للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يشق عليه جهولا لو خامة عاقبته- اخرج ابن ابى حاتم عن مجاهد نحوه وفيه فكان بين ان تحملها الى ان اخرج من الجنة قدر ما بين الظهر والعصر.

وقيل فى دفع الاستبعاد ان الجمادات كلها وان كانت غير عاقلة بالنسبة إلينا لكنها بالنسبة الى الله تعالى عاقلة خاضعة مطيعة ساجدة له قال الله تعالى للسماوات والأرض ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ وقال الله تعالى وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ ... وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وقال الله تعالى أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ قيل المراد بالإنسان فى قوله تعالى وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ آدم عليه السّلام قال الله تعالى لادم انى عرضت الامانة على السماوات والأرض والجبال فلم يطقنها قال وأنت أخذ بما فيها قال يا رب وما فيها قال ان أحسنت جوزيت وان اسأت عوقبت فحملها آدم فقال بين اذنى وعاتقى فقال الله تعالى إذا قبلت فساعينك واجعل لبصرك حجابا فاذا خشيت ان تنظر الى ما لا يحل فضع عليه حجابه واجعل للسانك لحيين وغالقا فاذا خشيت فاغلق واجعل لفرجك لباسا فلا تكشف على ما حرمت عليك- قال مجاهد فما كان بين ان حملها وبين ما خرج من الجنة الا مقدار ما بين الظهر والعصر قلت لعل الحكمة فى إخراجه من الجنة بعد حمل الامانة ان الجنة ليست محلا لاداء الامانة بل هى محل للثواب على أدائها فاخرج الى الدنيا التي هى مزرعة الاخرة لاداء الامانة- قال البغوي حكى النقاش بإسناده عن ابن مسعود انه مثّلت الامانة كصخرة ملقاة ودعيت السماوات والأرض والجبال إليها فلم يقربن منها وقلن لا نطيق حملها وجاء آدم من غير ان دعى وحرك الصخر وقال لو أمرت بحملها لحملتها فقال له احملها فحملها الى ركبتيه ثم وضعها وقال والله ان أردت ان ازداد لزدتّ فقلن له احمل فحملها حتى وضعها على عاتقه فاراد ان يضعها فقال الله تعالى مكانك فانما هى فى عنقك وعنق ذريتك الى يوم القيامة وذكر الزجاج وغيره من اهل المعاني المراد بالامانة الطاعة التي يعم الطبيعية والاختيارية وبعرضها استدعاؤها الذي يعم طلب الفعل من الاختيار وارادة صدوره من غيره وبحملها الخيانة فيها والامتناع عن أدائها ومنه قولهم حامل لامانة ومحتملها لمن لا يؤديها فيبرأ ذمته فيكون الإباء عنه إتيانها بما يمكن ان يتأتى والظلم والجهالة للخيانة والتقصير قال الله تعالى لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وحكى عن الحسن على هذا التأويل انه قال وَحَمَلَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>