للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دائما وإلا لزم انعكاس الأمر ورجوعه القهقرى ومن لم يكن فى الدنيا دوام التجلي والحضوري فيكون الروية لهم على تفاوت الدرجات فمن كان حظه تجليا برقيا يرى فى كل يوم مرتين او مرارا ومن لم يكن كذلك ففى كل جمعة او شهر او سنة على ما شاء الله- (فائدة) قال المجدد رضى الله تعالى عنه فى المكتوب المائة من المجلد الثالث فى تحقيق سر اشتغال قلب يعقوب عليه السلام بمحبة يوسف عليه السلام مع ان قلوب الخواص من الناس تكون فارغة عن حب غير الله تعالى ان جنة كل رجل عبارة عن ظهور اسم من اسماء الله تعالى الذي هو مبدأ التعين ذلك الرجل وان ذلك الاسم يتجلى بصورة الأشجار والأنهار والقصور والحور والغلمان واستحكم هذا المكشوف بقوله صلى الله عليه واله وسلم ان الجنة طيبة التربة عذبة اى أنهارها قيغان وان غراسها هذه يعنى سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ثم قال المجدد رضى الله تعالى عنه ان تلك الأشجار والأنهار قد تصير فى حين من الأحيان على هيئة الاجرام الزجاجة فتصير وسيلة الى روية الله سبحانه غير متكيفة ثم تعود الى حالها الذي كانت عليه فيشتغل المؤمن بنفسها وهكذا الى ابد الآبدين وقال كما ان التجلي الذاتي للصوفى فى الدار الدنيا تكون من وراء حجب الأسماء او الصفات وقد يرتفع تلك الحجب فيحصل له التجلي الذاتي كالبرق الخاطف كذلك حال الروية فى الاخرة لكل رجل يتعلق بذات الله سبحانه وتعالى باعتبار اسم هو مبدأ الجنة وتجلى وتمثل لجنة وتلك الروية تكون كالبرق الخاطف فى زمان يسير ثم تحجب عنه ويبقى نوره وبركته من وراء نعيم الجنة وأشجارها قلت هذا تحقيق روية العوام من اهل الجنة واما الخواص منهم فلما كان التجلي لهم فى الدنيا دائما فكذلك الروية تكون لهم دائما فان قيل قال المفسرون تقديم

الجار والمجرور فى قوله تعالى الى ربها ناظرة يقتضى الحصر ويفيد انهم إذا أراد ربهم يستغرقون فى رويته تعالى لا ينظرون حينئذ الى غيره ويؤيده حديث جابر رض قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اهل الجنة فى نعيمهم إذ سطع عليهم نور فرفعوا رؤسهم فاذ الرب تبارك وتعالى قد اشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا اهل الجنة وذلك قوله تعالى سلام قولا من رب رحيم قال فينظر إليهم وينظرون اليه فلا يلتفتون الى شىء من النعيم ما داموا ينظرون اليه حتى يحجب عنهم ويبقى نوره وبركته فى ديارهم رواه ابن ماجة وابن ابى الدنيا والدار قطنى فحينئذ لو كان لبعض الناس دوام الروية فكيف يتصور الحصر وعدم الالتفات الى النعيم

<<  <  ج: ص:  >  >>