للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحج مرارا، أولها سنة سبع وثمانمائة وجاور، وناب في القضاء بالقاهرة للمجد سالم ومن بعده، إلى أن توفى ولده بدر الدين محمد في الطاعون سنة إحدى وأربعين، فتأسف عليه كثيرا، وعفت نفسه عن الدنيا فعزل نفسه وترك هذا الباب.

فلما مات قاضى القضاة محب الدين بن نصر اللّه البغدادي، كان أحد من عين لقضاء الحنابلة، فأبى ذلك أشد إباء، فلما ولى قاضى القضاة بدر الدين البغدادي كان يتردد إليه ويعينه على ما قلده، فسأله أن ينوب عنه وألح في ذلك، فامتنع.

وهو رجل خير نصوح عفيف، قد سلم المسلمون من لسانه ويده، يحفظ كتبه المذكورة حفظا جيدا ويستحضرها عند الحاجة، وله بالفقه ملكة قوية، وتصرف حسن؛ حتى حدثني جمال الدين يوسف بن قاضى القضاة محب الدين بن نصر اللّه البغدادي أن أباه ألقى في الدرس مسألة، فسكت الحاضرون، فقال القاضي نور الدين: هذه المسألة تخرج على ما قالوه في مسألة كذا، فقال له (١): أحسنت، أنت فقيه الحنابلة. وأخبرني القاضي نور الدين وهو ثقة ثبت، أنه سمع على البرهان الشامي، والزين عبد الرحمن بن الشيخة، والشرف بن الكويك، ثم رأيت سماعه لجميع صحيح البخاري على العلامة برهان الدين إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد الشامي، والمجلس الأخير وأوله: باب «وكلم اللّه موسى تكليما» بمشاركة المشايخ: الحافظ الزين عبد الرحيم بن الحسين العراقي، والنور علىّ بن أبي بكر الهيثمي، والتقىّ أبى محمد بن عبد الرحمن بن حيدرة الدجوى، الشافعيين بسماع الشامي بجميع الصحيح على أبى العباس أحمد بن أبي طالب الحجار. أنبأنا الأشياخ الأربعة، وابن الزبيدي سماعا، والقطيعي والقلانسي وابن اللتي إجازة، وبسماع العراقي على الشيخين: الحافظ قاضى القضاة علاء الدين علي بن عثمان بن مصطفى التركماني الحنفي، والمسند أبى علىّ عبد الرحمن بن عبد اللّه بن يوسف الأنصاري ابن شاهد الجيش.

[ومات في يوم الخميس حادي عشرى شهر ربيع الأول سنة إحدى وستين وثمانمائة، بعد أن هرم وانقطع في البيت أشهرا، وصلّى عليه في باب النصر ودفن بتربة والده قرب سويقة الدريس] (٢).


(١) أي: محب الدين بن نصر اللّه البغدادي.
(٢) ما بين الحاصرتين إضافة من المعجم الصغير، ص ١٩٦. وانظر أيضا: الضوء اللامع ٦/ ١٦، وفيه أنه مات في ليلة الخميس ثاني عشرى ربيع الأول … ، ودفن بتربة الشيخ نصر خارج باب النصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>