من ذا له صبر وقد عرف العلا … وجبينك الوضاح مثل العاج
يا قبلة اللاجين في حاجاتهم … يأتوك مثل البيت كالحجاج
نال الجميع جزيل أنعام وقد … أكرمتهم باللطف لا الإزعاج
قالوا: جميع مأرب وفضائل … وفواضل أغنت عن الإحواج
فرح الأنام إذ الإمام أقامكم … كالقوس للرامى بلا إعواج
يا من يمنع وصلة تمثاله … من غير ما ذنب ولا إحراج
كن حاكمى بيني وبينك واحتجج … عنى وإلا فانتصب لحجاجى
وانصف وأنصت ثم أنت محكّم … بين اكتئابى فيك والإبهاج
واللّه لم يفرح حبيب مثل فر … حي وقلبي طاب من إخراجى
فلكم رماني بارز وبهيمة … بسهام إفك كي يروا إشحاجى
لم أفعلن ما يقتضى هذا الجزا … لكن لأجل الصهر والحجاج
غلبت سعودى باذن ربّ قادر … وانفك ضيق النفس بالإفراج
قهر يصيبك والبديع وكن به … في شرح صدر وانبسط بنضاج
وابدل لجود زائد في عادة … فالوقت وقتك ما له من هاجى
يا حسن تهنئتى أتت في ليلة ال … عشرين في رجب مع المعراج
بسماط حلو مع صنوف ركّبت … بمسير لوزينج فسكلاجى
وجمعت أصحابا وأحبابا على … ما سرني كالصبح في إيلاج
والخلق يأتوني يهنوني بما … قد أنعم المولى ومنع هجاجى
فاسلم ودم في رفعة مع ناظر … لجيوشنا في صحبة الأمشاج
وعليكما أزكى السلام ورحمة … ما حن مولود إلى الإملاج
هذه القصيدة بكمالها لم أسقط منها بيتا؛ لأنه لا يوجد في الأسمار المضحكة مثلها.
ولما كان يوم السبت رابع شعبان سنة ست وأربعين لقيته عند أصهاره بالقاهرة، فأملى علىّ هذه الترجمة. وهو غاية في الكذب فلا يعتمد منها إلا على ما هو مشهور من غير جهته. وقرأت عليه حينئذ هذه القصيدة، فكان يترنم لها، ويظهر عليه الفخر بها والإعجاب المفرط وقال: بأي شئ ينبغي أن يقابل من هذا نظمه ومدحه. أو نحو هذا من الكلام بحيث أنى كنت أهلك من غلبة الضحك ولا أستطيع أن أضحك من الحياء.