للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فوقه، وكان هذا في بيت أيتمش. فاتفق أنهم حضروا يوما في بيت نوروز فأراد أن يجلس فوقه فلم يمكنه الشيخ عبيد الله، وقال له: إنما أخذت منك العوض على الجلوس في بيت أيتمش، وأما غيره فلا، وإن كنت تريد ذلك فجدد عوضا.

وحكى الشيخ شمس الدين القاياتي أن الشيخ عبيد الله كان شافعيا وكذا أسلافه، ولبعض آبائه مصنف في مذهب الشافعي؛ وذلك أنهم من أردبيل (١) وهي بلد الشافعية، وأنه إنما تحنف على يد يلبغا؛ وذلك أن يلبغا كان يقول: من ترك مذهب الشافعي وتحنف أعطيته خمسمائة وجعلت له وظيفة، ففعل ذلك جماعة منهم هو، ومنهم الشيخ سراج الدين الذي اشتهر بقارئ الهداية.

وحكى أن الشافعي رؤي في المنان معه مسحاة (٢) فقيل: ما تفعل؟ فقال: أخرب الكبش، هو بيت يلبغا. فنكب يلبغا وخرب بيته إلى الآن.

وحكى لي القاضي بدر الدين-المشار إليه-مما شاهده من رياضة قاضي القضاة ابن حجر ودهائه، أنه كان في زمن الأشرف عند ولي الدين بن قاسم مولد، ودعي قاضي القضاة ابن حجر، وكان القاضي علم الدين صالح بن السراج البلقيني قد حضر لحاجة، وكان جالسا إلى بعض المخدة. فلما جاء ابن حجر توسط المخدة وأسند ظهره إليها، فجلس ابن حجر دونها ولم يتأثر، وأنصف في السلام، فلما جلس أدخل يده من ورائه وأمسك أذن المخدة من حيث لا يشعر أحد، وشرع يخصه بمزيد سلام، فأجابه وانحنى معظما له، فجذب ابن حجر المخدة بسرعة لم أر مثلها، فصارت خلف ظهره فاستند إليها، وشرع يكمل بقية كلامه وهو مستند. فلما رأى القاضي علم الدين ذلك انزعج واستخفه الغضب إلى أن قام من هناك، فجلس على حافة الإيوان، فقمت أترضاه فلم يعد، وجاء صاحب المنزل فلم يفد. فلما أرادوا مد السماط تحير صاحب المنزل، وألححنا عليه في السؤال أن يقوم إلى مكانه لأجل السماط فلم يفعل، وقال: اجعلوه قدامي. فلما أيسوا منه ذهبوا فمدوه قدام ابن حجر، فلما وضعوا بعضه قام ابن حجر وقال: نحن نذهب إلى عند قاضي القضاة. وأتى إلى عنده فنقلوا السماط ومدوه هناك، وهذه من أغرب الحكايات.


(١) أردبيل: بالفتح ثم السكون وفتح الدال وكسر الباء وياء ساكنة ولام، من أشهر مدن أذربيجان. انظر: معجم البلدان ٣/ ١٤٥ - ١٤٦.
(٢) المسحاة: هي المجرفة من الحديد. انظر: لسان العرب (مسح).

<<  <  ج: ص:  >  >>