قاضي القضاة ولى الدين العراقي، وقاضي القضاة شهاب الدين بن حجر، وسمع على الشرف بن الكويك، والولي العراقي، والجمال الحنبلي الجندي، وشمس الدين الشامي وغيرهم من أهل الطبقة فأكثر جدا. ودرّس في القاهرة بعدة أماكن ولازمه الناس جدا، فانتفع به خلائق. وهو رجل خيّر زاهد، مؤثر للانقطاع عن الناس والعفة والتقنع بزراعات يزرعها، ولم يحصل له إنصاف من رؤساء الزمان في أمر الدنيا، وعنده رياضة زائدة، وصبر على إشغال الناس، وغيرة وطلاقة لسان، وله نظم جيد ولم يفتن الناس بالتصنيف.
أجاز باستدعائي، سمع المسلسل بالأولية على الزين أبي بكر بن الحسين المراغي المدني، أنبأنا الميدومي بسنده كما بخط شيخنا رضوان، وقرأ كتاب الثبات عند الممات لابن الجوزي، على: الشرف ابن الكويك بإجازته، إن لم يكن سماعا من الصدر الميدومي بسماعه للجزء الأول على: النجيب الحراني بسماعه لجميع الكتاب على مصنفه.
أنشدني من لفظه لنفسه في يوم السبت (١) خامس عشرى ذي القعدة سنة خمس وأربعين وثمانمائة، يمدح قاضي القضاة ابن حجر ويلوح له بالبيت الأخير منها بقضية استعان به فيها:
آيا من بأمر الله والحق يصدع … ومن لجميع الناس كالغيث ينفع
ويا من لآثار الرسول محمد … غدا وحده عنها يذب ويدفع
ويا شافعيا في زمانك أوحدا … فتاواك قد شاعت فلا تتقنع
ويا حاكما أضحى إماما وقدوة … عفيف تقي زاهد يتورع
ويا قائما في الليل يحييه قانتا … بذكر وقرآن يصلي ويخشع
شهابا مضيئا بل وشمسا منيرة … تضيء الدياجي حين تبدو وتطلع
نواجيكم أمسى مجازا ومكرما … وعبدكم عبد السلام مضيع
لئن جدتم أو جرتم أو عدلتم … فإن ضميري عندك الدهر أجمع
فأجازه على كل بيت دينارا، وقضى الحاجة التي نظم ذلك بسببها.
(١) وفقا لجدول سنة ٨٤٥ هـ فإن يوم الخامس والعشرين يوافق يوم الجمعة، وليس السبت كما ورد بالمتن. انظر: التوفيقات الإلهامية، ص ٨٨١.