ومدح قاضى القضاة شيخ الإسلام ابن حجر لما ولى سنة أربع وثلاثين، وأنشده ذلك بالخانقاه البيبرسية يوم الثلاثاء، عقب إملائه، وسمعتها من لفظه حينئذ وقال:
صفا العيش من بعد التنغّص والكدر … وبعد الخفا نجم السعود لقد ظهر
وأصبح ثغر الدهر بالبشر باسما … كما افتر زهر الروض لمّا بكى المطر
ونادى مناد بالمسرة معلنا … فسار الهنا والبشر في سائر البشر
وقال: فريد الدهر قد ولّى القضا … وولى القضا لما قضى زائد الوطر
هو الحبر والبحر الذي ورده صفا … ووارده من غير نهل فما صدر
هو الكهف للعافين والنور للهدى … هو الليث في علم فكم صاد من زمر
مهذب خلق عمدة لفظه شفا … ومنهاج هذا الدهر في العلم والخبر
ويأمر بالمعروف في حال حكمه … لعمرك ما أحلاه يوما إذا أمر
إمام له وجه حكى البدر طلعة … وكف حكى نهرا تفجّر من حجر
فأحمده والحمد للّه دائما … وشافعه في الحشر أحمد من شكر
وكتب له قصة، أنشدنيها في صفر أو ربيع الأول سنة أربعين وثمانمائة بجامع الأشرف:
يقبل الأرض مملوك بخدمتكم … له الفخار إذا أضحى من الخدم
وبعد ذلك ينهى أن مسكنه … بوقف يشبك يا من بالعطاء سمى
خمسون درهم سلخ الشهر أجرته … وإنه عاجز عنها أخو عدم
وقصده منك مرسوم ليمنعها … فمنعها عنه فيه الأجر فاغتنم
إن شئت فافعل وإلا جد له كرما … في كل شهر بها يا معدن الكرم
وكلما قرأ القرآن يعقبه … من الدعاء لكم في الضوء والظلم
فلا تجبه ب «لا» لكن ب «بلى» و «نعم» … أبقاك ربّى في عزّ وفي نعم
فلما أنشده: إن شئت فافعل-البيت-ضحك ووقع له على القصة لتحط عنه الأجرة ولا يعارض في ذلك.