للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى المشرق كافرا فهات ميتنا وخذ ميتكم، فدفنوا الراهب بالزاوية ونقلوا الشيخ إلى مقبرة الرهبان (٩٢) وكان اسم الخادم عليا وكان في الخليل، فاشتد خوفه لذلك إلى أن كان لا يفتر عن البكاء ولا يهجع من النحيب، فسمىّ بالشيخ على البكاء، قال النحال: «فلما سمعت هذا الأمر حصل لي منه ما أزعج نفسي وأطار (٩٣) عقلي وأدهش فكرى وأطال غمّى وأدام همى بحيث بقيت أياما لا أنام أصلا ولا آكل إلا كما يأكل العليل، ولا شغل لي إلا الافتكار في أنى من أي قسم أكون، فبينا أنا ليلة أفكر إذ جرى على لساني كلام في معنى ما أنا فيه فكتبته في لوح كان عندي ثم تتابع حتى تمّ في هذه القطعة الآتية».

واستمر بعد ذلك ينظم في الفنون والأبحر، والنظم يسهل عليه جدا غير أنه لا يعرف النحو فنظمه في البحور كثير اللحن ولا عجب إذا كان النحال لحانا، وقد أنشدناها من لفظه يوم الأحد رابع عشر رجب سنة ست وأربعين وثمانمائة في زاوية الشاذلية بساباط اللبن من بلبيس، وقد أثبتّها هنا، وقدّمت بعض أبياتها المناسبة، وهذا ما انتقيته منها:

ضاع عمرى في افتكار … ولا أدرى ما الخبر

وصبح قلبي حزين … يا ترى أين المفرّ

قد رسخ في سمعي … من كلام رب الأنام

زادنى كثرة هموم … وبقي دمعي سجام

حين قسم قسمتو … من أبينا أدم قسم

وآخر في ظهر وذر … فالمشيئة للإله الذي أنشا الصور

ليس في حكمو يجور … في البرايا يا فهيم

***

عالم ما في الصدور … حكم عدل حكيم

باعث من القبور … يحيى العظم الرميم

جلّ رب قد نفذ … حكمه فيما أمر

ذا إلى دار النعيم … ثم هذا إلى سقر

***

جلّ ربّى في علاه … قد على رب عظيم

ليس يدرك الوصف (٩٤) … وهو بالعالم عليم


(٩٢) أمامها في تونس: «فائدة في الكلام على قوله تعالى: ﴿أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ».
(٩٣) في تونس والسليمانية: «وأطال».
(٩٤) في تونس والسليمانية: «لوصفاه».

<<  <  ج: ص:  >  >>