للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال ابن أبي السعود مجيبا:

بحسن ابتداء جاء لغزك يوضح … صحيح وداد وهو أنجى وأنجح

وأهديت لي في الكأس لفظا مقرقفا (٥٠٧) … وكلّ إناء بالذي فيه ينضح

وأثلجت صدر اللغز واستيقظ الحجا … ألم تر «حاءات» الروى تنحح؟

ويا ليت ذاك الشعر جاء مرادفا … ليعجب منه قافلا وهو يفتح

ولست أجيب الآن عنه لأنه … يسابقه التفسير منك موضّح

ولكن بدى لي أن أحاجى ناظما … فلا ينثني (٥٠٨) المقصود ما عنه أبرح

واستمر إلى الآخر على هذا النحو الملحون بهذه الألفاظ الركيكة والمعاني السافلة وهو لعمري لا يشعر، وهو مع ذلك يظن-بل صرح لي بما يقتضى-أن نظمه أحسن من نظم الملغز، بل أنه ليس بينهما أفعل تفضيل، فيا للّه العجب من هذا الحمق المتمكن والجهل المركب (٥٠٩).

انظر كيف تهافت على قوله «أشجى وأنجح» من أجل قول ابن صالح «يطفو ويطفح» وقايس بين الكلامين وفقك الله، ما أقعد ذاك وأطيش هذا!! «كيف يليق بمن عنده أدنى أدب أن يضمن «وكل إناء» الشطر هذا التضمين الذي هو باسم التلقين أولى بعد ذاك التضمين البديع.

وتدبّر قوله «مزرقنا، وفاصلا، ومفتح» والله لقد رأيتهن بخطه ونبّهته فوجدته مشيحا (٥١٠)، وتأمّل قوله «لا ينثني المقصود ما عنه أبرح» هل له ملاءمة بالصدر؟ لكن ما أحسن قول ابن صالح أنّ قاضى القضاة شيخ الاسلام ابن حجر لو رأى هذا البيت لرجع عن قوله «إن شعر المذكور غير ممكن القوافي»


(٥٠٧) القرقف الماء البارد، والقرقف الخمر وهو اسم لها وقيل سميت هكذا لأنها تقرقف شاربها أي ترعده-لسان العرب ج ١١ ص ١٨٩.
(٥٠٨) في الأصلين السليمانية وتونس «لاينى».
(٥٠٩) جاء بعد هذا في السليمانية وتونس «وقال لي ابن صالح إنه قال لي قولك: ويسحب ذيل الشرب» البيت معيب لأنك ما وطيت له بلبس الثياب، فقال له ابن صالح: الناس عرايا، فقال هل هذا مما يكتفى فيه بالغالب.
(٥١٠) في تونس «مجنحا» والسليمانية «منيحا».

<<  <  ج: ص:  >  >>