للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما فوق ذلك قالوا الله ورسوله اعلم قال ان فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد ما بين السمائين- ثم قال هل تدرون ما الذي تحتكم قالوا الله ورسوله اعلم قال انها الأرض- ثم قال هل تدرون ما تحت ذلك قالوا الله ورسوله اعلم قال ان تحتها ارض اخرى ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عد سبع ارضين بين كل ارضين مسيرة خمسمائة سنة ثم قال والذي نفس محمد بيده لو انكم دليتم بحبل الى الأرض السفلى لهبط على الله ثم قرا هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ- رواه احمد والترمذي وقال الترمذي- قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم الاية تدل على انه أراد لهبط على علم الله وقدرته وسلطانه- وعلم الله في كل مكان وهو على العرش كما وصف نفسه في كتابه- قلت قوله «١» صلى الله عليه وسلم لهبط على الله من المتشابهات كما انه الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى من المتشابهات ولعل مراده صلى الله عليه وسلم لهبط على عرش الله بحذف المضاف وهذا يدل على كون العرش وكذا ما فيه من السموات السبع كرويا حاويا لجميع جهات الأرض حتى انكم لو دليتم بحبل الى الأرض السفلى لهبط على السموات السبع وعلى عرش الله- والصوفية العلية كما اثبتوا معيّة لا كيف لها وتجليات «٢» خاصا لله سبحانه على قلب المؤمن وهو عرش الله سبحانه فى العالم الصغير- واثبتوا تجليا مخصوصا بالكعبة الحسناء بيت الله واختصاصا برب هذا البيت كذلك اثبتوا تجليا خاصا رحمانيا على العرش وهو قلب للعالم الكبير وذلك التجلي هو المومى اليه بقوله تعالى الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ومن ثم قيل تجوزا لهبط على الله- كما قال الله تعالى- يسعنى قلب عبدى المؤمن- وروى الترمذي وابو داود من حديث العباس وفيه- ان بعد ما بينهما يعنى السماء والأرض اما واحدة واما اثنان او ثلث وسبعون سنة والسماء التي فوقها كذلك حتى عد سبع سموات ثم فوق السماء السابعة بحر بين أعلاه وأسفله كما بين سماء الى سماء ثم فوق ذلك ثمانية او عال بين أظلافهن ودركهن مثل


(١) غرض الترمذي ايضا انه من المتشابهات وانه ماول لكنه ذكر تأويلا لا يتوقف على كروية الافلاك والعرش وايضا تأويله مطرد في جميع ما ورد من أمثاله في الأحاديث والآثار فالفضل المتقدم- وقراءة الاية تدل على ان المراد ما ذكره الترمذي فليفهم قلت نعم غرض الترمذي ايضا انه من المتشابهات وانه ماول وما ذكر الترمذي من التأويل لا يتوقف على كروية الافلاك وايضا تأويله مطّرد- لكن غرض المصنف ان كروية الافلاك المشهود عليها ببداهة الحسن ودوران الشمس والقمر لا ينافى هذا الحديث بل هذا التأويل الذي ذكرت يصاعده- فالتأويل الذي به يطابق النقل الحس والعقل اولى وليس فيه رد القول الترمذي وليس بيان احتمال آخر كما تدل عليه كلمة لعل- ولم يقل بل الصواب ونحو ذلك حتى يظهر منه رد قول الترمذي والله اعلم- منه رحمه الله
(٢) أقول لا معنى للتجلى عند التحقيق الا ظهور الصفات من العلم والقدرة وغيرها على وجه يكون مكشافا وعنوانا للذات فلا نزاع فيما بين الصوفية وغيرهم الا في اللفظ- قلت حمل كلام العقلاء على النزاع اللفظي بعيد من العقلاء- منه رحمه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>