للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنظر بالبصر يعدى بالى وقال اهل السنة الروية لا تتوقف الا على كون المرئي موجود او كذلك فى جانب الرائي لا يشترط الا الوجود والحيوة والعلم والابصار واما توقف الروية على غير ذلك من الشرائط فامر عادى فى خصوص المادة ولا يجوز قياس

الغائب على الشاهد ولا شك ان الله سبحانه تعالى يرى خلقه من الماديات والمجردات من غير مسافة بينهما ولا خروج شعاع وهو السميع البصير كيف ينكر كونه مرئيا بعد ما نطق به البشير النذير وقوله تعالى لا تدركه الابصار انما ينفى الدرك وهو يقتضى الإحاطة وحصول العلم بكنهه وذلك محال واما العلم الحضوري بالكنه بمعنى حضور كنه المعلوم عند العالم فليس بمحال لكنه متعال عن درك الابصار والله تعالى اعلم- (فائدة) هذه الاية تدل على انهم يرون الله تعالى دائما مستمرا لا ينقطع رويتهم كما يدل على دوام النضرة لهم ابدا فان الجملة الاسمية للدوام والاستمرار ولا منافاة بينها وبين ما ثبت بالأحاديث ان من الناس من يرى الله تعالى كل جمعة ومنهم من يرى الله تعالى فى كل جمعة اى أسبوع مرتين كذا احرج ابن ابى الدنيا عن ابى امامة ومنهم من يرى ربه فى مقدار كل عيد لهم فى الدنيا يعنى فى كل سنة مرتين كذا روى يحى بن سلام عن ابى بكر بن عبد الله المزني ومنهم من يرى فى كل يوم مرتين غدوة وعشية كما مر من حديث ابن عمر لان ثبوت دوام الروية انما هو لجمع منكر وهى لا تدل على العموم او بقدر ما هو أخص من المؤمنين فيقدر المقربين فتقديره وجوه المقربين يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة دائما ابدا اخرج ابو نعيم عن ابى يزيد البسطامي قال ان لله تعالى خواص من عباده لو حجبهم فى الجنة عن روية لاستغاثوا كما يستغيث اهل النار بالخروج من النار فظهر ان الناس فى الروية على درجات لا تكاد تحصى وليس المقصود من الأحاديث استيفاء درجاتهم ومعنى قوله صلى الله عليه واله وسلم أكرمهم على الله من ينظر الى وجهه غدوة وعشية انهم من أكرمهم وهذا لا يقتضى ان لا يكون أحد أكرم منهم وإذا تقرر هذا فاعلم ان الذين يدومون النظر الى الله سبحانه والله تعالى اعلم بهم هم الأنبياء والمقربون من العباد الواصلين الى الذات المجرد عن الشيون والاعتبارات الذين كان حظهم فى دار الدنيا من الذات التجلي الدائمى لا كالبرق الخاطف لان من كان حظه فى دار الدنيا دوام التجلي ولم يكن له الروية فى الدنيا لعدم صلاحيته تعين هذه النشأة الروية كما أشير اليه فى حديث ابن عباس عند ابى نعيم فى الحلية فاذا زال المانع فلا جرم ينظر ذلك الرجل الى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>