمْنِ، وَأَشَارَ إلَى أَحَدِ شُرُوطِ الْوَصِيِّ وَهِيَ الْعَدَالَةُ بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ أَوْصَى إلَى غَيْرِ مَأْمُونٍ) فِي دَيْنِهِ أَوْ أَمَانَتِهِ (فَإِنَّهُ يُعْزَلُ) وَإِنْ عَلِمَ الْمُوصِي بِفِسْقِهِ. عِ: وَالْعَزْلُ إنَّمَا يَكُونُ بِالرَّفْعِ إلَى الْإِمَامِ وَهُوَ الَّذِي يَعْزِلُهُ وَيُوَلِّي غَيْرَهُ، وَكَذَلِكَ يَعْزِلُ الْأَبُ الْفَاسِقَ عَنْ مَتَاعِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى مَسْأَلَةٍ كَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهَا فِي الْمَوَارِيثِ وَهِيَ (وَيُبْدَأُ بِالْكَفَنِ) يُرِيدُ وَبِأُجْرَةِ الْغَسَّالِ وَالْحَمَّالِ وَالْحَفَّارِ وَالْحَنُوطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (بِالدَّيْنِ) الثَّابِتِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارٍ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ (ثُمَّ) بَعْدَ الدَّيْنِ (بِالْوَصِيَّةِ) إنْ كَانَ أَوْصَى (ثُمَّ) بَعْدَ الْوَصِيَّةِ بِ (الْمِيرَاثِ) فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا قَدْرَ كَفَنِهِ وَمُوَارَاتِهِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ وَقُدِّمَ عَلَى الدَّيْنِ كَمَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ ثِيَابُ جَسَدِهِ وَثَوْبَا جُمُعَتِهِ مَا لَمْ تَكُنْ لَهُمَا تِلْكَ الْقِيمَةُ، وَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ الْكَفَنِ شَيْءٌ يَسْتَغْرِقُهُ الدَّيْنُ سَقَطَتْ الْوَصِيَّةُ وَالْمِيرَاثُ، وَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ الدَّيْنِ شَيْءٌ فَالْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِهِ.

ــ

[حاشية العدوي]

مِنْ الْإِشَارَةِ مَثَلًا

[قَوْلُهُ: إلَيْهِ] فِيهِ الْتِفَاتٌ مِنْ الْخِطَابِ إلَى الْغَيْبَةِ إذْ لَوْ جَرَى عَلَى السِّيَاقِ لَقَالَ إلَيْك.

[قَوْلُهُ: وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَّجِرَ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى] أَيْ يُعْطِيهَا لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهَا قِرَاضًا عَلَى أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ لِلْأَيْتَامِ

[قَوْلُهُ: وَيُزَوِّجُ إمَاءَهُمْ] سَوَاءٌ زَوَّجَهُمْ مِنْ عَبِيدِهِمْ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَكَذَا لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الْعَبِيدَ حَيْثُ كَانَ تَزْوِيجُ الْجَمِيعِ نَظَرًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ فِيهِمَا.

[قَوْلُهُ: لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِهَا بِنَفْسِهِ] قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ هُوَ بِنَفْسِهِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى قِرَاضًا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الْعَقْدِ مَعَ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ اهـ.

وَظَاهِرُ هَذَا الْحُرْمَةُ وَلَكِنْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ النَّهْيَ لِلْكَرَاهَةِ، وَظَاهِرُ خَلِيلٍ النَّهْيُ وَلَوْ أَخَذَهُ الْوَصِيُّ بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ يُشْبِهُ قِرَاضَ مِثْلِهِ لِغَيْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ إنْ وَقَعَ مَضَى وَلِلْوَصِيِّ اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَهُ تَأْخِيرُهُ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى الْوَصِيِّ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الطِّفْلِ أَوْ السَّفِيهِ بِالْمَعْرُوفِ بِحَسَبِ الْمَالِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ فِي خَتْنِهِ وَعِرْضِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ دَخَلَ فَأَكَلَ وَلَهُ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَيْهِ فِي عِيدِهِ مِنْ أُضْحِيَّةٍ وَغَيْرِهَا، وَمَا أُنْفِقَ عَلَى اللُّعَابَيْنِ لَا يَلْزَمُ الْيَتِيمَ

