للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والأمراء مع اعتقادهم فيه، ومحبتهم له، وتعظيمهم إياه، لم يعتمد على أحد منهم قط، [ولا من] (١) عده صديقا.

صحبني إلى الرباط سنة إحدى أو سنة اثنتين وخمسين إلى ثغر دمياط فانتفعت به في الرمي وغيره، وحدثني بعجائب رآها في عمره، منها: أنه قال: كنت وأنا صبي انظر في جملة الصبيان شيخا خياطا من جيراننا [هرما] (٢) منحنيا من الكبر لا يزال على سراويله [سلاحان] (٣)، فكان الصبيان يهزءون به ويضحكون منه، فسألوه يوما عن الحامل له على ذلك، فقال: دعوني من هذا، فألحوا عليه فقال: إن لي في ذلك قصة غريبة. فزادوا في الإلحاح عليه، فقال: دخلت إلى القاهرة في إقبال شبابي وعلىّ ثياب فاخرة، وكان الغريب قبل فتنة تمر لنك بالقاهرة لا يخفى لقلة الغرباء بها إذ ذاك، فرأتني امرأة من طاق فعلمت أنى غريب، وكانت فائقة الجمال، فأومأت إلىّ فغامزتها، فدعتني إلى الدخول إلى منزلها، فدخلت، فلم ألبث أن طرق الباب، فقالت لي: ادخل إلى هذه الخزانة، فدخلت، فهويت في بئر قريبة فإذا فيها عظام الآدميين، فعلمت أنها مكيدة يقتلون الغرباء بها، وأيقنت بالهلكة ولا سلاح معي، وإذا الداخل عبد أسود فنزل إلىّ وهو يرعد ويبرق ومعه سكين، فتأملته وهو نازل، فإذا هو بغير سراويل وقد تكشف، فأخذت قصبة ساق بعض من هناك وضربته به حين أمكنني في مشعره، فإذا هو قد سقط، فأخذت سكينه فذبحته بها، ثم خرجت على المرأة لأقتلها فصاحت علىّ، فخشيت وأنا غريب أن يجتمع عليّ الناس، فتركتها وخرجت، وما كدت أفلت، فلزمت السلاح من حينئذ، فلم أفارقه ساعة واحدة.

ومنها مما رآه من مكائد الحرب النافعة في حصار تمرلنك، أنه كان يعمل أبراجا من خشب وتراب تجاه أبراج أسوار القلاع في أسرع وقت تقريبا.

[مات بالقاهرة ليلة الثلاثاء تاسع عشر شعر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وثمانمائة، ودفن خارج باب النصر] (٤).


(١) بالسليمانية: ولما. ولعل المثبت هو الأولى حسب المعنى.
(٢) بالسليمانية: هما، ولعل المثبت هو الصواب.
(٣) بالسليمانية كلمة غير مقروءة ولعل المثبت هو الصحيح تبعا للسياق.
(٤) ما بين الحاصرتين إضافة من المعجم الصغير، ص ٢٠٢. وانظر أيضا: الضوء اللامع ٦/ ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>