للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان قاسم نزيلا للقاضي نور الدين بن مفلح ناظر المرستان المنصورىّ، وكان ابن مفلح من أعضاء مجلس القاضي ناظر الجيش عبد الباسط بن خليل الدمشقي، وهو قليل البضاعة في العلم بل عديمها، ومع ذلك هو عريض الدعوى. وهو من دواهي العالم فربما غطى دهاءه وحسن تأتيه في الكلام جهله على مثل ناظر الجيش، فيسوء ذلك من عنده طلب من جلساء ناظر الجيش؛ فينتدبون لإظهار جهله، فيسألونه مسائل، فيتخلص منهم بكل طريق ممكن، ومن التجانب يقول لهم: حتى نكشف. ثم يأتي الشيخ زين الدين قاسم فيخبره الخبر فيجيب له عن ذلك، فيذهب به إليهم من الغد. فأخبر القاضي ناظر الجيش بالشيخ زين الدين فكان يقول: من العجائب أن ابن مفلح عنده كتاب ابن أم قاسم يكشف منه كل شئ في الدنيا من النحو والفقه والألغاز وغيره، وهذا من العجائب.

يشير بذلك إلى الشيخ زين الدين. فمن جملة ما سأله سيدي يحيى قوله:

نظري فقحة الصبى حلال … وكذاك اجتماعنا للجماع

ويجوز النكاح في الحجر شرعا … للنسا والشباب بالإجماع

فقال الشيخ زين الدين: يحتمل أن يكون الصبى ممن لم نعتبر عورته عورة، أو أن الفقحة راحة الكف، قاله في القاموس. والجماع القدر العظيمة، قاله في الصحاح. على أن لفظة «نا» التي هي ضمير المتكلم لا يلزم أن يكون المراد بها المتكلم والصبى، بل المتكلم، ومن يحل له وطئها، والحجر النار، ويجوز فيه الشباب والنساء بشروطه. قال: ثم نظمت هذه الأبيات وأرسلتها، فلم يحصل عنها جواب:

قل لمن كان في الورى ذا اطّلاع … واعترف بالخلف والإجماع

أىّ عضو من بعض أعضاء وضوئى … قائم سالم من الأوجاع

غسله لا يجوز والمسح أيضا … ................. (١)

كذا إن يمّمته ليس يجزى … لانعدام الشروط والأوضاع

فأبن ذا بقيت في كلّ خير … وبلغت المنى بغير دفاع

[ومات بعد أن ظهر عليه الهرم جدا في ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وثمانمائة] (٢).


(١) بياض في السليمانية.
(٢) ما بين الحاصرتين إضافة من المعجم الصغير، ص ٢١٦. وانظر أيضا: الضوء اللامع ٦/ ١٨٩، وفيه أنه مات في ليلة الخميس رابع ربيع الآخر؛ حوادث الزمان ١/ ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>