[قَوْلُهُ: فَإِنْ رَآهُ خَيْرًا أَمْضَاهُ] أَيْ بِأَنْ لَا يَخْشَى تَلَفَهُ. وَقَوْلُهُ: أَمْضَاهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَيَحْتَمِلُ جَازَ لَهُ إمْضَاؤُهُ. وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَبْطَلَهُ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَرَ خَيْرًا بِأَنْ يَخْشَى تَلَفَهُ وَقَوْلُهُ: أَبْطَلَهُ أَيْ وُجُوبًا هَذَا مَا ظَهَرَ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: أَنَّ الْوَصِيَّ مُخَيَّرٌ] أَيْ مُخَيَّرٌ فِي كَوْنِهِ يَتَّجِرُ لِلْيَتَامَى وَلَا يُجْبَرُ، وَقَوْلُهُ: بِزَمَنِ الْأَمْنِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ أَمْنٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّجِرَ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُمْ

[قَوْلُهُ: وَمَنْ أَوْصَى إلَى غَيْرِ مَأْمُونٍ] أَيْ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْفِسْقُ، وَكَذَا يُعْزَلُ إذَا أَوْصَى لِعَاجِزٍ أَوْ مَنْ لَيْسَ فِيهِ كِفَايَةٌ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا شُرُوطٌ مَطْلُوبَةٌ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا.

[قَوْلُهُ: فِي دَيْنِهِ] أَيْ بِحَيْثُ يُخْشَى مِنْهُ اخْتِلَالُ حَالِ الْيَتَامَى.

[قَوْلُهُ: أَوْ أَمَانَتِهِ] لَا يَخْفَى أَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الدَّيْنِ وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ فَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَنُكْتَتُهُ أَنَّهُ الْفَرْدُ الْأَهَمُّ.

[قَوْلُهُ: إنَّمَا يَكُونُ بِالرَّفْعِ إلَى الْإِمَامِ] أَيْ أَوْ الْقَاضِي.

[قَوْلُهُ: الْأَبُ الْفَاسِقُ] أَيْ الَّذِي يُخْشَى مِنْهُ أَنْ يُتْلِفَ مَتَاعَ أَوْلَادِهِ

[قَوْلُهُ: وَيُبْدَأُ بِالْكَفَنِ] يُرِيدُ بَعْدَ الْمُعَيَّنَاتِ مِثْلَ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ

[قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالدَّيْنِ] أَيْ دَيْنِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ لِمَا تَقَدَّمَ فَالْمُرْتَهِنُ أَوْلَى بِالرَّهْنِ مِنْ الْكَفَنِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ قَدْ سَبَقَ فَكَانَ كَالدَّيْنِ إذَا قُبِضَ

[قَوْلُهُ: لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ] أَيْ كَزَوْجَتِهِ الَّتِي عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا، فَإِذَا أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يُتَّهَمُ كَمَا إذَا كَانَ يُحِبُّهَا وَيَمِيلُ إلَيْهَا فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ فَعَطِيَّةٌ مِنْهُمْ لَهَا، وَكَذَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا إذَا وَرِثَهُ ابْنٌ وَاحِدٌ ذَكَرٌ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ بَنُونَ ذُكُورًا وَإِنَاثًا إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ، وَأَمَّا إقْرَارُ الزَّوْجِ الصَّحِيحِ فَجَائِزٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ.

[قَوْلُهُ: كَمَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ ثِيَابُ جَسَدِهِ وَثَوْبَا جُمُعَتِهِ إلَخْ] هُمَا قَمِيصٌ وَرِدَاءٌ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>