للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير مجوفة ارتكزت فيها الكواكب المتحيرة يسمونها- فلك التدوير- قلت انما اثبتوا عدد الافلاك بعدد حركات الكواكب- فانهم لما راوا جميع الكواكب والشمس دائرة في يوم وليلة اثبتوا فلك الافلاك حاوية على جميع الافلاك محركة لكلها بالقسر من المشرق الى المغرب- ولما راوا حركة جميع الكواكب سوى السبعة على نسق واحد وحركات السبعة على أنحاء مختلفة في السرعة والبطء وفي العرض من البروج الشمالية الى الجنوبية وبالعكس اثبتوا على حسب حركاتها اعداد الافلاك- ولما راوا حركة السيارات غير الشمس تارة سريعة وتارة بطية وتارة الى المشرق وتارة الى المغرب وتارة متوقفة «١» ولذا يسمونها متحيرة أثبتوا التدويرات- فارتقى عدد الافلاك الى قريب من ثلثين- من أراد الاطلاع عليه فليرجع الى علم الهيئة- وهذا اعنى اثبات الافلاك على حسب حركات الكواكب باطل مبنى على امور باطلة- منها ادعاؤهم بامتناع الخرق والالتيام على الاجرام الفلكية- ومنها ان الافلاك كلها متلاصقة بعضها ببعض كتلاصق قشور البصل بعضها على بعض- وذلك يستلزم تحرك الافلاك جميعها بحركة فلك الافلاك قسرا وغير ذلك- وكل ذلك باطل فان انشقاق السماء جائز عقلا واجب سمعا- قال الله تعالى إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ- ونحو ذلك وكذا عدم تلاصق السموات وبعد ما بين كل سمائين ثابت شرعا عن ابى هريرة قال بينما نبى الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذا اتى عليهم سحاب فقال نبى الله صلى الله عليه وسلم هل تدرون ما هذا قالوا الله ورسوله اعلم قال هذه العنان هذه روايا الأرض يسوقها الله الى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه- ثم قال هل تدرون ما فوقكم قالوا الله ورسوله اعلم قال فانها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف ثم قال هل تدرون ما بينكم وبينها قالوا الله ورسوله اعلم قال بينكم وبينها خمسمائة عام ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك قالوا الله ورسوله اعلم قال سما ان بعد ما بينهما خمس مائة سنة ثم قال كذلك حتى عدّ سبع سموات ما بين كل سمائين ما بين السماء والأرض- ثم قال هل تدرون


(١) لا يظهر جهة التوقف على هذه المقدمة فانه لو فرض الانفصال فيما بين سطوحها لا وجبت الحركات أفلاكا متفاصلة بعددها نعم لزوم تحرك المحوى من تحرك الحاوي انما يتم على التلاصق دون التفاصل وهو امر اخر وراء تعدد الافلاك- قلت وجه التوقف على كون الافلاك متلاصقة انهم زعموا ان لكل كوكب وكذا للشمس والقمر حركتان حركة قسرية تابعة لحركة الفلك التاسع بها يتم دورانها في يوم وليلة وعليها ابتناء الليل والنهار- وحركة طبعية الى المشرق بها يظهر اختلاف حركاتها وعليها ابتناء اختلاف الفصول واختلاف الشهور وغير ذلك بل لكل كوكب بالقسر حركات شتى أحدها ما ذكر بقسر فلك الافلاك ثانيها بعدد المتممات الحاوية والمحوية وحركة الطبعي للمتحيرات انما هى حركة تدويراتها وما ليس له تدوير فالحركة الطبعي حركة فلكها الذي ذلك الكوكب مرتكز فيه والحركة القسرية لا يتصور بدون التلاصق وعندى في تحقيق هذا المقام مقال لا يسعه المقام وحاصله ان الكواكب والشمس والقمر كلها في السماء الدنيا ولكل منها حركة على حدة مختلفة كل في فلك يسبحون سباحة السمك في الماء ليس شىء منها بقسر فلك اخر- ويرتبط باختلاف حركات الكواكب اختلاف الليل والنهار والفصول وغير ذلك ولهذا الكلام طول لا يسعه المقام- منه رحمه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>