للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبثت بهم أيدي الشتات فليس لي … حتى الممات إلى اللقاء سبيل

داود عمّى قد مضى، ومحمّد … فهما حديث في الزمان مقول

صارا كأنهما بحلم نائم … ما منه إلّا الوهم والتخييل

لم يبق بعدهما سوى ذكريهما … بتحزّن يدع القلوب تزول

قد أقفرت تلك المنازل منهما … واسودّ وجه الأرض فهو رذيل

مرّت ليالي الوصل وهي قصيرة … ماذا عليها لو تكون تطول

فكأننا لم نقض فيها معهمو … حلو الحديث ولا أتانا السّول

يا لهف نفسي والنبال إليهما … ترمى وصفو الكائنات حبول

وتلاهما ابن نعيم البطل الذي … باهى بأمر الحرب وهو وبيل

فمحمّد: حسن أبوه وخاله … عمر أبى، فمن الجهات أصيل

حاز الجدال بمنطق من سيفه … أمضى وأسرع والخصوم تجول

وخداعه وقت النزال رقيقه … اشراكه، والله فهو خليل

وله إلى رتب (٢١٨) البلاغة مرتقى … تتقاصر الآمال وهو يطول

ولذهنه انقاد الحساب وصعبه … من حسن فكرته له تسهيل

وبجوده وطلاقة في قوله … والوجه قاد المجد وهو ذلول

وقراعه في الحرب، لا أقرانه … تبقى، ولا سيف لديه صقيل

وثباته علم، ومن وثباته … تخشى الأسود فملتقاه مهول

كم خاض بحر الهوج وقت هياجه … فاغتاله-وهو الشجاع-الغول

يا لهف نفسي والتلهّف قاتلي … والقتل فيه مرتضى مقبول

لهفى على ذاك الجمال ويا له … من سيد هو في القلوب جليل

حلو الكلام فصيحه، فحديثه … يجلو صدى الألباب حين يقول

ظنّ العداة بأنّ عند (٢١٩) مماته … يصفو الزمان لهم وذاك غفول

هيهات قد ظنّوا المحال وزخرفت … آراؤهم، فلهم بها تضليل

بعثت صناديد لو قد حروبهم … تصلى تلهّبها وفيه تصول


(٢١٨) في السليمانية وتونس: «رتبة».
(٢١٩) في السليمانية وتونس: «مماتهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>