للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُدْلُونَ بِهِ، وَكُلُّ مَنْ يُدْلَى بِشَخْصٍ لَا يَرِثُ مَعَ وُجُودِهِ إلَّا الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا مِيرَاثَ) لَهُمْ أَيْضًا (مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ أَوْ مَعَ وَلَدِ الْوَلَدِ) الذَّكَرِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ أَقْوَى تَعْصِيبًا مِنْهُمْ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْبُنُوَّةَ تَشْمَلُهُ (وَالْأَخَوَاتُ لِلْأَبِ فِي) حَالِ (عَدَمِ) الْإِخْوَةِ (الشَّقَائِقِ كَالْإِخْوَةِ الشَّقَائِقِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ) قَلُّوا أَوْ كَثُرُوا فِي أَنَّ الْوَاحِدَةَ إذَا انْفَرَدَتْ تَرِثُ النِّصْفَ وَلِلْبِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثَيْنِ، وَأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ قُسِمَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ كَانَتْ) الْوَارِثَةُ (أُخْتًا شَقِيقَةً) لَيْسَ مَعَهَا ذَكَرٌ (وَ) إنَّمَا مَعَهَا (أُخْتٌ) وَاحِدَةٌ لِأَبٍ (أَوْ أَخَوَاتٍ لِأَبٍ فَالنِّصْفُ) يُعْطَى (لِلشَّقِيقَةِ وَ) يُعْطَى (لِمَنْ بَقِيَ مِنْ) جِنْسِ (الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ السُّدُسُ) تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ كَمَا كَانَ لِبِنْتِ الصُّلْبِ النِّصْفُ وَلِبِنْتِ الِابْنِ أَوْ بَنَاتِهِ السُّدُسُ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ، هَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَا حَظَّ لِلْأُخْتِ الَّتِي لِلْأَبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَقَيَّدْنَا بِلَيْسَ مَعَهَا ذَكَرٌ احْتِرَازًا مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا ذَكَرٌ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِلَّتِي لِلْأَبِ، ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ أُخْتٍ فَقَالَ: (وَلَوْ كَانَتَا) أُخْتَيْنِ (شَقِيقَتَيْنِ) فَأَكْثَرَ (لَمْ يَكُنْ لِلْأَخَوَاتِ) اللَّوَاتِي (لِلْأَبِ) مَعَهُمَا (شَيْءٌ) فِي السُّدُسِ؛ لِأَنَّ الشَّقِيقَتَيْنِ اسْتَكْمَلَتَا الثُّلُثَيْنِ وَلَا فِي غَيْرِ السُّدُسِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ) أَيْ اللَّوَاتِي لِلْأَبِ (ذَكَرٌ) فِي دَرَجَتِهِنَّ وَلَمْ يَكُنْ مَعَ الشَّقِيقَتَيْنِ ذَكَرٌ (فَ) إنَّهُمْ (يَأْخُذُونَ مَا بَقِيَ) بَعْدَ أَخْذِ الشَّقِيقَتَيْنِ أَوْ الشَّقَائِقِ الثُّلُثَيْنِ فَيَقْتَسِمُونَهُ (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) وَقَيَّدْنَا الذَّكَرَ بِكَوْنِهِ فِي دَرَجَتِهِنَّ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَابْنِ الْأَخِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَعْصِبْ أُخْتَهُ فَمَنْ فَوْقَهُ وَهِيَ عَمَّتُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى بِخِلَافِ ابْنِ الِابْنِ فَإِنَّهُ لَمَّا عَصَبَ أُخْتَهُ عَصَبَ مَنْ فَوْقَهُ، وَبِقَوْلِنَا: وَلَمْ يَكُنْ إلَخْ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَ مَعَهَا ذَكَرٌ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ.

