للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلى أن قلت:

وكذا الرباط القسور البطل الذي … كان الزمان يراه فردا نادره

ستون خيالا أتت لنزاله … في حرب حلوا والأناسى ناظره

ضربوا عليه سرادقا من خيلهم … فكأنه قطب بوسط الدائرة

فأرداهم حد الحسام وعزمه … فأعاد كرّتهم لديه محاسره

لم يستطيعوا من أذاه وله … وعدا على الشيباء منهم فاجره

قرأ والدي من آخر القرآن إلى سورة الجاثية، وكان شهما مهيبا شجاعا بأحسن الشكل والهيئة والبزة، كريما مع خفة ذات يده جدا، يقول الحق وإن كان مرا، أكثر التفتيش على دينه، يكثر مخالطة الفقهاء وأهل العلم وينتفع بسؤالهم له، علم بأخبار أهل الزمان ومداخلتهم لا سيما الأتراك، وله قدرة على إبداء ما في ضميره بأحسن عبارة. وكان كثير الأسفار جدا، سليم الصدر ليس في قلبه غش لأحد ولا حسد، مع كثرة الحذر وحساب العواقب وعدم الاغترار، لا يكترث بقلة الرزق وشدائد الدنيا. كنت أسمعه كثيرا يتمثل بهذه الأبيات:

وكل الأمور إلى القضا … ء ولا تكن معترضا

فلربما اتسع المضي … ق وربما ضاق الفضا

ولرب أمر متعب … لك في عواقبه رضا

اللّه يفعل ما يشا … ء فلا تكن معترضا

سمعته يحدث أنه كان مارا تحت قلعة دمشق، فإذا هو بشيخ هم بدأ يدعوه، قال:

فدنوت منه، فقال لي: يا فلان-غالب ظني أنه سماه باسمه-يعيش لك ولد ذكر تنتفع به بعد موتك. قلت: ولقد كان الأمر كذلك إن شاء اللّه. فإني لم أزل كثير الدعاء له وإخوته وجميع أقاربه، والتضرع إلى اللّه تعالى أن يعفو عنهم، ولقد تحقق فىّ ذلك في أبى إن شاء اللّه، فإني رأيته بعد قتله بمدة طويلة مكتوفا فأطلقته، والمعهود من فضل اللّه أنه إذا قبل شيئا قبله كله؛ فإنه كريم، وقد كان الدعاء لكلهم وعفى عنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>