وكذا مصطلح أهل حلب لا يخصون الشرف بأولاد فاطمة-﵂-بل يطلقونه على أولاد العباس وعلى جميع بني هاشم.
ولد يوم يوم الخميس في رجب سنة تسع وسبعين وسبعمائة في البيّاضة-بفتح الموحدة وتشديد التحتانية ثم ضاد معجمة-من محال حلب، وقرأ بها القرآن على الشيخ شمس الدين الغزي-بفتح المعجمة ثم زاي-، ولم يكن له من يعتنى به فيسمعه على أكابر الشيوخ إذ ذاك، لكنه أخبرني-وهو ثقة يقظ -أنه سمع وسنه سبع عشرة سنة، فيكون ذلك في سنة أربع وتسعين بقراءة الشيخ برهان الدين الحلبي الشهير بالقوف كل البخاري أو جلّه في الجامع الكبير بحلب، لا يعرف المسمع من كان. وتعلم بحلب صنعة النشاب حتى برع فيها، ثم رحل إلى دمشق في فتنة تمرلنك، فلما أخذ دمشق رجع الشريف نحو حلب فوجد أكابر أهلها بأريحا، فاستمر عندهم حتى رحل تمر نحو الشرق فدخلوا إلى حلب، فلم يلبث أن عاد إلى دمشق. ثم رحل إلى القاهرة فلازم الطنبغا المعلم المعروف بمملوك النائب، وكان كل واحد منهما يعرف من صنعة النشاب ما لم يعرفه الآخر، فضم الشريف ما عند الطنبغا إلى ما عنده، فصار أوحد أهل زمانه في ذلك والمرجع إليه فيه عند الملوك ومن سواهم.
ثم رجع إلى دمشق فتزوج بها، واشتغل في فقه الحنفية على الشيخ زين الدين الأعزازى، ولازم الشيخ عبد الرحمن الكردي الشافعي فانتفع بمواعيده ودينه وخيره، وظهرت عليه بركاته. ثم رجع إلى القاهرة في نحو سنة عشرين فقطنها، ولازم بها الشيخ سراج الدين قارئ الهداية، وارتزق من صنعة النشاب، وكان المقدم فيها عند المؤيد، ومن بعده من ملوك مصر، إلى أن لقيته سنة بضع وأربعين؛ فإذا هو إنسان خير، ريض النفس، حسن العشرة، نير الوجه، صالح الصمت، كريم الأخلاق، سخى النفس، كثير تلاوة القرآن، مواظب على العبادة، منقطع عن الناس، غير متكبر بصحبة أحد من الملوك