للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قراءته قراءة بحث وحل، [وقرأ] «عروض ابن الحاجب» للإسنوى على [محمود] الأنطاكي، وناب في القضاء في حدود سنة (٥٩٠) اثنتين وثمانمائة عن قاضى القضاة ولى الدين ابن خلدون، واستمر إلى آخر وقت حتى صار أعرف الناس بصناعة القضاء أمهرهم في الشروط، و [عن] علامة المالكية بعد قاضيهم البساطى وحافظ مذهبهم وناشر علومهم وناصر مقالاتهم مع ما يحفظه من اختلاف الأئمة وتفوّق في باقي علوم الأمة حتى إنه كان عين (٥٩١) مجالس العلم ولسان خطبها وفارس (٥٩٢) حلبتها.

مناظراته موصوفة، ومحاوراته بين العلماء معروفة، قلّ أن يقوم له في مجلس النظر قائم، وهو من أوعية العلم قلّ أن رأيت في زمانه مثله: فصاحة وعلما ودهاء وحذقا يحفظ كثيرا من التاريخ والشعر والنوادر. وهو حلو النادرة، فكه المحاضرة، سريع الجواب، بليغ القول، جيد الاستحضار لما يرومه، وله شعر سألته أن ينشدنى منه فقال:

فإن لم يكن درا (٥٩٣) فتلك نقيصة … وإن كان درا كيف يهدى إلى البحر

أخبرني الشيخ شمس الدين القرافى أن والده قال له «إن ابني تقى الدين حفظ «العمدة» في ستة أيام ابتدأها يوم السبت فعرضها يوم الخميس»، وأنه كان لا يسمعه يدرس شيئا إنما يكتب اللوح ثم يتأمله ويعرضه.

وأنه حفظ «الموطأ» وعرضه على خاله بهرام فسمعه عليه كاملا، وقابله معه بنسخة عنده صحيحة، وكان فيها حديث مطول ساقط من النسخة التي حفظ منها، فقال له: «لا بد من حفظك هذا الحديث حتى أكتب لك بالعرض» فقال: «اقرأه على» فقرأه عليه فأعاده عليه حفظا، إلى غير ذلك من أمور الحفظ


(٥٩٠) الوارد في الضوء اللامع ٢/ ٢٣٦ أنه ناب عن ابن خلدون سنة ٨٠٤، واستمر ينوب عمن بعده.
(٥٩١) في الأصول «يعين».
(٥٩٢) جاءت هذه العبارة في الأصول «ولسان خطبها و «فارس خطبها» والأرجح أن كلمة «خطبها» أما أن تكون «خطبائها» أو «حلبتها» وهذا تأويل بعيد فتكون في الأولى «فارس حلبتها» وأن كان هذا تأويل يبعد عن الرسم الوارد في الأصل.
(٥٩٣) في الأصول «دارا».

<<  <  ج: ص:  >  >>