الحاجب، وبحث من التدريب إلى كتاب البيوع على مصنفه السراج البلقيني، وبحث بعض التلخيص على النظام التفتازاني، وبحث عليه في النحو أيضا.
ودخل في الفنون فلعب الرمح ورمى النشاب وصارع وحمل المقايرات، ولكن عنده ملل، إذا قارب أن يمهر في الشيء تركه وأقبل على غيره. وولى استيفاء خزانة الخاص، ونظر الاصطبلات الشريفة ونظر الخزانة الكبرى، ووالده كان ناظر الخاص وناظر الاصطبلات، وجده كان ناظر الخاص.
وحج مرارا عديدة جدا، أولها قبل هذا القرن. وسافر إلى حلب فما دونها، وتردد إلى إسكندرية ودمياط. وهو رجل حاد المرارة، سريع الجواب، حلو النادرة، يتوقد ذكاء، ويسهل عليه إظهار ما في نفسه من المعاني بعبارة رشيقة، ويذكر عنه.
أنشدني من لفظه لنفسه يوم الجمعة ثاني ذي الحجة سنة أربعين وثمانمائة، بالبرابخية من بولاق بشاطئ النيل، في السعد والفخر ابني غراب، وقد لبسا تشريفين في يوم واحد نظر الخاص والوزر، فقال: [الطويل]
لقد شرف التشريف يوم لبسته … كما شرف السيف الحميلة والقدا
فاسلم ودم وارقى على رغم حاسد … معنى كئيبا يحسد الفخر والسعدا
وقال مواليا في مليح أزرق العينين، وأنشدنيه في اليوم والمكان: [البسيط]
نبال لحظ الرشا في وسط قلبي مرق … ما البيض ما السمر ما سودا الزرد والدرق
عاشقك أصفر مململ لهجته في الطرق … عذار أخضر وخد أحمر وعينين زرق
ولعمري إن صاحب هذه الترجمة لجدير بأن يوصف بهذين البيتين، وما أظنهما قيلا إلا في جده فكأنه درب هذا الأمر كابرا عن كابر: [الرجز]
قلت: لتاج الدين في خلوة … وقد علاه عبده الأكبر
التاج يعلو فوق غيره؟ … قال: نعم ياقوت أو جوهر
وأن ينشئ له حتى ينتشي هذه القصة التي أنشأها بعض الأدباء: وهمّ المملوك فلان يقبل اليد الفلانية، كثر الله عبيدها، وضاعف خدمها، وأضعف حسودها، وينهى بعد