يا لحى اللّه فتية ألجأتنى … لاغتراب بعد اقتراب لهند
ربّ ليل ركضت فيه جيادا … للملاهي، وما بلغت أشدّى
رصّعته شهب السماء ببدر … نضّدته عليه أبهج نضد
ثم خطّت بالنصر منه سجلا … رمّلته بأحسن اللّازوردى
وحباه كف الثريّا نثارا … نظمته الميزان أنفس عقد
فاجتدى البحر الخضمّ نداه … فرماه من اللآلي بمدّ
وأدارت بدوره نبت كرم … مثل شمس تسربلت ثوب شهد
طالما أبرمت يد السحب نسجا … عقده في عنقودها أىّ عقد
ما هداني لحانها غير نفح … قد شدا من نفح الرياض بنجد
وشعاع سرى بأطيب عرف … من تجلّى صرف الكؤوس وورد
عجبا هل رأيت لمع رحيق … في طريق يرى الصواب ويهدى
أم علمت الضلال يجلو ظلاما … ليت شعري أم فرط غىّ كرشد
يا رعى اللّه هاتيك الليالي … مثل برق سرى وما نلت قصدي
يا ترى هل أفوز منها بعود … قبل ألقى مثل الرّكاز (٢٢٣) بلحدى
أو أرى من تلك البدور اجتماعا … مثل عهد مضى بأنضر حدّ
شبه إكليل حول ساقى المحيا … كل صدر به سقى كأس ود
إن أفز بالوصال أو لم أجزه … فدواما للّه شكري وحمدى
*** وكذا قوله:
ولى معشر في نيل مصر توافقت … مناهم وأوقات الزمان عبيد
كأنّهمو عقد تنظّم جوهرا … وكل مقال يذكرون سديد
قضيت بهم أيام أنسى وقد نأى … رقيبى، ولم يقدر علىّ حسود
ونحن على متن السفين كأننا … علونا سحابا للسرور تميد
أشبه موج البحر جيشا تتابعت … به الخيل إذ ثوب الرياح حديد
وجادت له أيدي النسيم بنفحها … فمدّت شباكا للقلوب تصيد
(٢٢٣) الركاز: في اللغة بكسر الراء هو الشئ الخفي أو المدفون في باطن الأرض.