للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأفسدوا، فذبحناهم لك لأنهم حلو بإفسادهم علينا. فتوجه إلى بلد ذلك الشخص ومعه دراهم فطلب جيرانه، وسألهم عن ذلك ليعطيهم الثمن، فلم يجد لذلك صحة.

قال: كان للشيخ الجليل عمر الطرينى (١) علامة يعرف بها القبول عند زيارة الصالحين؛ وهي أن يشم رائحة طيبة، فاتفق أن زار بعض الصالحين وأنا معه، فذكر ودعا فلم ير العلامة، فأعاد ذلك فلم يرها، وكان قد كف، فقال: انظروا من حرمنا بسببه ممن معكم، عدّوهم لي، فشرعوا يقولون له: فلان، فيفكر ساعة، ثم يقول: ومن هو؟ على ذلك حتى قالوا له: ولدك أحمد، فقال: به حرمنا، أخرجوه أو يتوب إلى اللّه تعالى. قال:

فلما خرجوه، قال: شموا. فشمّينا رائحة طيبة جدّا.

وحكى؛ أنه رأى حمارة ولدت عجل بقر لكنه لم يعش، وسبب ذلك: أن الحمير يكون حملهم سنة، والبقر أقل من سنة، فوضعته لأقل من سنة. قال: وكان عندنا جمل سيء الخلق جدّا لا يستطيع أحد الدنو إليه، أراد قتلى ثم قتل الجمّال فبعناه، فقطره الذي اشتراه بين جملين شديدين، فتوجه إليه جمّالنا بعد أيام لينظر حاله، فرأى صغيرا يعلفه، فلما رآه شرع يحن إليه ودموعه تسيل.

كتبت إليه من المحلة بعد ما ودعته في سمنود:

لما حثثت من المطايا عيسا … هطلت دموعي من فراق عيسى

ذاك الذي أحيا المكارم بعد ما … درس [الفلاوة والزمان] (٢) دروسا

قد أسست رتب السخا أجداده … طالت على رتب الورى تأسيسا

وردوا صفاء مناهل بنديها … ولوائها قد أكثروا التقديسا

شربوا مع القوم الذين هم أهم … لما تداولت الرؤوس كئوسا

على أعلى هل سقاهم عندما … للغير أسكرت الكؤوس رءوسا

رقت معيشتهم وراق شرابهم … فمقامهم أبدا غدا مأبوسا

أعطاهم الرحمن … أعلى الجنان وأحسن التأنيسا

هم صححوا فتح العيون برفقهم … علم الهدى مذ كسروا إبليسا

بدرا حيال العابدين بوصلهم … وغدوا لقطع الجاحدين كموسى


(١) هو: الشيخ عمر بن محمد، السراج الطرينى، كان فقيها زاهدا، يعرف بالعلم والصلاح، مات في يوم الاثنين ثامن عشر ذي الحجة سنة اثنين وثمانمائة، وقيل سنة عشرين. انظر: الضوء اللامع ٦/ ١٣٦.
(٢) في السليمانية: العلامة الزمان، والمثبت من الضوء اللامع ٦/ ١٥٦، وهو الصحيح معني ووزنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>