(وَمِيرَاثُ الْأُخْتِ لِلْأُمِّ وَالْأَخِ لِلْأُمِّ سَوَاءٌ السُّدُسُ لِكُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا إذَا انْفَرَدَ (وَ) أَمَّا (إنْ كَثُرُوا) بِأَنْ زَادُوا عَلَى الْوَاحِدِ ذُكُورًا فَقَطْ أَوْ إنَاثًا فَقَطْ أَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا (فَ) فَرْضُهُمْ (الثُّلُثُ) يُقْسَمُ (بَيْنَهُمْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ) مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ لِلذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً} [النساء: ١٢] الْآيَةَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَخِ

ــ

[حاشية العدوي]

لِلْوَجْهِ الْوَاحِدِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: لِأَنَّهُنَّ إنَّمَا يُشْبِهْنَ الْعَصَبَةَ فِي أَنَّهُنَّ لَا يَرِثْنَ إلَّا مَا بَقِيَ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ يُدْلُونَ بِهِ] مِنْ أَدْلَى فَهُوَ بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ يَصِلُونَ.

[قَوْلُهُ: الذَّكَرِ] صِفَةٌ لِلْمُضَافِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ ذَكَرٌ.

[قَوْلُهُ: فَلِأَنَّهُ أَقْوَى تَعْصِيبًا] أَيْ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِنَفْسِهِ وَالْأَخُ يُدْلِي بِغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ تت.

[قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْبُنُوَّةَ تَشْمَلُهُ إلَخْ] فِيهِ أَنَّ مُطْلَقَ الْبُنُوَّةِ لَمْ يَتَحَقَّقْ فِيهَا الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ لِتَقْدِيمِ الِابْنِ عَلَى الْأَخِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ: أَقْوَى تَعْصِيبًا، وَمَا كَانَ التَّعْلِيلُ يَتِمُّ إلَّا لَوْ جَعَلْنَا الْعِلَّةَ فِي تَقْدِيمِ الِابْنِ عَلَى الْأَخِ الْبُنُوَّةُ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ ابْنَ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ الِابْنِ لَسَلِمَ.

[قَوْلُهُ: وَالْإِخْوَةُ لِلْأَبِ] أَلْ لِلْجِنْسِ بِمُلَاحَظَةِ التَّغْلِيبِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ فِي أَنَّ الْوَاحِدَةَ إلَخْ.

[قَوْلُهُ: كَالْإِخْوَةِ الشَّقَائِقِ] يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُشْتَرَكَةُ فَإِنَّهُمْ لَيْسُوا فِيهَا بِمَنْزِلَةِ الشَّقَائِقِ. وَقَوْلُهُ: ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ بَدَلٌ مِنْ الْمُشَبَّهِ بِهِ الَّذِي هُوَ الْإِخْوَةُ الشَّقَائِقُ لِقُرْبِهِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ التَّعْمِيمُ فِي جَانِبِ الْمُشَبَّهِ الَّذِي هُوَ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ.

[قَوْلُهُ: مِنْ جِنْسِ] قَدَّرَهُ لِيُدْخِلَ الْوَاحِدَةَ مِنْ أَخَوَاتِ الْأَبِ.

[قَوْلُهُ: وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ إلَخْ] وَوَافَقَهُ أَبُو ثَوْرٍ، وَاسْتَدَلَّ أَبُو ثَوْرٍ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا أَبْقَتْ السِّهَامُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» . وَمُفَادُ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْأُخْتِ لِلْعَاصِبِ عِنْدَهُ، وَلَعَلَّ الْجُمْهُورَ يَقُولُونَ: إنَّ الْأُخْتَ لِلْأَبِ مِنْ جُمْلَةِ الْفَرَائِضِ.

[قَوْلُهُ: لِلْأَخَوَاتِ اللَّوَاتِي] أَلْ لِلْجِنْسِ.

[قَوْلُهُ: سَوَاءٌ] حَالٌ مِنْ الْأُخْتِ وَالْأَخِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِمَا مُسْتَوِيَيْنِ لَا مَزِيدَ لِذَكَرٍ عَلَى أُنْثَى فِي الْفَرِيضَةِ.

[قَوْلُهُ: الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى] مُبْتَدَأٌ وَمَعْطُوفٌ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: سَوَاءٌ خَبَرٌ وَفِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِسَوَاءٍ، فَإِنْ قُلْت: مِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ اسْتِوَاءُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ؟ قُلْنَا: مِنْ حُكْمِ الِاشْتِرَاكِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ التَّسَاوِي.

[قَوْلُهُ: {يُورَثُ كَلالَةً} [النساء: ١٢]] الْكَلَالَةُ الْفَرِيضَةُ الَّتِي لَا وَلَدَ فِيهَا وَلَا وَالِدَ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ. وَقَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>