للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشافعي يوم الأربعاء سادس (٤٣٥) عشرى الشهر فأخبرني الشيخ الفاضل عبد القادر الطرخانى (بالخاء المعجمة) والشيخ أحمد بن سميط (فتح المهملة أوله) بواب الجامع أن هذا الرجل جاء بعد توجهى يوم الأحد المذكور بقليل وقال لابن سميط «أين الرجل الذي كان عندك» وشرع يثنى علىّ خيرا، فقال له البواب «من هو» فقال: «البقاعى» فقال: «ذهب». فتأسف على فوات اللقاء وقال: «الاجتماع مقدر»، فلما أخبرت بذلك طلبت الذهاب إليه فأشار عبد القادر بأن يذهب هو فينظر أين هو، فذهب وأخبره بي فجاء، فإذا رجل نحيل أدم اللون، مرفوع القامة إلى المطول، صغير اللحية، شيخ همّ، على رأسه طاقية عليها منديل جاعله على هيئة الطيلسان من غير عمام، وعليه قميص أحسب أنه ليس عليه غيره، فقمت إليه فالتزمني وشرع يسلم علىّ سلاما بالغا ويتأنس بي، فأردت أن أجلسه في صدر المكان فأبى وجلس أمامى، وشرع يباسطنى بالكلام، ويذكر لي أنه أتى من دمياط، وأنه تأسف على عدم لقائي أولا، ثم يقول «لكن الاجتماع مقدر» ويلتفت إلى كل من صاحبني ويسلم عليه ويتأنس به.

وذكر لي بلاده وتردده في البلاد، وأنّ سنة مائة [سنة] وسنة، وأنه حج خمسين حجة، وأنه لا يأكل لأحد شيئا ويحقر أمره في أثناء ذلك، وينسب إلى نفسه عدم العقل، ويتلو في غضون ذلك آيات من القرآن في مواضع شتى أوجبت عندي الظن أنه يحفظ القرآن، فذكر له عبد القادر الطرخانى أنه يريد الحجّ وأنه يخشى من شبق به قد آذاه، فكتب له على أربع خوصات أو خمس شيئا (٤٣٦).

وأمره أن يحرق الخوص ويضم ما تبقى منه النار ويصحنه ويجعله على وسطه في خرقة، فتمادى وشكى إليه صهرى صداعا يجده فأمره بكتابة تسعين صادا وقوله تعالى (٤٣٧) ﴿أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ﴾ إلى آخر الآية، وأن يضع الورقة التي كتبها فيها على جبينه ويضع بين حاجبيه قليلا من المر.

فسألته هل سمع شيئا من الحديث وهو صغير أو سمع أحدا من أهل الخير [ينشده] شيئا من الشعر ينشدناه، فلم يخبرني عن «الحديث» بشئ، وحقر «الشعر» وأشار إلى


(٤٣٥) الأرجح أنه خامس عشرى الشهر. انظر الحاشية السابقة.
(٤٣٦) جمله غير مقروءة في الأصلين.
(٤٣٧) قرآن كريم، سورة الفرقان، آية ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>