للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال «ومن محبتي في الحديث وإيثارى له أنه كتب لي وصول بجملة كبيرة على تسوية النطرون (٤٥٠) ببلاد البحيرة فكنت أريد الاغتنام بالسماع لظني أن المال يفوت ففات ولم أتأسف عليه».

حج سنة سبع وسبعين وسبعمائة، ثم توجه في القابل مع السلطان الأشرف شعبان ابن حسين، فلما رجع من العقبة رجع معه ثم حج بعد تلك السنة، وسافر إلى دمشق مع الظاهر ططر (٤٥١)، وزار القدس والخليل، ودخل إسكندرية، ولم يتفق له السماع إلا بالقاهرة.

وهو رجل جيد خير، عنده محبة للعلماء والصالحين وعليه سمت أهل الخير، وهو معتقد عند أهل طائفته ومن يعرفه. يستحضر كثيرا من الحديث وغيره، وذهنه جيد ومع حبه للصوفية فليس بمتعصب بل إذا قدح له في أحد يقادح قبله. وله منزلة عند الملوك وغيرهم.

رويت له مرائي جيدة، وحكى لي هو أنه رأى النبي مرارا منها أنه رآه وهو راكب شيئا لا يعلمه غير أنه على صفة البراق فوق الحمار ودون البغل، وهو أحسن ما يرى من الرجال، قال: فوصل إلى زحام فقلت حاشاكم، فالتفت إلىّ وقال: لا تقل حاشاك ولا إليك، ثم قال لي في بعض الطريق ادع لي فوقع في خاطري في تلك الحالة أن الدعاء له هو الصلاة عليه ، ففارقته. ولم أعلم أصلّيت عليه أم لا.

ومنها أنى قرأت في رسالة القشيري من صفته أنه «كان يقم (٤٥٢) البيت ويخصف النعل» فلما نمت رأيته فقال: يا حسن: بث محاسنى بين الناس وكأنه


(٤٥٠) وادى النطرون: ورد في «معجم البلدان» أنه ينسب إلى هبيب بن مغفل الغفاري الصحابي وقال المقريزي في خططه: وادى هبيب هو وادى النطرون ويعرف ببرية شيهات وببرية الأسقيط وبميزان القلوب، وبه عدة أديرة، وورد في الانتصار محرفا باسم «وادى هيت» وهو من أعمال البحيرة، القاموس الجغرافي ق ١ ص ٤٧٤.
(٤٥١) الظاهر ططر: هو ططر بن عبد الله الظاهري كان من مماليك الظاهر ثم صار في خدمة ابنه الناصر إلى أن خرج إلى حلب ثم أصبح أمير مجلس. قدم إلى مصر مع المؤيد واستمر في خدمته.
كان يحب العلماء سخى العطاء [لهم] وتولى السلطنة يوم الجمعة تاسع عشرين شعبان سنة ٨٢٤ ومات يوم الأحد خامس ذي الحجة من نفس السنة فمدة سلطنته خمسة وتسعون يوما. انظر ابن حجر: إنباء الغمر ٣/ ٢٥٧ - ٢٥٨ (تحقيق حسن حبشي).
(٤٥٢) من صفات الرسول روى أبو سعيد الخدري أن الرسول كان يعلف البعير ويقم البيت ويخصف النعل». الرسالة القشيرية، تحقيق د. عبد الحليم محمود، ص ٤٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>